أكدت مجموعة من المثقفين والكتاب أن تدنى مستوى التعليم، وتبعية كل من الأزهر والإعلام للحكومة سبب رئيسى لوجود فجوة بين المثقف وعامة الشعب، موضحين أن المثقف من الشعب ويعيش همومه وآلامه ويكتب عنها، ولكن النظام السابق تعمد تهميشه وإقصاءه والمصادرة على أعماله ورسخ لوجود الجماعات الدينية، مؤكدين أنه لو تم إصلاح هذه المؤسسات واستقلال الأزهر والإعلام سوف تقترب المسافات بين المثقف والعامة، لأنه على حد تعبيرهم "المثقف لم يتحدث من برج عاجى أو جاء من عالم فضائى".
قال الروائى إبراهيم أصلان: يجب ألا نلقى باللوم والمسئولية على المثقف فقط، متسائلا كيف يظهر دور المثقف فى مجتمع تبلغ فيه نسبة الأمية أكثر من 40%؟ مؤكدا أن المشكلة تكمن فى التعليم حيث وصفه بأنه "منهار".
كما ألقى أصلان الضوء على نقطة وصفها بالهامة جدًا وهى الإعلام الذى ظل على مدار ثلاثين عامًا يقدم نماذج للشعب المصرى عمقت من حالة الجهل والتخلف، مشيرا إلى أن الجماعات الدينية فى المجتمع المصرى تمتلك أكبر مؤسسة فى المجتمع وهى المساجد التى تستطيع من خلالها الوصول لأكبر فئة فى المجتمع لكن المثقف ليس مؤسسة.
وأضاف أصلان أنه يعول فى الفترة القادمة على الشباب الواعى، وقيام وسائل الإعلام بدورها الحقيقى لإنقاذ مصر من حالة التردى الدائم.
وفى سياق متصل أكد الروائى إبراهيم عبد المجيد أن المؤسسة التعليمية والأزهر والإعلام السبب فى تردى الحياة الثقافية فى مصر، مؤكدا أن المؤسسات الثلاث سالفة الذكر قادرة على إصلاح عقول المجتمع فى وقت قياسى لو تم تطهيرهم من بواقى النظام السابق الذى ساهم بشكل كبير فى انتشار الجهل.
وأوضح عبد المجيد أن المثقف المصرى لم يقصد أن يقول رسالة صعبة أو يتعالى على الناس بكلمات ومفردات صعبة، متسائلا كيف ذلك وهو ابن هذا الشعب البسيط ويكتب عن همومه ومشاكله ويعيش بداخله؟
بينما قال الروائى فؤاد قنديل إن المثقف لديه خطابه البسيط والعميق والإنسانى الذى يستطيع به أن يؤثر فى عامه الشعب، لكن القضية تكمن فى قلة المنابر المتاحة للمثقفين، مشيرا إلى أن السلفيين على سبيل المثال يمتلكون تجمعات كثيرة كالمساجد والزوايا التى يستطيعون من خلالها طرح أفكارهم.
وانتقد قنديل البرامج التليفزيونية على الفضائيات وحتى بالتليفزيون المصرى التى اعتاد أغلبها أن يستضيف الصحفيين المعروفين أو مجموعة من الشخصيات التى اعتدنا تكرار تواجدها على شاشات التليفزيون، وذلك لجهل معدى البرامج ببعض المثقفين، مؤكدا على كلمة جهل.
وأضاف قنديل أن الجماعات الدينية غالبًا ما يتبعون أقوالهم بأفعال ويخرجون فى مظاهرات حاشدة وصفها بالغاشمة، مؤكدا أن مثل هذه التصرفات ليس من أساليب المثقفين، متمنيًا أن تفسح القنوات التليفزيونية على كثرتها المجال للمثقف المصرى ليساهم فى رفع حالة التردى.
بينما قال الكاتب يوسف القعيد: ليس كل المثقفين يقولون أرنست وأنجلز وماركس، مشيرا إلى أن خطاب المثقفين من المفترض ألا يتم مقارنته بالخطاب الدينى.
وتأييدًا لما سبق قالت الكاتبة سلوى بكر إن الأمر معقد جدًا لأن المشكلة الحقيقية لا تكمن فى المثقفين، وإنما فى التعليم، والهوة الواسعة التى أحدثها بين المثقفين ورجل الشارع.
وأضحت بكر أن السلفيين استطاعوا أن يتواصلوا مع العامة لأن حزبهم مقراته الجوامع وهذه تعد وسيلة سريعة، مؤكدة أن قبول فئة عريضة من الناس لخطاب السلفيين لا يعد امتيازاً لهم لأنهم يخدعون الناس ببعض الأكاذيب، لكن المثقف كان يتم تهميشه، مشيرة إلى أنه لدينا من المثقفين ما يمتلكون خطابا يتناسب مع فئة عريضة مع الناس لكن المثقف يفتقد المنبر.
قال الناقد الدكتور عماد عبد اللطيف إن هناك أسباباً عديدة أدت إلى وجود فجوة التواصل بين المثقفين والجمهور، مشيرا إلى تدنى مستويات التعليم والثقافة فى الشريحة العريضة بالمجتمع، ومن ناحية أخرى استخدام أغلب المثقفين للغة معقدة ويصعب فهمها.
وأوضح عبد اللطيف أن الطريق الوحيد لسد هذه الفجوة التى يمكن من خلالها التخلص من صعوبة التواصل بين المثقف والجمهور من خلال تطويع المثقف مصطلحات ومفردات اللغة بحيث تتناسب مع المتلقى، مضيفا أن ذلك يمكن استناده إلى التراث الشعبى الشائع لدى الجمهور، وتوظيفه فى عملية التأثير والإقناع.
وأشار عبد اللطيف إلى أن نقل الخطاب من القاعات المكيفة والتجمعات الخاصة إلى الأماكن العامة التى توجد فيها الجماهير قد يقرب الخطاب منهم، لافتا إلى أن أحد المآزق الأساسية لخطاب المثقف أنه يتم إنتاجه واستهلاكه فى حيز النخبة، بينما تُترك ساحات الجماهير لآخرين ممن يقدمون رؤى للعالم بالغة التخلف والخطورة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة