شن الناقد الدكتور صلاح فضل رئيس الجمعية المصرية للنقد الأدبى هجومًا حادًا على شباب الكُتَّاب ممن يسعون إلى قطع الصلة بأعلام المبدعين والمفكرين، والبدء من الصفر، مستغلين سهولة النشر فى أيامنا هذه، لينشروا أى شىء يخطر ببالهم، دون أن يمتصوا ويستوعبوا تلك الخبرات الجمالية والتقنية والحياتية والفنية التى صبّها كبار المبدعين قبلهم، وقال إنهم لن يخطوا أكثر من مواقع أقداهم، ولن يبلغوا شيئًا.
جاء ذلك حينما وجه الدكتور صلاح فضل فى بداية الجلسة الثالثة التى أدارها ضمن فعاليات مؤتمر اليوم الواحد "فتحى غانم.. مبدع لم يفقد ظله"، بالأمس الاثنين، تحية شكر وتقدير للقاص الكبير خيرى شلبى مقرر لجنة القصة التى نظمت المؤتمر، قائلاً: "إننا بدون هذه الندوات نفقد ذاكرتنا، وإحساسنا بما مضى، ونفقد قدرتنا على أن نشحذ طاقتنا للكتابة والعمل والتحدى".
وقال فضل: "عندما أرى مئات الكتب التافهة الصغيرة التى تتوهم أنها ستبنى عالم الفن بمجرد أن تشغل شهوة الحكى أو الثرثرة، وتتوهم أن سهولة النشر يمكن أن ترقى بها إلى مستوى الإبداع وأن تصنع لها أسماءً، كل هؤلاء يعيشون فى أوهام كبيرة لا تلبس أن تبطن وتتوقف، لأنهم بدون أن يستحضروا كل ما تكثف فى الذاكرة الإبداعية على الأقل فى المائة عام المنصرمة، وإن لم يكن قبل ذلك، فسوف يعرفون أن الكتابة باللغة العربية لا تصح ولا تتأصل إلا إذا بدأت بالقرآن الكريم، وثنت بالجاحظ وأبو حيان التوحيدى وغيرهم، ثم الأجيال التى تلت ذلك، هؤلاء الذين يريدون أن يقطعوا علاقتهم بالماضى لا يستطيعون أن يحدثوا قطيعة مع من أصلّوا لفن القص والكتابة والرواية مع الأعلام العظماء فى القرن العشرين، فعندما أرى "الغثاثة" التى تملأ واجهة المكتبات الآن، أشعر بأن هؤلاء تضيعهم سهولة النشر، وتغريهم بساطة الثرثرة، ويتصورون أنهم بمجرد أن ملئوا الفراغات فى الصحف أو سودوا وريقاتٍ فى كتابٍ تعرف طريقها إلى النشر قد أصبحوا كتابًا، وهم فى النهاية لا يتعدون مصير فراشات هائمة تحترق عند أول مصباحٍ متوقد، إذا أحسن بهم الظن فسوف نشبههم بأشياءٍ أقل قدرًا من الفراشات".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة