◄◄ الشعب: كان لنا السبق فى الثورة ولكن خطوات المصريين أكثر اتساعاً نحو الإصلاح
تونس ومصر نسختان لثورة واحدة قالها الصحفى التونسى إبراهيم الخليلى، مشيرا إلى توحيد الثورات للشعوب وأن الحكام كانوا سبب الفرقة، منتقلا للحديث عن الأوضاع الداخلية للبلاد قائلا: «التوانسة خائفون من وصول الإسلاميين ممثلين فى حزب النهضة»، مضيفا لدينا 62 حزبا فى تونس، إلا أن الحياة السياسية غير مستقرة حتى الآن ومازالت فلول بن على تشعل الأحداث.
حديث الخليلى تزامن وتجدد مع الاحتجاجات فى تونس والتى أشعلتها تصريحات وزير الداخلية السابق فرحات الراجحى، التى أشار فيها إلى أن الجيش لن يسمح بوصول حزب «النهضة» للحكم ولو حدث فسيحدث انقلاب، مضيفا أن جهة ما فى البلاد تريد الاستحواذ على السلطة على حساب باقى الجهات، وأن رجل الأعمال كمال لطيف يرأس حكومة ظل تعين من تشاء وتعزل من تشاء، وأن حكومة الظل جهزت حاليا 27 حافلة وأموالا كثيرة لشراء الأصوات، وبالتالى فهناك مؤامرة لإرجاع النظام القديم للحكم بنسبة 99%.
يمكنك رصد توقف الحال فى تونس على أثر الاحتجاجات فور خروجك من فندق بلفادير حيث شارع الولايات المتحدة، وسيرا على الأقدام توجهنا إلى شارع الحرية ثم ساحة الجمهورية التى امتلأت بالحجارة وسيارات الأمن الداخلى، لم يخل الميدان من رائحة الغاز المسيلة للدموع والتى رد عليها المتظاهرون بإشعال الإطارات.
فى الطريق إلى شارع الحبيب بورقيبة الذى شهدت جنباته الثورة التونسية تتصاعد الاحتجاجات المطالبة بإقالة الحكومة الحالية، وفى الجهة المقابلة يقع شارع جامع الزيتونة بالطريق الضيق بين المبانى العتيقة التى تراصت المحال على جانبيها موصدة الأبواب فى وقت مبكر خوفا من تصاعد الاحتجاجات، حتى جامع الزيتونة الأثرى أغلق أبوابه مبكرا منذ الخامسة عصرا، وخفت أقدام التوانسة من الشوارع مع السابعة بينما سكنت الحياة ورقدت تماما فى التاسعة.
«يمكن للشوارع أن تسهر ولكنها الظروف السياسية تجبر التجار على الإغلاق مبكرا» قالتها ألفة حبوبة، صحفية بوكالة تونس -أفريقيا للأنباء، وتابعت: «أحيانا نسهر حتى التاسعة أو العاشرة مساء». مضيفة: «لقد سبقت الثورة التونسية نظيرتها المصرية فى البدء إلا أن خطوات الثورة المصرية أصبحت أكثر اتساعا ويجب على الجميع أن يتبادل الخبرات على نطاق أوسع».
إلى الشرق من تونس العاصمة وعلى بعد 20 كم تقع مدينة سيدى بوسعيد والتى تعد أول موقع محمــى فــى العــالــم، يقف رءوف ذو الأربعين ربيعا.. ممسكا بمطرقته التى لم تتوقف عن العمل فى نقش الرسوم على الأطباق النحاسية وبمهارة فائقة يرسم اسم الأماكن والأشخاص للسياح.. مهنته التى يزاولها منذ 17 عاما يقول عنها: «مثل كل شىء لم يعد هناك إقبال على البضائع مثل الماضى، وكثير من الصناع غيروا حرفتهم.. البلد حالها أصبح مش زى الأول».
ما قاله رءوف يردده 150 ألف عاطل من أصل 11 مليون تونسى، ويؤكده محمد الذى يساعد والده فى بيع الفل لزوار مدينة سيدى بوسعيد قائلا: «أساعد والدى فى بيع الفل.. بنحاول، لكن الحال صعب برشا برشا كلمة تونسية تعنى كثيرا».
«اسمى وريدة وهو تصغير لكلمة وردة.. الجزائر ومصر حبايب» قالتها سيدة جاوزت الخمسين من عمرها جزائرية المولد، مضيفة خلال زيارتها وأسرتها لتونس: «كل الشعوب العربية يخافون على بعضهم والله يجازى الحكام اللى فرقونا»، مشاعر الأسرة الجزائرية استمرت فى سرد أماكن وأسماء مصرية يحبونها، مشيرين إلى عشقهم للداعية عمرو خالد.
فى مدينة سيدى بوسعيد الساحلية، الكسكسى هو الوجبة الرئيسية، وفى مطعم أيام زمان تجد صورا للعالم المصرى أحمد زويل خلال زيارته للمطعم.
فور دخولنا المطعم طلبنا توفير تاكسى لينقلنا إلى الفندق بالعاصمة التونسية، واتفقنا على أن يأتينا فى الثامنة والنصف حتى لا نتأخر، وفى الموعد المحدد فوجئنا بالنادل يخبرنا: «عفوا التاكسى غير متاح»، السبب أوجزه النادل فى كلمتين: «حظر تجول مفاجئ».
أجواء حظر التجول التى فاجأتنا سيطرت على القاعة التى تواجدنا بها، العمال اشتكوا أنهم سيضطرون للمبيت فى المطعم، وأصبحنا مثارا للحديث بين رواد المطعم حول آلية وصولنا لتونس العاصمة.
لحظات الصمت التى أعقبت خبر الحظر اختلطت بمزيج من القلق، قررنا النزول للشارع والبحث عن وسيلة مواصلات أو مكان للمبيت، فى الشارع، كان السكون هو سيد الموقف لا أشخاص، لا حركة إلا من بعض رواد المطعم الذين تفاجأوا مثلنا بقرار الحظر.. وبعد عدة محاولات أخيرا تمكنا من توفير تاكسى أقلّ زميلاتنا على وعد أن يعود لنا لينقلنا إذا لم نتمكن من التصرف.
وخلال سيرنا بحثا عن فندق أو تاكسى وجدنا دورية أمنية لجأنا إليها لتساعدنا، إلا أن الضابط الشاب بها قال لنا: «فى خطورة هناك إطلاق نار فى الطريق»، مشيرا إلى سيارة الشرطة التى تعرضت للتكسير، وأثناء ذلك مر تاكسى يقوده شاب تونسى عرضنا عليه أن يوصلنا للجهة المقابلة فوافق وفعلها لنكتشف أن الشرطة ليست عنصر أمان لنا بقدر ما كان الشعب التونسى هو الحماية والأمن.