رمضان محمود عبد الوهاب يكتب: امرأة اعتلت عرش مصر

الثلاثاء، 17 مايو 2011 12:21 م
 رمضان محمود عبد الوهاب يكتب: امرأة اعتلت عرش مصر سوزان ثابت

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لقد عاشت الثلاثين عاما الأخيرة من عمرها سعيدة كل السعادة، بعد أن خرجت من حياة الظل والتهميش التى عاشتها إبّان فترة حكم الرئيس الراحل السادات إلى حياة الشهرة والأضواء، فبين طرفة عين وانتباهتها يتحول كل شىء إلى نقيضه، وذلك بعد نجاة الرئيس السابق من موت محقق فى حادث المنصة الشهير عام1981، ليتولى على إثره مقاليد الحكم، ولتصبح السيدة سوزان مبارك سيدة مصر الأولى، وكل هذا التحول يذكرها فى البداية بالنبوءة التى ساقتها إليها العرافة ذات يوم، ومبارك لا يزال فى بداية خدمته العسكرية، والتى كانت تبشرها فيها بأنها ستملك فى يدها كل شىء المال والوجاهة الاجتماعية والسلطة، من أجل ذلك لم تدخر السيدة سوزان مبارك جهدا فى سبيل تحقيق هذا الحلم، فبدأت تسابق الزمن لتأمين المنصب الرئاسى، فزجت بنفسها فى العمل السياسى، وأخذت أكثر من موقع قيادى، وقبضت بيدها على منطقة صناعة القرار، وأصبحت صاحبة الأمر والنهى فيها، فكانت تنتقى الوزراء الأكثر إذعانا لإرادتها والأكثر تقديما لفروض الولاء والطاعة، وكانت تعمد دائما إلى تأليف قلوب ذوى المصالح والمنافع العاجلة من حولها تمهيدا لإعداد ملف التوريث.

ثم دفعت بعد ذلك بجمال مبارك إلى العمل السياسى وأحاطته ببطانة تصفق له وتزكيه بين الناس، والحقيقة أنها صنعت كل ما فى وسعها حتى لا تخرج السلطة من بيتها، وتظل هى الحاكمة فى الظل التى تمسك بكل خيوط اللعبة السياسية فى منطقة صنع القرار، لتحرك كل شىء حسب رغبتها.

الذى لا شك فيه أن السيدة سوزان مبارك كانت تبسط يدها على مقدرات الشعب وموارده، وكانت تضع السلطة التنفيذية الممثلة فى الحكومة فى قبضتها بعد أن غدا تعيين معظم الوزراء بموافقتها، وبعد أن أصبح بقاء الوزير فى منصبة أو عزله مرهونا برضاها أو غضبها، فكانت تظن بذلك أن كل شىء يمضى نحو مستقبل تصنعه لنفسها من دون المصريين، فمصر كانت بالنسبة لها عزبة، والناس فيها هم الأجراء تمّن عليهم متى تشاء؟ وأعتقد أن تحقيقات جهاز الكسب غير المشروع قبل أيام مع السيدة سوزان وزوجها مبارك تؤكد لنا صدق هذه التوقعات، فقد أسفرت هذه التحقيقات عن تضخم ثروتهما عن طريق استغلال السلطة، وذكرت منها فيلا لمبارك تقدر بملغ 36 مليون جنيه ومبلغ 145 مليون دولار مخصصات مكتبة الإسكندرية كانت تحت تصرفها سحبا وإيداعا فى البنك الأهلى فرع مصر الجديدة، أما السيدة سوزان فقد تمت مواجهتها بامتلاكها فيلا فى القاهرة ومبلغ 20 مليون جنيه بأحد البنوك، وهذا خلاف ما ذكر من الملايين التى لا تزال ببنوك سويسرا وغيرها من الدول الأوروبية، وهذا إن دل على شىء فإنما يدل على أن أسرة مبارك قد استأجرت الشعب المصرى لحسابها ثلاثين عاما، وكانت النية تتجه إلى استعباده مدى الحياة فى حال توريث جمال الحكم، لكن العناية الإلهية كانت ألطف بالمصريين من أنفسهم فأنقذتهم على يدى شباب الثورة من قهر سرمدى.

لم تعلم السيدة سوزان مبارك نهاية البداية التى أودت بها وبنجليها وزوجها إلى السجن، فهل عجزت العرافة عن أن تكشف لها هذه النهاية الأليمة التى كانت تتوارى خلف الحجب الإلهية طيلة الأعوام الماضية، والتى كانت تحمل لها أسوء مفاجأة على الإطلاق فى ثنايا الزمن لم تكن تتوقع حدوثها فى يوم من الأيام. فمع بزوغ شمس الخامس والعشرين من يناير اهتز عرش السيدة سوزان مبارك، وزلزلت الأرض من تحت قدميها، ورغم أنها كانت أكثر إغراقا فى الثقة بنفسها، إلا أنها كانت تشعر بالنهاية المحتومة التى أصبحت كابوسا يهدد حياتها ويبدد أحلامها، فماذا تنتظر بعد أن أقصى مبارك عن الحكم رغم ما أخذته فى السابق من تدابير أمنية صارمة لتأمين حصون الرئاسة المنيعة؟ وبالرغم من ذلك انهار كل شىء وتداعت مملكتها التى حرصت على أن تبقى على عرشها مدى الحياة.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة