فى اعتصامات إخواننا المسيحيين أمام ماسبيرو شاهد المذيع طفلا صغيرا يعتصم مع أسرته، فسأله لماذا تعتصم يا حبيبى؟ فأجاب بمنتهى البراءة (نفسى صحابى فى المدرسة مايقولوليش انتوا هتخشوا النار)...
رغم اختلاف الإسلام والمسيحية نتفق سويا أن مثل هذا الطفل إذا توفى لا قدر الله سيدخل الجنة، فهو لم يقترف إثما بعد وهو غير مكلف أصلا، ولن يحاسب، ولا ألوم أبدا الطفل المسلم الذى قال له ذلك فهو أيضا غير مكلف ولا يعلم شيئا، ولكن لى حوار كبير مع والده.. فهو إما من سمح لابنه أن يردد هذا الكلام دون مراقبة، وإما هو مصدر المعلومة! وهنا يطالعنا رغما عنا السؤال المعروف: هل والد الطفل المسلم يضمن لنفسه الجنة؟ بالطبع لا، إذا كيف لغير الضامن أن يجزم بدخول النار لطفل من البديهى أنه ضامن دخول الجنة؟!
والسؤال الآن: هل هذه تعاليم سيد الخلق أجمعين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؟؟
يوم القيامة هو موقف عظيم ولا أحد منا يعلم مصيره ومنتهاه هو شخصيا فكيف الخوض فى مصائر الآخرين؟ توجد على الأرض 126 عقيدة (على حد علمى) وكل واحدة منها ترى أنها على حق ويقين، أما الباقون فكلهم فى الهاوية! فما الحل إذا فى هذا الإشكال؟ الحل أن نقرأ معا سورة الحج آية 17 (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شئ قدير) أى أن الجميع أصحاب الشرائع وغير أصحاب الشرائع وحتى المشركين، الله هو الوحيد صاحب القرار فى مصائرهم فى يوم القيامة وكأنها منع من الخوض فى تلك المسألة فى الدنيا، لأن الله هو الذى سيفصل ولكنه يريدنا أن نعيش جميعا بسلام.
لا مانع أبدا من التحاور بين الديانات ولكن بدون إقحام الأطفال إلى هذه النقطة الخطيرة.
هل لنا أن نتنبأ بالنشأة النفسية لهذا الطفل المسيحى؟... ما ذنبه؟.. هل سيحب المسلمين عندما يكبر؟، لماذا يكون لدينا طفل مهموم؟ ألا يكفيه ما سيعانيه فى مشوار حياته الطبيعية؟ فربما يسقط فى الثانوية العامة وغالبا سيختلف مع والديه كثيرا بسبب مصروف الجامعة ثم يعانى فى البحث عن عمل ليتقدم لخطبة فتاه تصارحه أنها مرتبطة وأنه مثل أخيها! ولربما تنفجر كنيسته فى رأس السنة أو أعياد الميلاد ثم يحزن ويفرح ويحزن ويفرح كنتيجة للأوضاع الراهنة فى عمله، ثم يمرض بالسكر والضغط مع تقدم سنه ثم يعانى ليس من المرض فقط، بل من الوحدة أيضا فى شيخوخته، ألا يكفى عليه كل ذلك من صعوبات ومآس طبيعية؟
كما حكت لى زميلة أيضا أن أختها صعدت إلى المنزل باكية، وتقول إن صديقاتها فى الشارع قالوا لها (بابا قال ما تلعبوش مع مسيحيين)
(يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) الحجرات 13، فالخطاب موجه للناس أجمعين وأن الأكرم عند الله هو الأكثر تقوى والتقوى شىء لا يستطيع أن يقيمه الإنسان بل يعلمه الله وحده صح؟ وأيضا قوله تعالى (فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى) النجم 32.
أيها الطفل المسلم والمسيحى، أنتما فى الجنة يا حبيبى لحد ما تكبروا وتبقوا مسئولين ومكلفين، ولا تخافا لن يأمر الله بدخول أحدكما النار لأنه لم يغلق باب التلاجة كويس أو لأنه نسى أن يأخذ الباقى من البائع فى أول تجربة شراء جينه بيض من السوبر ماركت المجاور للمنزل، وإلى (بعض) من لا يعرف ويطبق تعاليم الإسلام أطلب منهم ومن نفسى الرجوع لعظمة هذا الدين.
دعونا لا نصنع جيلا من الكارهين للغير.. المتعاليين المباهين المدعين علما بمصائر البشر وبقوائم دخول الجنة والنار.. دعونا نصنع جيلا من المحبين القابلين للآخر والمقبولين.. دعوا الإسلام يتحدث... وينشد.. دعوه يربى أبناءنا وينشر قيمه (الحقيقية) بيننا جميعا.. دعوا الإسلام ذلك الرشيق الجميل يمشى بين الناس فى الشوارع، فيعرفوه من جماله وأناقته ورائحته وسماحته.. وعطائه وصفائه.. وصبره وحبه.. ولطفه وأدبه ليس مع الناس فقط بل مع كل المخلوقات، والآن وبعد الثورة، أرجو أن نصل لمرحله نتمناها جميعا، وهى أن الدين لله فعلا والوطن للجميع.
كفى المسيحيين ما أصابهم حتى الآن...
مسلم ومسيحى إيد واحدة... لابد أن يصبح منهاجا دنيويا، أما الآخرة فالحكم فيها لله سبحانه وتعالى.
الهلال مع الصليب
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة