شهرت وهبة تكتب: "العربى" أمينا عاما.. كسبت الجامعة وخسرت الخارجية

الخميس، 19 مايو 2011 03:46 م
شهرت وهبة تكتب: "العربى" أمينا عاما.. كسبت الجامعة وخسرت الخارجية نبيل العربي وزير الخارجية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
جاء تولى الدكتور نبيل العربى منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية ليشعرنا بالفرحة ويصيبنا بالحزن فى آن واحد، فقد سعدنا بفوز مصر للمرة السادسة بهذا المنصب كما جرى العرف فى اختيار الأمين العام للجامعة العربية منذ إنشاء الجامعة عام 1945، حيث تولى المنصب عدد من أبرز الدبلوماسيين المصريين، وهم السيد عبد الرحمن عزام (1945-1952)، والسيد محمد عبد الخالق حسونة (1952-1972) والسيد محمود رياض (1972-1979)، والدكتور أحمد عصمت عبد المجيد (1991- 2001)، والسيد عمرو موسى (2001- 2011)، ولم تُحيد مصر عنه سوى مرة واحدة عندما غضبت الدول العربية من قيام الرئيس الراحل أنور السادات بتوقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل، حيث قامت الدول العربية بنقل مقر الجامعة إلى تونس، وتولى الدبلوماسى التونسى الشاذلى القليبى أميناً عاماً للجامعة فى الفترة (1979-1990).

الدكتور نبيل العربى خريج كلية الحقوق والحاصل على ماجستير القانون الدولى ثم دكتوراه العلوم القضائية، قد ترأس وفد مصر فى التفاوض لإنهاء نزاع طابا مع إسرائيل وعمل مستشاراً قانونياً فى مؤتمر كامب ديفيد، وسفيراً لمصر لدى الهند، وممثلاً دائماً لدى الأمم المتحدة، ومستشاراً للحكومة السودانية، وقاضيًا فى محكمة العدل الدولية، وعضوا بلجنة الأمم المتحدة للقانون الدولى، وعضواً بمحكمة التحكيم الدائمة، ورئيساً لمركز التحكيم الدولى ثم قاضياً بمحكمة العدل الدولية، كما تم تكليفه عام 2009 بإعداد الملف المصرى القانونى لاستعادة تمثال الملكة نفرتيتى من برلين، وأثناء اندلاع ثورة 25 يناير، تم تعيينه عضواً فى لجنة الحكماء، ثم وزيراً للخارجية المصرية فى حكومة الدكتور عصام شرف، وأخيراً أميناً عاماً لجامعة العربية.

وإن كنا لا نقلل من دبلوماسية جميع الأمناء السابقين للجامعة أو من مهارتهم وحنكتهم فى إدارة الملفات المطروحة فى الجامعة والانشغال بقضايا الوطن العربى والصراعات التى تعانى منها بعض الدول العربية وتمسك الأمة العربية دون مسئوليها فى الدفاع عن الأرض العربية المحتلة، إلا أن تولى الدكتور العربى لمنصب الأمين العام هو انتصاراً للقومية العربية وللقضية الفلسطينية، ويُعد بداية جديدة لعلاقات الدول العربية مع الدول المجاورة مثل إيران وتركيا، فهو الرجل الذى وصفه الإعلام الإسرائيلى بأنه "رجل معادى لإسرائيل" لأنه معروف بإدارته لملف القضية الفلسطينية بطريقة تُزعج العدو الصهيوني، كما طالب إسرائيل بدفع فروق أسعار الغاز المصرى المُصدر لها منذ عهد الرئيس المخلوع.

وجاء ترشيح مصر للدكتور العربى فى اللحظات الأخيرة وتوافق الدول العربية على اختياره كأمين عام للجامعة يوم 15 مايو المعروف بيوم "النكبة" الذى قامت فيه الدولة الإسرائيلية منذ 63 عاماً، وكأن الدول العربية أرادت أن تبعث برسالة تحذير لإسرائيل مفادها أن الدكتور العربى بتوجهاته القومية وبرؤيته وبقدرته على التحدى للدولة الصهيونية سوف يجعل من الجامعة مصدر قوة للعرب ولنصرة القضية الفلسطينية والاهتمام بالملف العراقى.

كما أن توليه المنصب يُعد انتصاراً للدبلوماسية المصرية وللتحدى الذى وُضع أمام مصر بعد الثورة، حيث أن رغبة مصر هذه المرة فى الاحتفاظ بالمنصب لم تنبع من رغبتها بالانفراد به أو حتى انسياقاً وراء العرف، ولكن فقدان مصر للمنصب بعد الثورة كان من الممكن أن يُرسخ اعتقاد لدى الدول العربية والأوروبية والغربية وإسرائيل بأن مصر بعد الثورة لم تستطع الحفاظ على بقاء المنصب فى دائرتها وأن هناك انخفاضا لقدرتها على طرح مرشحين قادرين على المنافسة خاصة بعد الرفض الذى لاقاه مرشحى مصر السابقين سواء الدكتور مفيد شهاب أو الدكتور مصطفى الفقي، فضلاً عن إصرار دولة قطر على منافسة مصر والفوز بالمنصب لصالح مرشحها الدكتور عبد الرحمن بن حمد العطية الدبلوماسى القطرى المعروف بثقله السياسى والدبلوماسى والذى لما كانت تسحب قطر ترشحه إلا بوجود منافس يساويه فى القوة والثقل الدبلوماسى مثل الدكتور نبيل العربى.

كسبت الجامعة العربية شخصية الأمين العام الجديد، وفقدت مصر هذه الشخصية الدبلوماسية الفذة التى نجحت فى إعادة الروح للدبلوماسية المصرية وفتح آمال جديدة للدبلوماسيين المصريين نحو توجهات جديدة للسياسة الخارجية وفى تحقيق إنجازات خلال أسابيع قليلة فشل النظام السابق فى تحقيقها على مدار سنوات تجاه ملف المياه وعلاقات مصر بدول حوض النيل والدول العربية والتحرك لتحسين العلاقات مع دول الخليج وإطلاق تصريحات تُظهر استعداد مصر لإعادة العلاقات مع إيران، وتوقيع المصالحة الفلسطينية مما أزعج إسرائيل.

وبات أمل الشعب المصرى الآن هو أن يتم البحث عن وزير جديد يتولى حقيبة الخارجية ويسعى لتحقيق آمال الشعبين المصرى والعربى ويرسم سياسات خارجية تدفع بقوة لقيادة مصر للعالم العربى، ويستكمل خطوات استعادة دور مصر الريادى فى القارة الإفريقية التى بات أمن مصر المائى مرتبط بها، فالجميع يعلم أن سياسة مصر الخارجية تُحرك وراءها سياسات الدول العربية وبإمكانها أن توحدهم، فإما أن تجعل منهم قوة عربية موجهة نحو تحقيق أهداف ومصالح الوطن العربى فى مواجهة العدو الأول لهم، وإما أن تخيب آمال الأمة العربية، إذاً فعلى المجلس العسكرى والحكومة المصرية التأنى فى اختيار الرجل المناسب لهذا المنصب الهام الذى يُعد مرآة لمصر أمام العالم بأكمله.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة