"وهلّا لوين؟" هو اسم الفيلم اللبنانى لمخرجته "نادين لبكى" والذى عُرض ظهر أمس، الاثنين، فى إطار مسابقة "نظرة ما" بمهرجان كان السينمائى الدولى، وقد شهد عرض الفيلم – الذى يعتبر التمثيل الرسمى الوحيد للسينما العربية فى هذه الدورة - حضوراً كبيراً ولاقى إعجاباً شديداً من أغلب المشاهدين.
التحية الكبيرة التى تلقاها الفيلم تعود إلى قدرة مخرجته "نادين لبكى" (والتى تلعب أيضاً بطولته، كما فعلت فى فيلمها الأول إخراجياً "سكر بنات" أو "كراميل" على الانتقال بمشاعر الجمهور بين الضحك والحزن الذى قد يصل إلى حد البكاء بعبقرية شديدة ودون افتعال، وذلك من خلال قصة شديدة الحساسية مكتوبة بعناية فائقة.
أحداث الفيلم تقع فى قرية لبنانية صغيرة مزقتها الحرب يعيش أهلها على شفا خطر يهدد حياة المقيمين بها بسبب تزايد الحساسيات الطائفية بين سكانها من المسلمين والمسيحيين، مما ينذر باشتعال الصراع بينهما فى أى لحظة.
ومن أجل نبذ هذا التعصب تجتمع نساء القرية ويتفقن على وضع خطة لإلهاء رجالهنّ عن هذا الصراع الكامن، وبعد عدة محاولات لا تكلل بالنجاح يصلن إلى قناعة أن أفضل وسيلة لتشتيت انتباه الرجال بعيداً عن الحساسيات الطائفية، وبالفعل ينجحن فى استقدام فريق استعراضى من فتيات أوكرانيات يمكثن لفترة بالقرية بدعوى أن الأوتوبيس الذى كان يقلهنّ فى جولة لهن بمدن مجاورة قد تعطّل عند مدخل القرية ولن يتم إصلاحه قبل خمسة أيام. خلال تلك الفترة يشتد الصراع الطائفى بين مسلمى ومسيحيى القرية خاصةً مع مقتل أحد أبناء القرية من المسيحيين أثناء مروره بالخطأ على طريق مجاور للقرية به صراع مسلح بين مجموعة من المسلمين والمسيحيين.
ورغم وقوع هذه الوفاة بالصدفة وخارج نطاق القرية إلا أن وصول نبأ الوفاة لأهل القرية كان كفيلاً بإشعالها مما يجعل والدة الفتى تقرر إخفاء خبر موت ابنها وكتم حزنها بداخلها منعاً لإشعال الفتنة.
ويصل الفيلم إلى ذروته مع قرب اشتداد الصراع الطائفى بين الفريقين فتقرر نساء القرية تفعيل خطتهن بإقامة حفل بالمقهى المملوك لإحداهن (آمال، والتى تلعب لبكى دورها) ليقمن بإلهاء رجالهن خلاله عن طريق الفتيات الأوكرانيات اللاتى يقدمن فقرات راقصة، بالإضافة إلى إطعام الرجال مأكولات مخلوطة بمخدر ليتمكن النساء فى نفس هذا الوقت فى إخفاء جميع الأسلحة الموجودة بالقرية فى مكان لا يستطيع الرجال الوصول إليه.
تستكمل الخطة وتصل إلى قمتها فى اليوم التالى عندما يستيقظ كل رجال القرية ليجد المسيحى نفسه فى منزله وقد أصبح مليئاً بالآيات القرآنية وزوجته تصلى الصلوات الإسلامية، ويجد المسلم بيته معلق بكل حوائطه صلبان وزوجته قد اعتنقت المسيحية ليصاب الجميع بالذهول والحيرة غير مدركين ما يدور حولهم وما قد يكون حدث من الليلة الماضية، لتنجح فى النهاية سيدات القرية فى توصيل الرسالة أن جميعهم فى نهاية الأمر أولاد قرية واحدة لا فرق بين مسيحييها ومسلميها.
جانب السخرية الغالب على الفيلم ساهم بشكل كبير فى مناقشة قضية حساسة كهذه ببساطة ودون أى إدعاءات أو مباشرة فى التناول، ساهم فيه أيضاً الأداء المميز للممثلين والممثلات فرغم أن أغلبهم من غير المحترفين إلا أن أداءهم كان به قدر كبير من المصداقية، خاصةً الممثلة التى أدت دور الأم التى فقد ابنها. كما كان لموسيقى الفيلم دوراً مميزاً فى أحداثه ليس فقط من خلال الموسيقى التصويرية، ولكن أيضاً من خلال عدة أغان اشترك فى أدائها أبطال العمل كلوحات موسيقية شديدة الجمال.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة