طالب المترجم بشير السباعى، النائب العام المستشار عبد المجيد محمود، بالنظر فى واقعة رشوة أمريكية تورطت فيها على حد زعمه البرلمانية السابقة 1990.
وقال السباعى خلال ندوة التى أقامها صالون المركز القومى للترجمة أمس، لمناقشة كتاب " حكم الخبراء" الذى ترجمه السباعى إلى العربية إن مؤلف الكتاب تيموثى ميتشيل ذكر واقعة الرشوة فى صفحة 381 من الكتاب.
وقرأ السباعى الفقرة التى تقول: "أن شركة لوكيد وافقت عام 1990، على دفع رشوة قدرها مليون دولار لسيدة عضو فى البرلمان المصرى"، يشار إلى إسمها فى الهامش، وأوضح أنه لم يترجم الهامش إلى العربية لأن أى قارئ يستطيع قراءته وفهمه، وكى لا يلجأ أى شخص لسكك "ورائية" وينسب للمترجمين شيئا ما.
وأضاف السباعى: النيابة الأمريكية حققت فى الموضوع، وعندما أكتشف مراقبو الحسابات بالبنتاجون الرشوة، توقفت شركة " لوكيد" عن دفع الرشوة مؤقتا، مما يعطى إنطباعا بحجم الصفقة، التى كانت نظير إقناع البرلمانية للسلطات المصرية، لشراء ثلاث طائرات نقل من طراز " هركوليز 130 التى تنتجها شركة لوكيد. وقال السباعى أن الشركة عادت بعد ذلك ودفعت الرشوة ، تحت غطاء رسوم تخليص.
شارك فى مناقشة الكتاب الدكتور خالد فهمى رئيس قسم التاريخ بالجامعة الأمريكية، والدكتور مصطفى كامل السيد أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية. وتحدث الدكتور خالد فهمى قائلاً إن هذا الكتاب يعد أهم كتاب ظهر فى حقل الدراسات بالشرق الأوسط، ولا أظن أنه لا يوجد شخص فى جيلى من الأساتذة ، لديه القدرة على التحليل والتنظير والكتابة بشكل سلسل مثل " تيموثى ميتشيل".
وأشار فهمى إلى أن نشر كتاب " حكم الخبراء" لميتشيل بالعربية، حدث ثقافى من الطراز الأكبر، خاصة مع الترجمة الرائعة لشريف يونس وبشير السباعى.
وأضاف: لن أبالغ إذا قلت أن تكوينى الثقافى والفكرى لعب فيه ميتشيل دورا كبيرا ، مثل غيرى من المؤرخين، والعاملين فى العلوم الاجتماعية، وأعنى تحديدا كتابه الأول " استعمار مصر" الذى قام بترجمته " أحمد حسان" و" بشير السباعى".
ولفت فهمى النظر إلى أن كتابى " استعمار مصر" و" حكم الخبراء" كان لهما تأثير على سمعة مصر مثل ثورة 25 يناير، حيث كان هذا التأثير إيجابى، فهناك ناس تقبل على دراسة مصر، ولم تكن تنوى دراسة المنطقة، أو مصر، إلا بعد الاسهامات العميقة لميتشيل فى هذين الكتابين.
وقال فهمى:القيمة الحقيقية فى كتاب ميتشيل الأول" استعمار مصر" أن ميتشيل يحثنا على أهمية التحليل الأكاديمى، حيث يتحدث كتابه عن أساليب التحليل، وآليات التفكير.
وتحدث خالد فهمى عن ظهور الملكية الفردية، مشيرا إلى فصل فى الكتاب، "حكم الخبراء" لافتا إلى ظهور الملكية الخاصة، والتى تعرض لها ميتشيل فى الكتاب، متابعا: ظهور العزبة كنمط لإدارة العملية الزراعية، لم يكن نتاج إندثار طبقة ملاك معينين، يؤكدون على حقهم فى الملكية الفردية، لكنه كان إلزام، تم تكليفهم به من قبل الدولة، مضيفا: عملية القهر والظلم التى وقعت على الفلاحين، كانت جزء من محاولة ميتشيل للتأخير لهذه العلاقة القانونية الجديدة.
وأكد فهمى على غياب مفهوم إنتاج المعرفة عن الحياة الأكاديمية فى مصر، حتى عن الجامعة الأمريكية، مشيرا إلى أن ذلك يشكل ثغرة فى معرفتنا عن التعريف.
وتحدث الدكتور مصطفى كامل السيد، مشيرا إلى أن ميتشيل يركز نقده على مدرسة الحداثة، ومنها مفاهيم العقلانية والعلم والاستنارة، والاقتصاد، ومفهموم الطب الحديث والتكنولوجيا، حيث أن الحداثة تتضح تجلياتها فى كل هذه المفاهيم، فميتشيل حاول معرفة هذه الاتجاهات، ومعرفة أثر العقلانية الاقتصادية، على المجتمع، ومن ذلك فقر عدد كبير من الفلاحين، وخروجهم من الاكتفاء الذاتى.
وأشار مصطفى كامل إلى أن القادة الذين حكموا الدولة العثمانية فى آخر سنواتها، ساهموا فى بعث فكرة الدولة المصرية.
وتحدث المترجم شريف يونس مشيرا إلى أن عملية إنتاج الواقع، هى نفسها عملية إنتاج المعرفة بالواقع، مشيرا إلى أن ما يطرحه ميتشيل فى الكتاب، مشوق وممتع، لأنه يطرح على الباحثين فى العلوم الاجتماعية، إعادة النظر فى مسلماتهم، الذين يرونها فعل فى الواقع، ليس استقراء لهذا الواقع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة