أمطرتنا وسائل الإعلام على مر الأيام والأسابيع الماضية بصور لدبابات يحتمى وراءها جنود مدججون بالسلاح، فى عدة بلاد عربية؛ فى ليبيا واليمن وسوريا، وشاهدنا جثث القتلى ملقاة فى الشوراع وقد تناثرت أشلاؤها فى كل مكان، وازدادت أعداد الجرحى حتى وصلت إلى مئات؛ بل ألوف المصابين بطلقات نارية أطقلها عليهم الجنود البواسل!!
وتذكرت مذابح صبرا وشاتيلا منتصف شهر إيلول (سبتمبر) عام 1982، ارتكبتها قوات إيلى حبيقة قائد الميليشيات فى لبنان آنذاك بالاتفاق مع أرييل شارون، والذى كان وزيرا للدفاع، ورافائيل إيتان أحد كبار ضباط الجيش فى إسرائيل آنذاك، قتل فى تلك المذبحة أكثر من ثلاثة آلاف بين شيوخ ورجال ونساء وأطفال، وشكلت لجنة للتحقيق برئاسة المحامى الإيرلندى شون ماك برايد وتضم نخبة من كبار أساتذة القانون الدولى من مختلف الجنسيات، وقد أكدت اللجنة فى تقريرها أن إسرائيل تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية القانونية عن هذه المذابح، باعتبارها قوة احتلال، وهى مسؤولة عن حماية السكان طبقا لاتفاقيات جنيف عام 1949، والتى وقعت عليها إسرائيل وأصبحت ملزِمة لها بموجبها، وقد استخلصت اللجنة من التحقيقات التى أجرتها والشهود الذين استمعت إليهم أن إسرائيل ساهمت فى التخطيط والتحضير للمذابح من الناحية الفعلية، وقد وصفت اللجنة فى تقريرها أن هذه المذابح هى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ولم يغب عن اللجنة المبادئ القانونية التى تبلورت أثناء محاكمة نورمبرغ للنازيين إبان الحرب العالمية الثانية، والتى أصبحت جزءا من القانون الدولي، وتقتضى هذه المبادئ أن القادة والمنظمات والمحرضين والمشاركين الذين يساهمون فى صياغة أو تنفيذ خطة مشتركة أو مؤامرة لارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يكونون مسئولين كل المسؤولية عن كل الأعمال التى يؤديها لهم أو عنهم أشخاص آخرون تنفيذا للخطة التى اتفقوا عليها، وقد عدل القانون البلجيكى مؤخرا بحيث أصبح للمتضررين من جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية الحق فى رفع دعاوى ضد مرتكبى هذه الجرائم، بغض النظر عن جنسية الضحية أو المعتدى أو المكان الذى ارتكبت فيه هذا النوع من الجرائم، وهى جرائم لا تسقط بالتقادم مهما طال الأمد بمرتكبيها.
لقد أبكتنا جميعا صور القتلى فى اليمن وليبيا وسوريا وأدمت قلوبنا جميعا، مشاهدهم التى بثتها مصادر كثيرة على الإنترنت، وقد تم الكشف عن مقابر جماعية لنساء وأطفال فى درعا ومصراتة وتعز أطلق عليهم الرصاص من قبل أفراد الجيش، تساءلت وأنا أتابع هذه المشاهد المؤلمة: على من يطلقون الرصاص.. على الشعب أم على العدو؟ وماذا ذنب الأطفال والنساء كى يقتلوا بأيدى من يفترض أن يحموا بلادهم من هجمات العدو؟ ولماذا يعقد حكامنا كل عام صفقات السلاح بمليارات الدولارات كى يقتلونا؟
أليست هذه جرائم ضد الإنسانية؟ ومنذ متى كان من يهتف بسقوط النظام خائنا أو عدوا لبلده؟ ومنذ متى تنطلق الدبابات كى تفترس الأحياء ويطلق الجنود النار على كل من يطالب بالإصلاح السياسى؟ لماذا لا يطلق هؤلاء النار إلا على صدور أبناء شعوبهم؟ لماذا لم يطلقوا رصاصة واحدة لتحرير أراضيهم فى الجولان فى سوريا المحتلة منذ عام 1967؟ ومزارع شبعا فى لبنان المحتلة منذ عام 1982؟ والضفة الغربية فى الأردن المحتلة منذ عام 1967 من قبل إسرائيل؟
لماذا لم يحرروا فلسطين ويطلقوا رصاصاتهم القاتلة وقذائفهم المدفعية الهائلة على إسرائيل؟ هل الدم العربى رخيص إلى هذا الحد؟ أم أن هؤلاء الرؤساء المجرمين يعتقدون أنهم فوق البشر؟ أتراهم يظنون أنهم سينجون من المحاكمة فى الدنيا أو فى الآخرة؟
أتمنى أن ينقل الإعلام العربى الحر بكل قنواته هذه الجرائم ضد الإنسانية، وأن يساهم مساهمة فعالة فى دفع كل من تسبب بهذه الجرائم فى كل بلد عربى أمام القضاء الدولى بوصفهم مجرمين ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية فى حق شعوبهم، كى لا يتكرر ما حدث فى مذابح صبرا وشاتيلا وحتى يتوقف نزيف الدم العربى.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
شاعرة النيل
ترى ما الحل إذن ؟!!