من ميدان التحرير فى مصر إلى ساحة أبو رقيبة فى تونس وساحات المدن السورية القديمة، فإن الميداين العامة كانت ولا تزال فى قلب الربيع العربى.. وتقول مجلة "التايم" الأمريكية فى تقريرها عن الدور الذى قامت به الميادين العامة فى الثورات العربية إن مركزية هذه الميادين بالنسبة لمسار الانتفاضات فى الشرق الأوسط قد سلط الضوء عليه دور شبكات التواصل الاجتماعى الذى لعبته فى إثارة الثورة. فمع كل الثناء والإشادة التى حظى بها الشباب العربى الثورى، إلا أن أحداً لا ينبغى أن ينسى تلك الساحات الرمادية القديمة التى احتشد فيها هؤلاء الشباب.
ويقول فيشان تشاكربارتى، أستاذ الهندسة المعمارية فى جامعة كولومبيا والذى يكتب عن الساحات العامة فى الشرق الأوسط إن "كميات هائلة من الحبر استخدمت على فيس بوك وتويتر! لكن من المهم للناس أيضا أن يكون هناك اتصال مباشر فى الميادين العامة للتخطيط للخطوات المقبلة".
وتمضى المجلة فى القول إنه لا يوجد شىء جديد عن المعارضة الجماعية فى بعض مدن الشرق الأوسط القديمة، لكن المشهد السياسى فى المناطق الحضرية قد تغير على مر القرون. وتشير المؤرخة بجامعة ميتشيجان جوان كول إلى أنه قبل 100 عام، لم نر احتجاجات حاشدة فى منطقة بورقيبة بتونس أو ميدان التحرير. وبدلاً من ذلك، فإن المتظاهرين فى أوقات الاستعمار كانوا يتجمعون فيما يسمى "مجمع سوق الصلاة" حيث كان عدد كبير من المسلمين يجتمعون بعد صلاة الجمعة، وكان من السهل تنظيم الناس حينئذ. واليوم لا يزال المتظاهرون يدعون إلى الاحتجاجات بعد صلاة الجمعة، لكن المظاهرات انتقلت إلى ساحات جديدة وطنية تم بناؤها على الطراز الأوروبى.
فمثلا ميدان التحرير الذى يوجد به المتحف المصرى ومقر الحزب الوطنى المنحل الآن وتمثال عمر مكرم، لم يكن فى القرن التاسع عشر مركز الاحتجاجات المصرية.. بل إن البارون هاوسمان، المخطط الفرنسى جلب التصميم الأوروبى إلى القاهرة لجعل المدينة على طراز باريس.. وكانت القاهرة ضيقة ومزدحمة، فأمر المخطط الفرنسى مرة أخرى بتصميم الميدان بشوارع عريضة ودوائر مرورية كبيرة. وقد جعل تصميمه من السهل على الحكومات إخماد المظاهرات لأنه سهل دخول التجماعت الكبيرة إليه أكثر من الشوارع التقليدية الأقدم.
وفى سوريا، فإن الأماكن الإسلامية التقليدية الأقدم تعد أكثر بروزاً، فالمعركة الحالية بين قوات الأمن والمتظاهرين تتمركز فى مسجد العمرى بمدينة درعا، وتمت تسمية الميدان الذى يقع فيه باسم ميدان الكرامة.
التايم: الميادين العامة تساهم فى صياغة الثورات العربية
الأربعاء، 18 مايو 2011 07:38 م