أكدت الباحثة الدكتورة عايدة نصيف أيوب، أستاذ الفلسفة المسيحية والعصور الوسطى بكلية الآداب جامعة القاهرة، أن التراث المسيحى العربى نشأ فى حضن الحضارة الإسلامية، بعد دخول الإسلام، حيث تأقلمت الجماعات المسيحية المختلفة فى الشرق، وحتى فى الأندلس، مع البيئة الثقافية الجديدة فاستعربت بسرعة هائلة، وساهمت فى ثراء الثقافة العربية، بما نقلته عن تراثها القديم اليونانى والسريانى والقبطى وحتى اللاتينى.
جاء ذلك خلال الندوة الأخيرة التى عقدها مؤتمر التراث العربى بين الحفاظ عليه والعبث به، صباح اليوم بالمجلس الأعلى للثقافة، حيث أكدت عايدة نصيف أن التراث فى الفكر المسيحى له أكثر من رافد، وكل رافد له أهميته الكبيرة فى تشكيل الفكر المسيحى، وهو ما جعل الباحثين ينقبون منذ أكثر من قرن عن التراث المسيحى فى أماكن متعددة من العالم، فى الكتابات والمخطوطات والأيقونات، وفى الآثار.
وتحدثت نصيف عن التراث فى الفكر المسيحى من خلال ثلاثة محاور، أولهما التراث الذى وضعه الآباء فى القرون الخمس الأولى، مشيرة إلى أن هذا التراث يتمثل فى التقليد الكنسى من خلال تفسير الكتب المقدسة وشرحها، وكل ما وضعه الآباء فى القرون الأولى من تقليد مسيحى وتراثى تسير عليه معظم الطوائف المسيحية.
وأشارت إلى المحور الثانى فى التراث المسيحى، الذى يتمثل فى الفكر المسيحى الغربى، بداية من القديس والفليسوف أغوغسطينوس وتأثره بالتراث اللاتينى، فى عرض اللاهوت المسيحى، وانتهاء بتوما الأكوينى، فيما عرضت نصيف للمحور الثالث الذى يتمثل فى التراث العربى المسيحى الذى نشأ فى حضن الحضارة العربية بعد دخول الإسلام.
وأكدت نصيف أن العدد الأكبر من العرب المؤلفين المسيحيين قد خلفوا لنا فى شتى مناحى العلم فى الطب والفلك والكيمياء والفلسفة وعلم الكلام واللاهوت، مشيرة إلى ترجمة كثير من أعمالهم ومؤلفاتهم ليستفيد بها العالم الغربى، وهذه المجموعة عرفت باسم التراث العربى المسيحى. وأضافت نصيف: التراث العربى المسيحى هو كل ما آل إلينا من أسلافنا المسيحيين، منذ القرن السادس الميلادى، حتى العصر الحديث، وتسمى الفترة الممتدة ما بين 750 م إلى 1350 م بالعصر الذهبى للأدب المسيحى فى الشرق.
ولفتت نصيف النظر إلى ضرورة إطلاع المثقفين والمستشرقين على جزء كبير من الإنتاج العربى الفكرى، وحمل المسيحيين على اكتشاف ينابيع فكرهم الأصيل، ولفت أنظارهم إلى التراث العربى المسيحى، وفتح حوار إسلامى مسيحى، تكون له جذور عميقة فى تراث عربى، وحوار آخر مسيحى مسيحى للتعرف على تراثهم المشترك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة