أكدت جماعة الإخوان المسلمين أن الاستثناء فى حكم القانون نذير بالهلاك، وتشجيع على العدوان على الحياة ودعوة صريحة للفوضى، معلنين رفضهم لما تردد عن العفو عن الرئيس المخلوع وأسرته مقابل التنازل عن حفنة الملايين التى عجزوا عن تهريبها إلى الخارج مثلما هربوا المليارات من قبل.
وتساءل الإخوان فى بيان لهم عن السبب فى اقتصار العفو على الأسرة التى أجرمت فى حق الله والوطن والشعب، لماذا لا يشمل وزير الداخلية الأسبق ورجاله، وبقية المسئولين والوزراء ورجال الأعمال وزعماء موقعة الجمل.
وشدد الإخوان على أن ما يحدث استخفاف بمشاعر الشعب الجريح واستهانة بثورته وبدماء شهدائه ودمائهم، مؤكدين أن أحدا أيا كان لا يملك العفو، إلا أولياء الدم فى حالة القتل، وهذا ما تقضى به الشريعة الإسلامية، أما بقية الجرائم فمتى وصلت إلى القضاء فلا يملك أحد العفو عنها، والحديث الذى صدرنا به هذا البيان خير دليل على ذلك.
إن الإخوان المسلمين وهم يسعون إلى استقرار الأوضاع وتحقيق السلام الاجتماعى وإدارة عجلة الإنتاج والحفاظ على سيادة الشعب واحترام إرادته ومشاعره ليحذرون من التصرفات التى تستفز مشاعره وتثير غضبه وثورته.
ووصف الجماعة فى بيانها أن ما تردد بالأنباء الصادمة، متسائلين: لماذا هذا الحنان وهذه الرأفة والله تعالى يقول فى حق مرتكب جريمة واحدة "ولا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِى دِينِ اللَّهِ إن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الآخِرِ ولْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ المُؤْمِنِينَ"، ودللوا على كلامهم بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم «إنما أهلك من كان قبلكم بأنه إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، والذى نفسى بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعتُ يدها"، مستنكرين أن لا يتم الإفراج عن كل المجرمين فى السجون مهما كانت جرائمهم، إذا كانت هناك نية للإفراج عن عتاة المجرمين ( الرئيس وأسرته وأعوانه) ، معتبرين أن فى حالة الإفراج عن مبارك سيكون عدم الإفراج عن المجرمين الصغار ظلما وتمييزا بسبب المنصب.
وأوضح الإخوان أنه فى حال تطبيق هذا سيتناقض مع نصوص الإعلان الدستورى، مشددين أن هذا العفو عن هؤلاء المجرمين يهدر سيادة الشعب وسيادة القانون ويكرس عدم احترام الدستور، وأشارت الجماعة إلى انه من المؤسف أن يكون نية العفو ناشئة عن ضغوط خارجية، وهو أمر اعتبروه أمر يأباه الشعب المصرى كله، وتأباه سيادتهم وكرامتهم وثورتهم، ولا يمكن أن نقبل استبدال وصاية خارجية بوصاية أمريكية، وليست مصر هى التى تسمح لهؤلاء بالتدخل فى شئونها الداخلية أو ترهن إرادتها بمساعدات مالية أو اقتصادية من أى نوع، ثم أين كان هؤلاء الشفعاء وهو يقترف فى حق شعبه كل هذه الجرائم؟.
وأشار البيان إلى أن البعض يلعب على وتر العواطف بأن الرجل وزوجته مسنان ومريضان، إضافة إلى أنه كان قائد الضربة الجوية الأولى ،متسائلين "هل الضربة الجوية الأولى تخوله أن يفعل بوطنه وشعبه وأمته ما فعل" ؟ ثم إن الضربة الجوية كانت جزء من خطة وضعها المشير الجمسى ، وقام على تنفيذها الفريق سعد الدين الشاذلى رئيس الأركان، ونفذ الجزء الخاص بالطيران الرئيس المخلوع، فمن صاحب الفضل الأكبر ؟ وماذا فعل فى الفريق الشاذلى ؟ ألم يلقه فى السجن، وكان قد بلغ من الكبر عتيا لأسباب تافهة؟ ولم يقبل فيه شفاعة لأحد؟ ألم ينزع عنه كل الأنواط والنياشين التى حصل عليها طيلة حياته العسكرية، ثم ألم يسجن رجالا مسنين مرضى بغير محاكمة حتى أصيبوا بجلطة فى المخ وشلل نصفى ، وكانوا من أبطال حرب فلسطين 1948 ؟
وذكرت الجماعة فى بيانها أن المسألة ليست فى نهب ثروات مصر فقط، وتهريبها للخارج من هذه الأسرة وأعوانها، ولا فى الاستيلاء على أراضيها وتوزيعها على الأتباع والأذناب فقط، ولا فى إفقار الشعب وإذلاله فقط، ولا فى تخريب الاقتصاد القومى وانهياره وتراكم الديون الخارجية والداخلية عليه فقط، ولا فى بطالة الشباب والشابات وعجزهم عن الزواج فحسب ولا فى انتشار الأمراض الخطيرة كالسرطان، والفشل الكلوى، وإهمال مرافق الصحة فقط، ولا فى انهيار التعليم العام والجامعى والبحث العلمى فقط، وإنما أيضا فى تحويل مصر إلى دولة بوليسية تنشر الرعب والإرهاب بين الناس، وفى اعتقال مئات الآلاف دون محاكمة، وفى التعذيب لعشرات الآلاف، وقتل الناس تحت التعذيب أو بأحكام استثنائية جائرة ، وفى إفساد الحياة السياسية بتزوير الانتخابات واغتصاب السلطة والعبث بالدستور من أجل التوريث وتقنين الظلم والفساد ، بل تحويل مصر إلى سلخانة تعذيب لحساب أمريكا .
وأضافت الجماعة ليس ذلك كله فحسب، ولكن كذلك التفريط فى الأمن القومى بالتفريط فى علاقة مصر بدول منابع النيل، الأمر الذى يؤثر على حصة مصر فى مياه النهر التى هى حياة المصريين، والتحالف الاستراتيجى مع الصهاينة حتى اعتبروا ذلك الرئيس المخلوع كنزا استراتيجيا، وحصار أهل فلسطين فى غزة إلى حد الخنق، والتنكر للقضايا القومية العربية، والتفريط فى المقدسات الإسلامية والمسيحية ، ورهن مصر للسياسة الأمريكية، وأخيرا وليس آخرا قتل الثوار فى الشوارع والميادين أثناء ثورة 25 يناير، الذين قارب عددهم الألف، إضافة إلى آلاف الجرحى والمصابين بالعاهات المستديمة، بأمر ذلك الطاغية المخلوع، وكذلك أمره للجيش بتسوية ميدان التحرير بالأرض أى قتل مئات الآلاف لولا أن الجيش رفض تنفيذ الأمر.
الإخوان: لا أحد يملك العفو عن مبارك إلا أولياء الدم
الأربعاء، 18 مايو 2011 05:23 م