حمدى خليفه

أبطال أكتوبر وأبطال يناير

الثلاثاء، 17 مايو 2011 07:34 م


سيظل التاريخ العربى – ردحاً من الزمن – عاجزاً عن ترجمة المعانى بألفاظ تصوغها العقول وتستسيغها القلوب فى صدق يفرض نفسه كيف قامت ثورة الشباب فى الخامس والعشرين من يناير سنة 2011 ؟! وكيف غيرت أركان النظام الحاكم الذى لم يكن يتصور أحد يوماً أن نصفهم بالسابقين، ولم يكن أحد يتصور أن يراهم رهن التحقيق فى غياهب السجون.. إن الأفئدة فى ذهول لكل ما يحدث وكل ما يدور.

إننا حقاً فى زمن المعجزات.

إن التاريخ نفسه لم يترجم لنا المعانى ولا الكلمات التى يمكن أن نصدقها عن حرب العزة والكرامة، نصر أكتوبر 1973.

قالها الرئيس الراحل أنور السادات: سيأتى اليوم الذى نجلس فيه مع أنفسنا نتخيل كيف كانت الحرب، وكيف كان النصر، حقاً لقد وصلنا إلى هذه النقطة، وقبل مضى تلك الساعة جاءتنا ثورة (25) يناير ليتضاعف الانبهار ونجلس سوياً نتأمل كيف كان نصر 73 وثورة 25 يناير.

إن أبطال أكتوبر هم آباء أبطال ثورة 25 يناير فى حقبة زمنية لم تجاوز الأربعين عاماً، لنؤكد للعالم أجمع أن مصر هى الباقية، ومصر هى الأم الولود التى لا ينتابها العقم فى أى مرحلة سنية من مراحل تاريخها.

مازلنا ننظر للحياة من أوسع أبوابها ومن شرفة عالية نرى كل ما تحتها.. فمنذ بدء الخليقة ومصر تمارس دورها التاريخى فى طرد الهكسوس بعجلات أحمس الحربية وحكم الملك رمسيس الثانى 67 سنة استطاع أن يهيمن بسيطرته على العالم كله، بعد ولايته الحكم فى دولة كانت تحاول لملمة أشلائها.

وفى كنف الخلافة الإسلامية قامت الدولة الطولونية والإخشيدية والفاطمية والأيوبية؛ بنت مصر من خلالهم تاريخاً وحضارة مازالت تنبض حتى اليوم فى القاهرة الفاطمية بقلعتها وأزهرها ومساجد آل البيت.

إن آثار الإسكندرية فى قلعة قايتباى والمنارة والمتحف اليونانى والرومانى وغيرهم، خير دليل على إطرائنا النظرى، وهى شواهد ندلل بها على الحقيقة الجلية.

آثار تاريخ مصر فى الأقصر وأسوان وأخميم وأهرامات الجيزة حتى هرم ميدوم أقدمهم بالواسطى، وفى بنى سويف وأبى الهول كلها ألسنة لهب مشعة لتاريخ وحضارة عمرها سبعة آلاف عام.

هذه الحضارة وهذا التاريخ على شعب مازال يعانق الطبيعة، ليس عليه بعزيز أن يحارب وأن ينتصر ضد الصهيونية العالمية المحتلة للأراضى العربية، وأن ينتصر بالسلام فى كل معاهداته واتفاقياته، التى أعادت الحق لأصحابه وطالبت بحقوق الآخرين.

ليس بغالى على هذا الشعب أن يغير أنظمته الحاكمة التى لم تعد تلائم مجريات الحياة وتواكب العصر والأوان.

الشعب هو المعلم وهو القائد وهو الباقى أبداً.. كلنا زائلون وتبقى مصر عزيزة غالية يحمى عرينها الأجيال المتتابعة، والتاريخ وحده هو الذى يحكم على كل التجارب وكل الحقب وكل نفس تنفسناه.

فكما نحكم اليوم على قرون مضت سندخل حتماً موازين قرون آتية، سيظل العالم كله يقارن بين نصر أكتوبر المجيد ونصر ثورة (25 يناير) وكل يوم تطلع فيه الشمس نكتشف معه الجديد.

إن ما يحدث لنا الآن وفى هذه الفترة الحرجة من مشاحنات وضيق وقتل وسلب ونهب؟ ما هو إلا فترة نقاهة للجسد المصرى الذى لم يفق من مخدر التدخل الجراحى.. فلم يعد الكلام متوازناً ولا الأفعال ولا الردود فترة نرى فيها معظم الأشياء تموج، ولكن نبراس قواتنا المسلحة يفيض حباً وحناناً، وكلما نراه يتألق ننام قريرى العين مستريحى الضمير.

مصر بخير مهما حدث وستظل بخير، ولن تضيع أبداً ولن تفقد توازنها مهما بلغت الصعوبة من شظف العيش وسيظل الرغيف الأسمر هو القاسم المشترك بيننا كشعب ألف الصعب ونبذ الفكر العقائدى المتطرف.

لقد عشنا سنوات بعد نصر أكتوبر نخشى الغارات والحروب وصوت دانة المدفع ونتحسس همسها فى آذاننا وفى مخيلتنا ونخشى عواقب الأمور.

إن جيل أكتوبر الذى حارب وانتصر أنجب جيل ثورة (25) يناير الذى ثار وغير وبدل فى عظائم الأمور.

غير مستبعد وغير بعيد، أن نتغلب على المحن التى تفاجئنا من حين لآخر، كما تغلبنا عليها عقب نصر أكتوبر.

التاريخ يعيد نفسه والعجلة تدور، والآلة تحرث وتطحن كل ما هو غريب.
النصر لنا والعزة والكرامة.

• نقيب النحامين ورئيس اتحاد المحامين العرب.


أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة