بعد غد الأربعاء توقع حركتا فتح وحماس، بحضور الفصائل الفلسطينية كافة، ورعاية مصرية وعربية اتفاق مصالحة تاريخيا، ينهى حالة الانقسام القائمة بين الحركتين والتى حولت القضية الفلسطينية إلى قضيتين فرعيتن، أو بالأحرى دويلتين الأولى تحكمها فتح فى الضفة الغربية، والثانية تحكمها حماس فى غزة.
ولا يخفى على أحد أن إسرائيل هى أكثر المتضررين من توقيع الاتفاق والوصول إلى مصالحة فلسطينية تنهى الانقسام السياسى، وتعيد توحيد الأراضى الفلسطينية استعدادا لإعلان قيام الدولة الفلسطينية فى سبتمبر المقبل، لذلك لم تكن التصريحات والتصرفات الإسرائيلية التى تنم عن حالة من الذعر مستغربة، سواء كان ذلك بتخيير السلطة بين السلام معها او مع حماس، او حتى الشكوى لمجلس الأمن من الاتفاق، او وقف تحويل أموال الضرائب الفلسطينية للسلطة، أو حتى تجاوزت ذلك إلى الوقاحة كما قال وزير البنى التحتية الإسرائيلى "عوزى لنداو" لقناة العربية حينما وصف الاتفاق بين فتح وحماس بأنه يشبه مصالحة بين عائلتين من المجرمين.
هذا التصريح الصادر عن مجرم، يكشف حالة الرعب التى تعيشها إسرائيل من انتهاء الانقسام الفلسطينى، وقد كتبت هنا وفى أكثر من مكان آخر أن الانقسام الفلسطينى مصلحة إسرائيلية فى الأساس، وبغض النظر عن موقفى السياسى من إنشاء الرافض لوجود إمارة دينية فى غزة، لتأثيرها على مصر، لكن معارضة الانقسام كانت نابعة من الأساس إلى ضرورة أن يتحلى الفرقاء الفلسطينييون بالمسئولية الوطنية ويتجاوزوا الخلافات السياسية العقائدية الكبيرة جدا كما أعرف.
عاشت غزة كإمارة مستقلة عن السلطة اربع سنوات، وظلت حماس تبرر ذلك بان فتح انقلبت على الديمقراطية التى منحتها الأغلبية، وظلت فتح تحاول التضييق على حماس، حتى فاض بها الكيل فانقلبت، وخاضت معارك عسكرية مع فتح وأريق الدم الفلسطينى بأيد فلسطينية.
وقد يكون ذلك صحيحا، لكن الإنقلاب على إرادة الناخبين لا يجب أن يواجه بالسلاح، وإنما بالعودة إلى الناخبين مرة أخرى، وقد جربت فتح وحماس طوال أربع سنوات الخصام والعداء والتفرغ للحرب بينهما حتى كادت القضية الفلسطينية أن تضيع، وربما ما أدركه المسئولون عن الحركتين ان اغلبية الشعب الفلسطينى فى غزة لم تعد تريد حكم حماس، وأغلبية فلسطينى الضفة لم تعد ترد أيضا حكم فتح فى الضفة.
كما أن التطورات الديمقراطية والثورات والانتفاضات والمعارك الداخلية فى مختلف بلدان العالم العربى، خاصة دول الطوق مصر وسوريا والأردن ولبنان، قد أوصل رسالة مهمة للفلسطينين أنهم ما لم يلحقوا بقطار الوحدة، فإن الزمن سيتجازوهم، ولن يكون إلى جوارهم أحد من العرب المشغولين بما يجرى داخل كل قطر على حدة.
لحق الفلسطينيون بقطار الوحدة فى اللحظة الأخيرة، والأهم من توقيع الاتفاق تطبيقه، وتحويله إلى حياة وتعايش حقيقى يخدم مصالح المواطنيين الفلسطينيين اليومية، من ناحية، ويؤدى إلى تحقيق الهدف الأسمى وهو تحرير الأرض وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
هذه هى خارطة الطريق الفلسطينية الجديدة رغم ما تثيره هذه الكلمة من نفور لدى العرب والفلسطينيين بسبب استخدامها السيئ والمسيئ للقضية الفلسطينية والصالح العربى العام من قبل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة