لاقى فيلم "This Must be the Place" للمخرج الإيطالى "باولو سورنتينو" والممثل الأمريكى "شون بين" إشادة كبيرة بعد عرضه فى إطار المسابقة الرسمية لمهرجان "كان" السينمائى الدولى يوم أمس الجمعة، بل أن الكثيرين رأوا فيه الفيلم الأحق لنيل السعفة الذهبية حتى الآن وذلك ما ظهر واضحاً من تعليقات الإعلاميين خلال المؤتمر الصحفى الذى عقد بنهاية عرض الفيلم.
تدور قصة الفيلم حول مغنى الروك الأمريكى غريب الأطوار "شايان" والذى اعتزل الغناء منذ أكثر من 20 سنة وترك الولايات المتحدة وانتقل للعيش بالعاصمة الأيرلندية دبلين عازلاً نفسه نهائياً عن عالم الغناء (يتضح مع مرور الأحداث أن السبب وراء ذلك يعود إلى انتحار شابين من محبى موسيقى "شايان" بسبب التأثير الشديد لموسيقاه عليهما مما دفعه إلى اعتزال الغناء لاحساسه بالذنب). خلال النصف الأول للفيلم ينقل "سورنتينو" عالم "شايان" الغريب بأسلوب إخراجه المتميز وحركات كاميرا ممتعة –لا تقل إمتاعاً عن أسلوبه فى فيلمه الأشهر Il Divo الذى نال عنه جائزة لجنة تحكيم مهرجان "كان" منذ دورتين- فيتضح مدى سذاجة هذا المغنى المعتزل وبساطته رغم غرابة مظهره وطريقة لبسه وسخرية الجميع منه لوضعه مساحيق التجميل على وجهه. وبالفعل ينجح "سورنتينو" بدرجة كبيرة فى خلق حالة من التعاطف وتقبّل المشاهدين لشخصية "شايان" مع مرور الوقت بحيث لم يعد هناك استغراب من أسلوب حياته المثير للجدل، النصف الثانى من الفيلم يحمل تحولاً كبيراً فى الأحداث حيث يعود "شايان" إلى الولايات المتحدة بعد تلقّيه خبر مرض والده الذى انقطعت علاقته به منذ ثلاثين عاماً، ولكن مع وصوله إلى أمريكا بعد رحلة طويلة باستخدام الباخرة (لرهبته من ركوب الطائرات) يجد والده قد توفى. وهنا يبدأ "شايان" فى التغيّر ويقرر لأول مرة أن يصبح إيجابياً بأن يكمل رحلة بحث طويلة كان قد بدأها والده للعثور على أحد النازيين كان وراء مقتل عائلته اليهودية أيام الحرب العالمية بدافع الانتقام منه. ورغم عدم وجود دليل مؤكد على أن هذا الرجل النازى لازال على قيد الحياة إلا أن "شايان" يقرر أن يجوب الولايات المتحدة بطولها متبعاً عدة دلائل ورسومات كان والده قد تركها لرحلة البحث التى قام بها، وبالفعل ينجح "شايان" فى العثور على هذا الرجل العجوز فى النهاية ولكنه يرفض أن ينتقم منه بقتله كما كان يتمنى والده.
عبقرية "شون بين" التمثيلية كانت سبباً رئيسياً لتقبل المشاهدين لهذه الشخصية المعقدة والغريبة شكلاً وموضوعاً فقد صنع لها إطاراً خاصاً بها يصعب على أى ممثل آخر أن يصل إليه مما يضع "شون بين" فى مقدمة المرشحين لنيل جائزة أفضل ممثل بالمسابقة الرسمية للمهرجان متقدماً ببضعة خطوات على الممثل الفرنسى "ميشيل بيكولي" الذى تألق أيضاً فى فيلم إيطالى آخر وهو Habemus Papam. يذكر أن "شون بين" نفى فى المؤتمر الصحفى للفيلم أن يكون قد استوحى أداء هذه الشخصية من المغنى الشهير "أوزى أوزبرن" الذى يشبه إلى حدٍ ما أسلوب حياته فى غرابته أسلوب حياة شخصية "شايان" بالفيلم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة