"الاتفاقية الدولية للتنوع الثقافى".. هو اسم الاتفاقية التى وضعتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" عام 2005 برئاسة كويشيرو ما تسيرو لحماية التنوع اللغوى والثقافى من الآثار السلبية للعولمة.
ولم تمر مراحل وضع الاتفاقية التى تحتفل المنظمة بعالميتها اليوم فى سلام، ففور إعلان اليونيسكو عن رغبتها فى وضع نصوص تحمى التراث الإنسانى والشعبى للعالم أجمع، شنت دولتا الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل تحديدا هجوما حادا على تلك الاتفاقية على اعتبار أنها ستلحق الضرر بالاتفاقية العالمية لصناعة السينما والموسيقى الأمريكية وبحجة أنهم يخشون أن تُقيد الاتفاقية التجارة الحرة وتدفق الأفكار.
وقالت الولايات المتحدة وقتها إن اليونسكو لا تتمتع بسلطة تتيح لها ضمان تنفيذ الاتفاقية وأن مشروع المعاهدة حول حماية التنوع الثقافى تشوبه عيوب، وإن المسئولين على استعداد لبحث تعديلات من شأنها أن توضح حالات الغموض التى قد تفضى إلى إساءة الاستعمال من قبل الحكومات، ولكنها أصبحت معزولة بعد أن أخفقت فى حشد التأييد لسلسلة من التعديلات التى اقترحت إدخالها على الاتفاقية.
وخشت أمريكا من تطبيق الاتفاقية خاصة وأنها مليئة بالعيوب الكثيرة ولا تتفق مع واجب اليونيسكو الدستورى لتشجيع التدفق الحر للأفكار عن طريق الكلمة والصورة وبناء عليه أعلنت الولايات المتحدة وقتها أنه لا يمكنها أن تدعم النص المبدئى للمعاهدة بسبب الالتباس التى تتسم به مما قد يؤدى إلى استخدام المعاهدة للحد من التبادل الثقافى والحرية الفردية، وقد يساء استعماله من قبل حكومة ما كمبرر لتبنى سياسات وإجراءات تحمى ثقافة الأغلبية وتروج لها ضمن أراضيها، على حساب ثقافات الأقليات.
وسط هذا الرفض أشادت فرنسا أكثر الدول تأييدا، بالإتفاقية موضحة أنها سلاح لمكافحة ما يعتبره كثير من الفرنسيين خطر الهيمنة الثقافية الأمريكية وهيمنة سينما هوليوود، وأعلن الرئيس الفرنسى جاك شيراك آنذاك أن تلك الاتفاقية بمثابة تطور مهم فى عالم يجب أن يحمى التنوع الثقافى وينظم حوارا بين الثقافات ويحترم الجميع، وكانت النتيجة أن المنظمة أقرتها بموافقة 148 دولة من أصل 190، وأعلنت يوم 21 مايو من كل عام يوما عالميا للاحتفال بها.
وتؤكد الاتفاقية على حق الدول فى صياغة سياساتها بهدف حماية وتعزيز التنوع الثقافي، ويكون بوسعها أيضا أن تستخدم هذا كذريعة لتحديد عدد معين من الأفلام الأجنبية لعرضها بهدف حماية صناعة السينما المحلية والهوية القومية لهذه الدول، وتنص الاتفاقية أيضا على كفالة حق التعبير الثقافى للنساء والأقليات والشعوب الأصلية، وتصبح الاتفاقية مُلزمة بعد ثلاثة أشهر من تصديق 30 دولة على الأقل عليها.
وتهدف الاتفاقية إلى احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية كحرية الرأى والتعبير والاتصال، وكذلك تطبيق مبدأ السيادة وتساوى جميع الثقافات فى الكرامة والجدارة بالإحترام وكذلك تطبيق مبدأ التضامن والتعاون الدولى وتكامل الجوانب الإقتصادية والثقافية للتنمية.
وتحتفل اليونيسكو اليوم بتلك الاتفاقية بالتعاون مع تحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة حملة عالمية من خلال إنشاء حركة شعبية تضم أفراداً يدافعون عن التنوع وتقضى هذه الحملة بتشجيع الأفراد على القيام بخطوة واحدة ذات صلة بحياتهم لتعزيز التنوع والشمول، بدءاً من التعرف إلى ثقافة أخرى من خلال الأفلام أو وجبات الطعام أو المتاحف، وانتهاءً باكتساب المعارف عن الثقافات أو البلدان الأخرى، أو تكريس الوقت للاضطلاع بأنشطة تطوعية لخدمة هذه القضية.
وسيتم تنفيذ هذه الحملة التى أُطلقت تحت شعار "القيام بخطوة واحدة من أجل التنوع والشمول" عبر صفحة مخصصة لهذا الغرض على موقع الفيس بوك بحيث تصبح منبراً يتيح لجميع الأفراد فى شتى أنحاء العالم أن يتبادلوا خبراتهم من خلال نشر المعلومات وشرائط الفيديو".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة