قد لا يكون المشير حسين طنطاوى خطيبا مفوها يمتلك ناصية اللغة ويستطيع التلاعب بالعقول وإثارة حماس الجماهير، وربما يكون هذا هو السبب فى عزوفه عن الكلام، لكن الكلمة التى قالها مؤخرا فى حفل تخريج دفعة جديدة من كلية الشرطة كشفت عن سر التحضر والرقى وضبط النفس التى يتعامل بها المجلس العسكرى وعلى رأسه المشير منذ توليهم مهمة إدارة البلاد بعد إعلان تنحى الرئيس السابق حسنى مبارك عن السلطة.
ورغم محاولات "التسخين" والتحريض المستمرة التى يقوم بها بعض أصحاب الأقلام وضيوف برامج التوك شو من المتحذلقين ومحترفى إلقاء الزيت على النار والراغبين فى المعارضة من أجل المعارضة لدفع المشير وأعضاء المجلس العسكرى للتصرف بعنف مع السلفيين والأقباط وأصحاب الوقفات الاحتجاجية، لدرجة وصلت فى بعض الأحيان إلى اتهام الجيش بالتراخى بل وأحيانا بالتواطؤ، إلا أن طنطاوى وقادة الجيش المصرى العظيم يرفضون الانزلاق إلى استخدام العنف ضد أى فئة من فئات الشعب، حتى ولو اتسم أداؤها بالرعونة وعدم تقدير حساسية الموقف الذى تمر به البلاد وحجم الأخطار التى تحدق بنا والأصابع التى تحاول العبث بأمننا والنيل من وحدتنا واستقرارنا سواء فى الداخل أو الخارج.
فقد رفع طنطاوى ورجاله منذ اليوم الأول الذى قبلوا فيه تولى هذه المهمة الثقيلة شعار "الجيش والشعب يد واحدة"، وفضلوا أن يكونوا حراسا للوطن وليس حكاما له ، وأثبتوا أنهم أكثر ديمقراطية وسعة صدر من كثير من الغوغائيين الذين يتغنون بالحرية ليل نهار ثم يحرضون على اختطافها فى أول فرصة تسنح لهم ويستكثرون على غيرهم التمتع بها، رغم ما قد يصاحب ذلك فى بعض الأحيان من سذاجة أو اندفاعات غير محسوبة سببها سنوات طويلة من القهر والإحساس بالتهميش والهوان على الحكام.. وصحيح أن البعض أظهر درجة عالية من النفعية ومحاولة استغلال الظروف العصيبة التى تمر بها بلادنا من أجل الحصول على مكاسب فئوية أو امتيازات مهنية أو حقوق ضائعة أو مؤجلة، لكن ذلك لم يدفع المجلس العسكرى أو الحكومة للتخلى عن روح الصبر التى يتحلون بها ويصرون عليها رغم جوقة المحرضين وشلة الراغبين فى الشماتة وإراقة الدماء وتمزيق الوطن بدعوى الصرامة والحسم.. وكلنا يذكر كيف خرج هؤلاء ليندبوا ويشقوا جيوبهم حين فض الجيش اعتصاما محدودا فى ميدان التحرير واتهموه بتعذيب المتظاهرين واستخدام القوة المفرطة معهم، يومها خرج متحدث باسم المجلس العسكرى الحكيم ليعتذر عن هذا الحادث العارض ويعد بعدم تكراره..فالجيش هو الذى ساند هذه الثورة، ولولا موقفه الوطنى الشجاع لما نجحت ولما سقط النظام الباغى المستبد، وهو مصر على أن تظل يده بيضاء وصفحته ناصعة، وهو ما دفع المشير لتوجيه خطابه للشعب، مطالبا إياه بأن يحمى الثورة التى قام بها وكان صاحب الفضل الأول فى نجاحها، وألا يترك الفرصة لأعداء الشعب والمستقبل بأن يفسدوا فرحتنا ويضعوا العصا فى العجلة، ويئدوا أحلامنا فى مستقبل أفضل نستحقه ويستحقه أولادنا.. ألف تحية للمشير وقادة الجيش العظام.. وحمى الله الثورة والثوار.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة