محمد حمدى

الكلام ليس عليه جمرك!

الأربعاء، 18 مايو 2011 12:20 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بينما تبدو ملامح الأزمة الاقتصادية الخانقة بادية للعيان، وبدأ الكثير من الناس يتأثرون بها فعليا، أخذتنا الصحافة غير المسئولة وغير الأمينة إلى قضية فرعية، وغير مهمة بالمرة، تتعلق بالوضع القانونى للرئيس السابق حسنى مبارك وأسرته، بدأت بسيناريو ردىء عن أن مبارك يعتزم تسجيل بيان يذيعه التليفزيون الحكومى، يطلب فيه من الشعب الاعتذار، ومن ثم انبرت مواقع إخبارية وصحفية على الإنترنت لترويج خبر يفيد بأن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يتجه للعفو عن مبارك وأسرته مقابل رد ما أخذوه من أموال، وهو ما نفاه المجلس.

وتزامن ذلك مع قرار رئيس جهاز الكسب غير المشروع بإطلاق سراح سوزان مبارك على ذمة التحقيقات التى يجريها الجهاز حول ثروة حرم الرئيس السابق، والتى بلغت 24 مليون جنيه فى حسابات بنكية، قدم محاميها توكيلا لرئيس الكسب غير المشروع بالتنازل عنها لصالح الدولة، وبالتالى انتفت مبررات الحبس الاحتياطى.

ولأننا أمة تدمن الاشتباك فى القضايا الفرعية غير المهمة، وتترك كل ما هو مهم وعاجل، فقد انشغلت مصر كلها بصحافتها وبرامجها الحوارية المسائية فى مناقشة هذه القضية، وتوالت البيانات، ومن بينها بيان صادر عن ائتلاف شباب الثورة يهدد فيه بالنزول إلى الشارع، ويحذر من اللجوء إلى خيارات أخرى غير السلمية التى استخدمها فى المظاهرات، إذا تقرر العفو عن مبارك وأسرته.

وقال أحد شباب الثورة على فضائية أمس إنه لا يجوز إطلاق سوزان مبارك، لأن ذلك خيانة لدماء الشهداء التى سالت من أجل الحرية والديمقراطية، ولا أعرف حقيقة ما هى علاقة سوزان مبارك بإطلاق الرصاص على المتظاهرين، وهل كانت رئيس الدولة، أو وزيرة داخلية أو مديرة أمن أعطت أوامر بالتصدى للمتظاهرين مثلا؟

كما يقول الناس فى بلدنا "الكلام معلوش جمرك"، وهذا يجسد حقيقة ما تعيشه مصر حاليا، فكل مواطن حر يقول كما يشاء، والصحافة أيضا حرة تقول كما تشاء، لكن هل تقول الصدق، هل تتحرى الحقيقة، هل تضع المصالح العليا للوطن فى حسبانها وهى تتكلم أى كلام؟

هذه هى الأسئلة الحقيقية فى وطن مأزوم جدا، لا يكاد يجد فيه مواطنون قوت يومهم، وهو وضع ينسحب بالتأكيد على أغلبية الشعب خلال ستة أشهر، وبدلا من إدارة نقاش جدى حول آليات إنقاذ الاقتصاد، ووضع برامج محفزة لجذب الاستثمارات، والحد من مخاوف المستثمرين، والبحث فى كيفية إعادة السياحة المتدهورة، وبحث وسائل تقليل الإنفاق الحكومى، وغيرها من المسائل الجوهرية، نغرق حتى النخاع فى كلام ليس عليه جمرك من نوعية هل أنت مع الإفراج عن سوزان مبارك أم لا؟.. وهل نعفو عن مبارك أم لا؟.. فعلا نحن فى وطن حر، لكن أهله لا يقدرون الحرية التى حصلوا عليها.. ولا المسئولية الملقاة على عاتقهم!








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة