محمد حمدى

افتكاسات الأستاذ هيكل!

الخميس، 19 مايو 2011 11:53 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى حوار ملحمى نادر، امتد لثلاث حلقات، وشغل أكثر من عشر صفحات، سبقه تنويهات وإعلانات، وتبعه استطلاعات لرأى النخب السياسية أطل علينا الكاتب الصحفى الأستاذ محمد حسنين هيكل على صحيفة الأهرام، ليحلل الواقع الذى نعيشه، ويستشرف رؤى للمستقبل الذى نبتغيه.

وبغض النظر عن الإغراق فى تفاصيل لعبة الجولف، ومحاولة تشبيه الثورات العربية على أنها مباراة جولف تسقط فيها الثورات فى الكوز، لتحقق ضربات تحت المعدل، فإن هذا الوصف جعل معظم القراء يعودون إلى معجم المصطلحات الرياضية بحثا عن معانى مفردات ومصطلحات لعبة الجولف، التى أتصور أن كثيرا من المصريين الذين خرجوا للشوارع منذ الخامس والعشرين من يناير كانوا فى قرارة أنفسهم يعترضون على انتشار ملاعب الجولف فى بعض منتجعات القاهرة وأحيائها الراقية، لأنها تحتاج لكميات وفيرة من المياه لريها، بينما مياه الشرب لا تصل لبعض المواطنين، ومياه الرى لا تصل إلى نهايات الترع فى محافظات الوجه البحرى.

يبدو الأستاذ هيكل على صفحات الأهرام مثل شخصية خرافية تطل من رواية خيالية، تعود لزمن فات، وانقضى، فهيكل الذى كان صحفيا كبيرا فى مصر الملكية، وأحد عرابى ثورة يوليو 1952، ومنظريها الرئيسيين، وشريك الرئيس الراحل أنور السادات فى استراتيجية الحرب المحدودة لتحريك الأوضاع على الأرض، من أجل استغلالها لإنجاز ما بالسلام لا يمكن تحقيقه بالحرب، يعود فى زمن غير زمانه، متسلحا بكل خبرات الماضى راغبا بشدة فى إعادة إحيائه فى المستقبل.

وبغض النظر عن رغبات الانتقام الشخصى التى تجعله، يقلل من قيمة الضربة الجوية فى حرب أكتوبر 1973، والتأكيد على أنها كانت مجرد استعراض نفسى الغرض منه رفع الروح المعنوية للقوات المسلحة على الأرض وإعادة الثقة للقوات الجوية التى جرى تدميرها على الأرض فى يونيو 1967، فى محاولة لتجريد الرئيس السابق حسنى مبارك من أهم إنجاز فى تاريخه العسكرى، فإن هيكل أطل على المستقبل، داعيا إلى إعادة تجربة الضباط الأحرار فى يوليو 1952 حينما احتكروا السلطة ولم ينزلوا عنها بعد ذلك.

وانطلاقا من خبرات ماضوية عفا عليها الزمن يقترح هيكل أن يتولى المشير محمد حسين طنطاوى منصب رئيس الجمهورية ووزير الدفاع ورئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة لمدة عامين، ناسيا أو متناسيا أن عالم الألفية الثالثة لم يعد يقبل أو يستصيغ فكرة الحكم العسكرى المباشر والصريح التى اقترحها الأستاذ هيكل.

خرج المصريون إلى الشوارع والميادين فى الخامس والعشرين من يناير لأنه فاض بهم من حكم الفرد، ولأنهم يشتاقون، مثل كل شعوب العالم، إلى دولة مؤسسات حقيقية، يجرى فيها تبادل السلطات، وتراقب بعضها بعضا، وليس لإعادة تنصيب رئيس عسكرى على البلاد، بعد أربعة رؤساء عسكريين فى الجمهورية المصرية الأولى هم نجيب وعبد الناصر والسادات ومبارك.

ومن حسن الحظ أن المشير طنطاوى ورفاقه فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة يدركون الواقع جيدا، ويعزفون عن السلطة، وحين قرروا توليها أعلنوا، ولا يزالون، يؤكدون على أنها فترة انتقالية محدودة ومؤقتة يعيد بعدها المجلس الأعلى تسليم السلطة للشعب، ولحاكم مدنى.

لا أعرف إن كان الأستاذ هيكل بكل ثرائه اللغوى قد سمع من قبل عن مصطلح افتكاسات، وهو جمع افتكاسة، لأنه مصطلح شبابى، ظهر فى أوساط الشباب منذ أكثر من عشرين عاما، ويطلق على الأفكار الخيالية غير القابلة للتنفيذ، وأعتقد أن كثيرا من المصريين خاصة الشباب منهم يعتبرون اقتراح هيكل افتكاسة كبيرة، أقرب مكان لها أن تسقط فى كوز الجولف الذى يجيد الأستاذ هيكل لعبه، ويسمع عنه المصريون، لكنهم أبدا لم يمارسوا هذه الرياضة، ولا يعرفون ماذا تعنى عبارة ضربة تحت المعدل.. لكننا نفهم جيدا ماذا يعنى الضرب تحت الحزام!








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة