صاحبى القديم هشام الجخ سطع نجمه بصورة واضحة وسريعة من حوالى سنة تقريبًا.. وده شىء أسعدنى للغاية بحكم صداقتنا القديمة والتى انقطعت، مشاغل الحياة، قبل بداية صعوده بفترة كبيرة.
وطبعًا كأى نجم مفاجئ ظهر له دراويش وظهر ناس ترفضه، بعيداً عن حكم القيمة حول كتابات الجخ، وهل هو شاعر عظيم أم ممثل أعظم.. أنا كنت سعيداً إن أحد أصدقائى يسير على طريق النجومية، لكن بعد فترة حدث موقف سخيف على صفحة هشام على "الفيس بوك" حين ترك بعض جماهيره، إذا جاز التعبير، تسخر من الشاعر مؤمن المحمدى.. لكنه سرعان ما اعتذر بعد ما وجد هجوماً كبيراً فى الشارع الأدبى اللى تكونت شهرة الجخ بعيد عنه.
وأخيرًا قامت ثورتنا البديعة فى يناير الماضى، وظهر لها بطبيعة الحال مؤيدون ومعارضون ورماديون.. لكن بعد النجاح المرحلى للثورة ظهر عدد كبير ممن يحملون لقب "شاعر الثورة" أو "مطرب الثورة" أو "فنان الثورة" أو "ثائر الثورة" أو "حبيب الثورة" أو "قريب الثورة"، وكان الجخ أحد من حملوا هذا اللقب مما ساعده فى الحصول على الكثير من أصوات المشاهدين فى مسابقة "أمير الشعراء" مما سمح له بالتواجد فى التصفية النهائية والحصول على المركز الثانى، رغم أنف لجنة التحكيم، فسعدت للمرة الثانية لحصول أحد أصحابى على جائزة مالية محترمة تقيه شر العوز الذى ذقناه سويًا فى التسعينيات.. مثلما فرحت للشاب عمرو قطامش بجائزته بحكم زمالة المقهى. ثم جاءت الطامة باتهام الجخ بالاستيلاء على مربعات الشاعر عبد الستار سليم والمنشورة فى ديوانه "واو عبد الستار سليم" الذى صدر عام 1995م، المهم إنه ألقاها فى إحدى حفلاته دون نسبتها لصاحبها مما يعد سطوا أدبيا بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى.. وبطبيعة الحال فإن أى شاعر فى أمسياته يلقى أشعاره وليس أشعار غيره، وإن "اتزنق" فى قصيدة لغيره فمن الواجب أن ينسبها لأهلها، ناهيك أن السواد الأعظم من جمهور العزيز الجخ تقف علاقتهم بالأدب عند الجخ نفسه.. فلا يعرفون عبد الستار سليم ولا فن الواو ولا الكثير من ما يخص الأدب بشكل عام والشِعر بشكل خاص، ولما سبق لم ينتبه الجمهور أن هذه المربعات ليست من أعمال الجخ، وما زاد الطين بلة فى رأيى هو إصرار الجخ على إنكار هذه الواقعة فى كل وسائل الإعلام.
قد يكون هذا مُجديا يا صديقى مع جمهورك لعدم صلته بالشِعر، لكن للأسف هذه المعركة أدخلتك، لأول مرة، للشارع الثقافى الضيق، وهو كما تعلم يمتلك ذاكرة أقوى فنحن نعرف عبد الستار سليم ونعرف فن الواو والمربوع والفروق بينهما، والتراث كما نعرف التراث، وكيفية التناص معه والاقتباس منه وكلها وسائل أدبية متعارف عليها وعلى أساليبها.
فى الواقع كل ما فات لم يكن سبب كتابتى لهذه السطور، لكن السبب هو رد الجخ فى "اليوم السابع" على من هاجموه بسبب واقعة الاستيلاء على المربعات، مدعيا أنهم من فلول الحزب الوطنى ومن أعداء الثورة، مستغلا إطلاق البعض لقب "شاعر الثورة" عليه، ويبدوا أنه صدقهم أولًا ثم صدق نفسه بعدها وتعامل على هذا الأساس، عزيزى الجخ لقب "شاعر الثورة" تم استخدامه أمامى فى تقديم 8 شعراء متتاليين على إحدى المنصات فى ميدان التحرير، وبالطبع كانوا كلهم عديمى المستوى، عزيزى الجخ وصفك لمهاجميك ثم قولك عن نفسك: أن التاريخ وبعد 150 سنة من الآن سيحسم أنك نقلة فى تاريخ الشِعر فى مصر، كلاهما تستحق عليه الهجوم لفترة كبيرة قد تتجاوز أعمارنا الافتراضية لذلك سأكتفى فقط باقتباس بعض اللينكات التى أوردها الصحفى أ أحمد عبادى فى مقاله "المدعى هشام أبو الجخ" لإيضاح كونك أحد المتحولين وما أكثرهم بعد ثورتنا.
كان موقف الجخ مثلًا فى حواره مع الإعلامية منى الشاذلى ببرنامج "العاشرة مساء" (عام 2010) أن قلت وأنت تستشهد بمظاهرات تقول إنك شاهدتها عام 1992 بعد زلزال 12 أكتوبر: "رد فعل قوات الأمن المركزى العنيف مقابل شكل التظاهر الجاهل بتاعنا، كنا بالفعل فى التظاهر بنكسر المترو ونكسر الأتوبيسات، حين تتظاهر وتكسر مترو وتكسر أوتوبيسات يكون رد فعل الأمن بنفس العنف، فى الوقفات السلمية كان الأمن لا يتحرش بيهم".
كما لم يتغير موقفك هذا بعد اندلاع ثورتنا وفى عز تفاقم أحداثها التى لم تكتمل بعد، فقد تم استضافتك فى برنامج "48 ساعة" وقلت كلاما مشابها لكلامك السابق، وقد أكدت هذه المرة: "أنا مشيت مع أول كاوتش اتحرق فى ميدان التحرير، إحنا مش رايحين نخرب.. إحنا شباب راقى نتكلم جدًا ونعلى صوتنا جدًا دون انفلات أمنى وحرق عربيات وتخريب.. علشان كده أنا مش هسافر أنا هاقعد عشان أمنع بأيدى أى انفلات أمنى، عشان أمنع أى شاب يدخل فى وسطينا يحط شوية سبيرتو ويولع".
وليس هذا فقط بل قلت أيضًا فى نفس الحلقة: "عساكر وضباط الأمن المركزى عيال أخوالنا وأعمامنا.. يا جماعة تعليمات الأمن إن الناس متطلعش من الميدان إحنا لو عدينا هو عنده تعليمات يمنعك لو معملهاش يلبس الجلابية لو معملهاش البلد تنفلت، إحنا بنحمى البلد يا جماعة إحنا عايزين حاجات وإتلمينا من غير ما نخرب.. كان فى رسالة ووصلت.. الأمن أنا واثق أنه واخد تعليمات بعدم الاحتكاك.. وبمجرد ماتشوفوا حد بيخرب امنعوه.. الأمن واخد تعليمات أنكم متعدوش فهو لازم يخليكوا متعدوش.. هشام الجخ ضد التخريب". وهذا الكلام الذى ساقه الجخ دليل دامغ على أنه لم ير المظاهرات إلا على شاشات التليفزيون، ولم يعرف أن الأمن تعاملوا بوحشية مع المتظاهرين فى ميدان التحرير، ولم يقل الجخ إن هناك مئات المواطنين قد ماتوا، ولا أن ضباط حبيب العادلى كانوا يستخدمون الرصاص الحى فى تفريق المتظاهرين، ولمن نسى فقد كان كلام الجخ هذا متماثلا تماما مع كلام عفاف شعيب "باستثناء البيتزا والريش"، ومتماثلا أيضا مع كل من الأخ حسن يوسف "باستثناء الكنتاكى والمتين يورو"، ألم أقل لك يا صديقى إن سكان الشارع الثقافى، الضيق، يمتلكون ذاكرة أقوى من جمهور السمك.