كانت أهم محاولات تقنين الشريعة الإسلامية قد صدرت فى عهد الدولة العثمانية بواسطة لجنة مؤلفة من سبع علماء برئاسة أحمد جودت باشا، وكان الهدف هو تيسيير المعاملات الفقهية، وأصدرت اللجنة مجلة الأحكام العدلية بعد ثمان سنوات من البحث الدقيق، وتضمنت الكثير من الأحكام الفقهية التى أخذ عنها المشرع المصرى فى بعض النصوص فى القوانين المختلفة مثل القاعدة التى تقرر أن: الجهل بالأحكام الشرعية ليس عذرا وهى ما تتفق مع القاعدة القانونية "لا يعذر أحد لجهله بالقانون"، وهناك القاعدة الفقهية التى تقضى بأن الأصل براءة الذمة وهو ما أخذ به المشرع المصرى فى التشريع الحالى.
وقاعدة الضرر يزال التى يبنى عليها التعويض والضرورات تقدر بقدرها، وهناك من القواعد ما يستأهل أن نلم به لتطبيقه فى معاملاتنا اليومية مثل قاعدة الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف؛ فلو أن بطة مملوكة لجارك التقطت من أرضك خاتما ذهبيا وابتلعته فما الحكم؟ يمكن فى هذه الحالة تطبيق القاعدة السابقة حيث إن الضرر الأخف هو شراء البطة من جارك لذبحها وأكلها بعد استخراج الخاتم، وهى قاعدة فقهية تحسم النزاع بين الجيران فى أمور متشابهة، والقاعدة التى نحتاج إلى تفعيلها اليوم وتتفق وصحيح القانون، هى أن درء المفاسد أولى من جلب المنافع؛ لأن المفاسد كالبلطجة والسرقات والفتنة الطائفية أصبحت تستشرى كالوباء وتنتشر كالحريق، فمن الحكمة والحزم القضاء عليها فى مهدها، ولو ترتب على ذلك حرمان من منافع أو تأخير لها، وهو ما يحدث من حظر للتجوال الذى تفرضه القوات المسلحة الآن لصالح المواطنين .
وقد نظم القانون أحكام أداء اليمين والشهادة والإقرار، وغيرها من القواعد أمام القضاء طبقا لمبادئ الشريعة الإسلامية. إن ما ورد فى مجلة الأحكام العدلية من قواعد فقهية تتضمن الكثير من الحلول الناجعة لأى مجتمع، وإننى أطالب أعضاء مجلس الشعب القادمين أن يقرأوا مجلة الأحكام العدلية التى صدرت منذ الحكم العثمانى، حتى يمكنهم أن يصدقوا على النصوص المقترحة عن دراية واقتناع تام.
أشرف الزهوى يكتب: الآن درء المفاسد مقدم على جلب المنافع
الجمعة، 20 مايو 2011 02:00 م
مجلس الشعب - صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة