كشف دبلوماسى مصرى سابق أن نظام الرئيس السابق "محمد حسنى مبارك" مسئول بشكل كبير عن إهدار حقوق الأسرى المصريين خلال الحروب التى خاضتها مصر ضد إسرائيل، وذلك لتوخى عدم إثارة المشاكل مع الإسرائيليين.
وقال السفير حسن عيسى الذى شغل منصب قنصل مصر العام بمدينة إيلات لـ "اليوم السابع"، إن النظام السابق أهدر حقوق الأسرى إهدارا شديدا، حيث لم تحرك وزارة الخارجية المصرية أى شكل من أشكال الدعاوى القضائية الدولية لمحاكمة المتسببين فى قتل الأسرى والمطالبة بتعويضات مالية كبيرة لأسرهم، وذلك بسبب ضغط هائل من جانب النظام المصرى الحاكم خلال السنوات السابقة.
وأوضح عيسى، أن إثارة تلك القضية لا تعد مشكلة أو أزمة قد تحدث مع تل أبيب، لأنها حق من المصريين كان يجب على الدولة المصرية متمثلة فى رئيس جمهوريتها أن يسعى لاسترداده.
وكانت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية قد نشرت صورا لاحتلال سيناء عام 1956، وكذلك صورا للجنود الأسرى المصريين وهم عراة فى حرب 5 يونيو 1967.
وأضاف عيسى أن نشر تلك الصور من جانب وسائل الإعلام الإسرائيلية يأتى من باب الدعاية للجيش الإسرائيلى، والتقليل من حجم مصر، وخاصة عقب الدور الكبير الذى لعبته لتحقيق المصالحة الفلسطينية بين حركتى فتح وحماس، والذى أدى فى النهاية للتوقيع على اتفاق مصالحة تاريخى بين الفلسطينيين، والإنهاء لسنوات عديدة من الانقسام الداخلى، مشيرا إلى أن تل أبيب كانت قد نشرت منذ عدة سنوات صورا مماثلة بالإضافة لصور أسلحة مصرية اغتنمتها خلال حرب 1967، فى معرض أسلحة كبير أقامته بتل أبيب، وبثته على شاشات التلفزيون الإسرائيلى من أجل الدعاية أيضا.
وطالب قنصل مصر السابق لدى إيلات فى الفترة ما بين عامى 1982 حتى عام 1986 الحكومة المصرية الحالية بتحريك دعاوى قضائية دولية لاسترداد حقوق الأسرى المصريين، مضيفا أن وجود الدكتور نبيل العربى وزيرا للخارجية فى هذه المرحلة قد يساهم فى استرداد تلك الحقوق التى أهدرت منذ سنوات.
ونشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية صورا لجنود إسرائيليين وهم يلتقطون صورا بجانب الأسرى المصريين، ويوجهون أسلحتهم تجاه الأسرى المصريين فى حرب 1956، وصورا أخرى للأسرى المصريين فى حرب 5 يونيو 1967 فى إطار احتفال إسرائيل بذكرى مقتل جنودها فى الحروب التى خاضتها من قبل.
وبالتزامن مع نشر صور الأسرى المصريين خلال الحروب مع إسرائيل بثت صحيفة "يديعوت أحرانوت" الإسرائيلية عبر موقعها الإليكترونى مقطع فيديو نادر تزعم فيه نجاح "آرئيل شارون" فى تغيير مجرى حرب السادس من أكتوبر عام 1973، مما أدى لقلب الموازيين لصالح تل أبيب، الأمر الذى عقب عليه اللواء فؤاد حسين الخبير الاستراتيجى بالقول، إنه لا يعدو كونه فيديو "تافه" و"عادى"، الغرض منه إثارة الرأى العام فى مصر لتأجيج الشعور لدى المصريين لإلغاء اتفاق "كامب ديفيد" من جانبهم وتكون تل أبيب فى حلٍ منها.
وعلق عدد من الخبراء الاستراتيجيين لـ "اليوم السابع"، أن هذا الأمر استفزازى من الدرجة الأولى للمصريين، حيث طالب الدكتور طارق فهمى، رئيس وحدة الإسرائيليات بالمركز القومى لدراسات الشرق الأوسط، بفتح الملفات المسكوت عنها فى قضايا العلاقات المصرية – الإسرائيلية ومنها المطالبة بالحقوق الضائعة للأسرى المصريين خلال حرب 56 وحرب 73، واستغلال تلك الصور جيدا للمطالبة بتلك الحقوق.
وأشار فهمى إلى أنه منذ عشر سنوات تقريبا قامت المحكمة الإدارية العليا بمدينة القدس المحتلة بالتحقيق فى هذا الملف، وفتحه مرة أخرى، وإصدار أحكام فى صالح الجنود المصريين، وكلفت لجنة خاصة لمتابعة هذا الأمر ترأسها الرئيس الإسرائيلى الحالى "شيمون بيريز"، ولكنه لم تتم أى متابعة لها من جانب الخارجية المصرية وتم غلق الملف فى إسرائيل.
وفى سياق الملفات المسكوت عنها مع تل أبيب أضاف فهمى، أنه يجب المطالبة أيضا بتعويض مادى ضخم عن احتلال إسرائيل لسيناء منذ عام 1967، حتى عام 1973، وفتح تحقيق دولى حول سرقة الدولة العبرية للمياه الجوفية، فى شبه جزيرة سيناء، كذلك سرقة الآثار التى تمت خلال فترة احتلال سيناء.
وطالب فهمى بفتح قضية احتلال قرية "أم الرشراش"، التى أقامت عليها إسرائيل مدينة وميناء "إيلات" بالإضافة لاسترداد "دير السلطان"، أحد أهم الأماكن المصرية القبطية الأثرية على الحدود مع إسرائيل.
وقال اللواء فؤاد حسين إن تلك الصور فى المجال العسكرى تعتبر عادية، حيث إن مصر استخدمت نفس الأسلوب وذلك فى إطار التأكد من عدم حملهم لأى سلاح خلال التحقيق معهم، فيما رأى الدكتور عماد جاد، خبير الشئون الإسرائيلية فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن توقيت نشر تلك الصور الهدف منه إهانة المصريين، وإحباطهم عقب نجاح القاهرة فى المصالحة بين حركتى فتح وحماس، وعودة الوفاق الوطنى الفلسطينى مرة أخرى لسابق عهده.
وأضاف جاد أن كل ما يتعلق بالعلاقات المصرية– الإسرائيلية خضع لإعادة النظر مرة أخرى من جانب مصر، وبالتالى نشر تلك الصور والفيديو الذى يمجد من شارون ومزاعم تحقيق انتصارات إسرائيلية فى حرب أكتوبر هو رد على التغيير الذى طرأ فى السياسة المصرية تجاه إسرائيل عقب نجاح ثورة 25 يناير.
وكانت قد نشرت القناة الثانية من التلفزيون الإسرائيلى عام 2008، فيلما تسجيليا أسمه "روح شاكيد"، تضمن صورا لبنيامين بن أليعازر وهو يقتل أسرى مصريين بدم بارد، مما أثار مشاعر المصريين، وقدم وزير الخارجية المصرى السابق أحمد أبو الغيط احتجاجا رسميا على نشر الفيلم، فى حين لم تقدم تل أبيب أى اعتذار، ومر الأمر مرور الكرام، حيث اكتفت مصر بطلب الاعتذار دون أن تتحرك دوليا لحفظ حقوق الأسرى المصريين.
قنصل مصر السابق بإيلات يتهم مبارك بإهدار حقوق الأسرى
الثلاثاء، 17 مايو 2011 06:54 م