الأحداث الأخيرة التى شهدتها إمبابة تهدد مصرنا الحبيبة بالخطر، وتهدف إلى زعزعة الأمن والأمان وبث الفرقة داخل أبناء الشعب المصرى.
لا يختلف اثنان من البشر على أن ما حدث وراءه جناة مجرمون محرضون من قبل فلول الحزب الوطنى المنحل للعب بورقة الفتنة الطائفية، بعد حرق جميع أوراقهم السابقة، وذلك لتعطيل محاكمة مبارك ورفاقه وإضاعة الوقت للتفكير فى معالجة الفتنة الطائفية بدلا من الخروج من عنق الزجاجة، والنهوض بمصر اقتصاديا.
جميعنا شارك فى مظاهرات الغضب بميدان التحرير، بل والبعض الآخر قضى ثمانية عشر يوما معتصما هناك، أتحدى من يأتى منهم بموقف شاهده يدل على الفتنة الطائفية، برغم أن الأعداد كانت بالآلاف، والكل كان متعاون ومتكاتف يدا واحدة، المسلم مع المسيحى، واذا صلى المسلم كان أخيه المسيحى يحمى ظهره من البلطجية، ولاحظنا جميعا فى جمعة الانتصار التى ألقاها فضيلة الدكتور يوسف القرضاوى رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين وكان عدد الحضور أكثر من ثلاث ملايين من المصريين بجميع طوائفهم، وكانت المفاجأة عندما قال القرضاوى فى بداية خطبته "أيها المسلمون والأقباط"، ويعد هذا أول مصطلح فى التاريخ أن ينادى خطيب الجمعة بهذا المصطلح المركب، ولكن كان القرضاوى يهدف بهذا التأكيد على الوحدة الوطنية وترابط وتماسك الشعب المصرى.
لا نريد أن نلقى التهم جزافا بتيار بعينه، ونصف الإسلام بالإرهاب والتشدد، فجميعنا نستنكر ما حدث، ونؤيد احترام حق الحياة الإنسانية وحرية الاعتقاد، حيث أن الأديان السماوية كلها والإسلام بصفة خاصة تقرر بكل وضوح أن الأصل فى الدماء العصمة والحرمة، إلا من أهدرها بإجرام أو فساد فى الأرض، والنبى صلى الله عليه وسلم يقول: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم، والمجاهد من جاهد نفسه فى طاعة الله، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب.
إن المتأمل والقارئ لسيرة النبى صلى الله عليه وسلم يجد أن شريعة الإسلام كما تحرّم قتل الأبرياء المدنيين تحرّم ترويع الآمنين، وتخويف المسالمين، لأن حق الإنسان شرعا أن يصبح ويمسى آمنا على نفسه وأهله وماله ودينه، وسائر حرماته وخصوصياته، ويعتبر الإسلام الأمن من أعظم نعم الله على الإنسان، والاعتداء عليه مما يوجب سخط الله فى الآخرة، وعقوبته فى الدنيا، ويبرز ذلك جلياً فى تذكير المولى سبحانه وتعالى لأهل قريش بعظيم منته وفضله بالأمن والأمان عليهم بقوله: "الذى أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف" "سورة قريش "آية (4)،
وقد أعلن النبى -صلى الله عليه وسلم- فى حجة الوداع على رءوس الأشهاد أن دماء الناس وأموالهم وأعراضهم حرام عليهم بعضهم على بعض، دائمة الحرمة إلى يوم القيامة.
وقد أكد النبى صلى الله عليه وسلم عمومية الحكم بتحريم تخويف المسلم أو ترويعه، ونهى عن إدخال الرعب عليه بأى وسيلة، فقد كان الصحابة رضى الله عنهم يسيرون مرة معه فى سفر، فاستراحوا ونام رجل منهم، فقام بعضهم إلى حبل معه فأخذه، وأمرره على جسد أخيه النائم ففزع، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: (لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً) رواه أبو داود، وروى ابن عمر رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أخاف مؤمناً كان حقاً على الله أن لا يؤمنه من أفزاع يوم القيامة) رواه الطبرانى.
بل لقد نهى صلى الله عليه وسلم عن الإشارة بالسلاح، وقال: (من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه، حتى وإن كان أخاه لأبيه وأمه) رواه مسلم، فهذا تحذير من الإشارة بأى آلة مؤذية قد تؤدى الإشارة بها إلى القتل، كالسكين والآلات الأخرى الحادة، حتى لو كانت الإشارة مجرد مزاح، وفى هذا تأكيد على حرمة المسلم، والنهى الشديد عن ترويعه وتخويفه والتعرض له بما قد يؤذيه.
ومن هذا المنطلق فإننا ندعو كل القوى السياسية والشعب المصرى للوقوف جميعا ضد التحديات الهائلة المفروضة على مصرنا الحبيبة، والترابط والتماسك حتى لا يصل المغرضون إلى غرضهم وهو الوقيعة بين أبناء الشعب المصرى مسلمين ومسحيين، وزرع الفرقة التى يسعى البعض لزرعها بينهم، والالتفاف حول وحدتهم ومصالحهم العليا التى لن تتأتى إلا من خلال الوقوف صفاً واحداً ضد الفتنة الطائفية، رافعين شعار" مسلم ومسيحى أيد واحدة ".
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة