حمدى خليفه

كيف نبنى الأمجاد؟!

الإثنين، 23 مايو 2011 07:10 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حينما هلّ هلال ثورة يوليو 1952 وحكم الشعب المصرى نفسه بنفسه، وتم طرد الملك الفاسد عبر شواطئ الإسكندرية، جاءت ثورة الإصلاح الداخلية بفرض قوانين استثنائية تعود بالنفع على الشعب كله.. فأصبح الفلاح مالك زمام أرضه التى يزرعها بالسخرة عند الباشوات حائزاً لها يدفع الإيجار بنظام الضريبة.. وهذا الأمر كما كانت له مميزاته عند مشرق الثورة، أتى ضبابه بعد قرابة الخمسين عاماً وأضحى ملاك الأرض خدماً عند زارعيها.. بعد الملاليم التى يحصلون عليها كل عام مرة واحدة.. سواء دفعة واحدة أم على أقساط.. فما كان إلا النظر وبحث الملف كلية والانتهاء إلى تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر عبر فترة انتقالية مدتها خمس سنوات ورغم حدوث بعض المناوشات فى بعض القرى إلا أن الأمر تم بنجاح وعادت الأرض إلى مالكيها وورثتهم.. فمنهم من باع ومنهم من اشترى.. وتم طى هذه الصفحة كلية.. وبدأت ثورة يوليو فى النظر بعين الاعتبار إلى الشق الآخر من القوانين الاستثنائية وهو قانون الإسكان فنصوص القانون المدنى العام أن العلاقة بين المالك والمستأجر هى علاقة حرية تتيح لأى طرف إبرامها حسب رغبة الآخر فى مدة لا تتجاوز الـ59 سنة وكلمة المشهرة "تعتبر وضعا استثنائيا بقانون أى أن المستأجر يحق له الانتفاع بالعين مادامت قائمة ولورثته.. ففى صعيد مصر وبالتحديد محطة قطار "السايح" وهو شهيد مصرى فى حرب 48 برتبة صاغ تابعة لمركز المراغة، قام فلاح بتأجير غرفتين فى داره لناظر هذه المحطة المغترب وبعد مرور سنوات لم يستطع التخلص منه ولم يكن هناك عقد يحكم هذه العلاقة، ولكن شهادة الشهود كانت العقد.. ففى هذه البلدان المصحف فى مكتب المأمور ودوار العمدة واليمين على من أنكر والبينة على من ادعى.. وظل ناظر محطة السايح ردحاً طويلاً من الزمن مسمار جحا فى بيت الفلاح، الذى لم يخلصه منه سوى الموت الزؤام.. وحينما حاولت الحكومة علاج هذا الأمر ضحت بالأم والجنين فى سبيل إبراء ذمتها.. فعلى يد الدكتور الجنزورى صدر القانون 4 لسنة 1996 بأحكام العلاقة الإيجارية فى الأماكن السكنية والتجارية بالقانون المدنى العام كلية ويعمل بالقانون منذ تاريخه وغضت الحكومة وقتها الطرف عن المساكن القديمة لاعتبارات كثيرة، أهمها أن 70% من الشعب يعيش بالإيجار وأى محاولة لدخول هذا المعترك سوف تقوم الدنيا ولا تقعد ويبول الحمام على الوتد وينزعج الجنين فى بطن أمه؟!.. أيضاً هناك كبار يحوزون شققا بإيجار لا يجاوز الخمسة جنيهات فى جاردن سيتى والقصر العينى والمهندسين مثلاً.. إلى درجة التحايل على الساكن وإغرائه لترك شقته مقابل مادى مغرى فالشقة فى شارع أحمد عرابى بالمهندسين إيجارها لا يتعدى 150 جنيها بالنظام القديم وسعرها يصل إلى مليون جنيه حسب المساحة التى لا تقل عن 200 متر، فإذا تركها المستأجر يتقاضى نصف مليون والباقى للمالك أما المشترى فيقوم بتسويقها بنظام المفروش بـ 800 جنيه فى اليوم الواحد!! هذه أمثلة نسوقها من واقعنا المعاصر، ولكن علاج ذلك أمره يسير وهين أما الكارثة الكبرى فتتمثل فى القانون الجديد للإيجار الذى تسبب فى تشريد 70% من الأسر المصرية التى تعتمد على زواج أولادها فى نظام الإيجار المحدد المدة.. والمالك لا يعطى فترة أكثر من عامين وإن طالت لا تصل إلى خمسة.. فيزيد السعر من 500 جنيه بحدائق القبة إلى 1000 جنيه فى السنوات الأخيرة وينوء ذلك حمله على الشباب معدومى الدخل وليس محدودى الدخل.. فيترك الزوج بيته وتعود الزوجة لأسرتها مكبلة بطفل أو طفلين.. فأثبتت التقارير المؤكدة أن مصر شهدت العام الماضى 18 ألف حالة زواج و17 ألف حالة طلاق 70% منهم بسبب المسكن الذى يولد عنه صراع واللجوء إلى محكمة الأسرة التى أوجدتها سدنة الحكم السابق لسرعة الفصل ووجود حلول عادلة فى مصلحة الزوجة والزوجة الأم.. وفى عودة نظام الإيجار لمدة أطول تصل إلى 59 سنة فى بعض الأحيان.. الحكومة الأسبق كانت ترتعش يدها عندما تحاول الاقتراب من قانون المساكن وتفكر ألف مرة قبل الحديث عنه أو الدخول فى معتركه؟! ولكن معالجة قانون الجنزورى واجبة قبل الدخول فى النظام الذى سبقه وضرورة فرضية المدة الطويلة بنظام إيجار متوازن غير مغالى فيه حتى تستقيم الأمور.. واقترح بالنسبة للمستأجرين بالنظام الجديد أن تمتد عقودهم حتى 59 سنة بنفس القيمة الموجودة فى العقد بزيادة سنوية 5% وذلك فى الشقق السكنية فقط ويكون المالك فى حل من هذا العقد متى تملك المستأجر فى أى بقعة أخرى.. ولدينا أجهزة حاسب كفيلة بتبيان كل الأمور.. بهذا الأمر سوف نحافظ على استقرار الأسرة المصرية وكيانها الذى قد يؤدى إلى تشريد الأطفال وتركهم على أبواب دور الأيتام.. القضية ليست بالهينة وليس أمام الحكومة ما هو أهم من استقرار الشعب وسكونه فى ظل ثورة أذهلت العالم كله، متحدثا كيف تنبى مصر قواعد المجد وحدها.. وقديما قالوا "ظل رجل ولا ظل حيطة" واليوم يقول ظل الرجل بدون حائط لا معنى له ولا قوة فالحيطة والحذر والحرص لا يغفل عنها أحد.. أما المساكن القديمة فتحتاج إلى سياف يبتر رقاب الشر بدون خوف أو ضعف.. مثل الجراح الذى يستأصل الورم من المخ ليعيش الإنسان وإن مات فأراحه الله من العذاب.. يجب تحرير العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر فى المساكن القديمة مثلما حررنا نفس العلاقة فى الأرض الزراعية وهذين القانونين من نواتج ثورة عبد الناصر فكما لهما أيضا عليهما وليسا قرآنا لا يمس، ولكنهما من أفعال البشر التى تقبل المناقشة والتغيير لصالح الجميع فكما كان لثورة يوليو بصمات يجب أن يكون لثورة 25 يناير نفس البصمات.

• نقيب المحامين ورئيس اتحاد المحامين العرب .





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة