تنطلق مساء اليوم الأربعاء، فعاليات مهرجان كان السينمائى الدولى والأشهر عالمياً فى دورته الرابعة والستين، جاعلة من السينما المصرية ضيف شرفى لها، فى تقليد استثنائى وغير تقليدى لهذا المهرجان العريق.
استثنائية هذا الاختيار لا تقتصر على عدم اعتياد مسئولى كان اختيار دول كضيوف شرف لدوراته، ولكن التفرّد الأكبر يعود على السينما المصرية، التى لم يكن يتخيل أحد أبداً أن تحل يوماً ما ضيفاً على المهرجان الأهم عالميا، فما البال وهى تمر بفترة عجاف فى إنتاجها فى ظل أزمة توقف معظم المشروعات السينمائية التى كانت فى طور الإعداد.
ولكنها الثورة التى مرة أخرى ترفع اسم مصر عالياً والتى دفعت المشاركة المصرية فى كان خطوات عديدة إلى الأمام، بعد أن اقتصر ذكر اسم مصر خلال الدورتين الماضيتين للمهرجان على عروض شرفية لفيلمين مصريين، ينتميان للماضى للمخرج العبقرى شادى عبد السلام، وهما الروائى الطويل "المومياء" والقصير "شكاوى الفلاح الفصيح"، اللذان عرضا على هامش المهرجان بمناسبة ترميمهما.
وعندما حانت الفرصة لعرض حاضر مصر سينمائياً لم تكن هناك مناسبة أفضل من الثورة المصرية، فوقع اختيار "تييرى فريمو" المفوض العام للمهرجان والمسئول الرئيسى عن اختيار الأفلام، على فيلم "18 يوم" والذى يتضمن عشرة أفلام قصيرة مجمعة فى فيلم واحد، (على غرار الفيلم الفرنسى "باريس أحبِك" ونسخته الأمريكية "نيويورك أحبِك") لتكون الفقرة الرئيسية فى اليوم الذى خصصته إدارة المهرجان للاحتفاء بمصر وثورتها.
أخرج هذه الأفلام مجموعة من أهم مخرجى السينما المصرية، بعضهم غير غريب على جمهور كان، مثل يسرى نصر الله (الذى تعرض أفلامه بانتظام فى دور العرض الفرنسية وآخرها احكى يا شهرزاد) ومروان حامد (بفضل فيلمه الأشهر عمارة يعقوبيان، الذى حقق انتشاراً جيداً له فى الوسط السينمائى الأوروبى)، بالإضافة إلى عدد آخر من المخرجين الشباب، مثل شريف البندارى وأحمد عبد الله وكاملة أبو ذكرى ومريم أبو عوف، والمخرج المخضرم شريف عرفة بالإضافة إلى خالد مرعى وأحمد علاء ومحمد على. إلى جانب هذا العمل الذى يوثّق الثورة المصرية وأيامها الثمانية عشر، فقد اختار "فريمو" فيلم البوسطجى (لحسين كمال) للعرض فى نفس الاحتفالية للتنويه عن عراقة السينما المصرية، ولاكتمال الصورة وقع الاختيار على فيلم "صرخة نملة" للمخرج سامح عبد العزيز، للعرض ضمن قسم "سينما الشاطئ" (وهو قسم على هامش المهرجان يعرض به مجموعة من الأفلام على شاشة كبيرة على شاطئ الريفييرا، وبحضور جمهور مستلقى على كراسى بحر) كمثال لآخر ما أنتجته السينما المصرية.
على الجانب الرسمى، خلت المسابقة الرسمين لــ"كان" من أية أفلام عربية، واقتصرت المشاركة على مسابقة قسم "نظرة ما" بفضل فيلم "والآن أين نذهب؟" للمخرجة (وبطلة العمل) اللبنانية نادين لبكى فى ثانى تجاربها الإخراجية بعد رائعتها "سكر بنات" (أو Caramel)، الذى كان عرضه الأول أيضاً فى كان عام 2007 فى قسم "نصف شهر المخرجين" وحاز على إشادة كبيرة.
أما بالنسبة للمسابقة الرئيسية للمهرجان، فقد وقع الاختيار على 20 فيلما للتنافس على شرف السعفة الذهبية، من بينهم أفلام لعدد من الضيوف المعتادين للمهرجان، ممن يصعب مرور دورة للمهرجان دون أن تتضمن أعمالهم مثل الأسبانى "بدرو ألمودوفار"، الذى يشارك هذا العام بفيلمه "الجلد الذى أعيش بداخله"، من بطولة "أنطونيو بانديراس". وضيف معتاد آخر هو الدنماركى الأشهر "لارس فون تريير" الذى يخوض تجربة جديدة من خلال فيلمه "Melancholia"، والذى يجمع عدداً كبيراً من النجوم، منهم "كريستن دانست" و"كيفر سزرلاند" و"شارلوت جينسبورج".
تشهد المسابقة الرسمية أيضاً حضوراً إيطالياً متميزاً بفيلمين لاثنين من أهم مخرجى السينما الإيطالية الحاليين، وهما "نانى موريتي" (بفيلمه الساخر "أصبح لدينا بابا"، والذى يتقاسم بطولته هو نفسه مع الممثل الفرنسى الكبير "ميشيل بيكولى"، صاحب تجربة التمثيل بأفلام يوسف شاهين)، والمخرج الإيطالى الآخر هو "باولو سورنتينو" بفيلمه "لابد أن هذا هو المكان" من بطولة النجم الأمريكى "شون بين" والذى كان تعرّف على المخرج الإيطالى فى كان نفسها منذ ثلاثة أعوام، حين كان "بين" رئيساً للجنة التحكيم التى منحت فيلم "سورنتينو" السابق "Il Divo" جائزة لجنة التحكيم.
غير أن مشاركة "شون بين" فى مسابقة كان هذا العام لن تقتصر على هذا الفيلم الإيطالى، حيث يشارك أيضاً فى بطولة الفيلم الأكثر انتظاراً بالمسابقة، وهو "شجرة الحياة" للمخرج الأمريكى الكبير "تيرينس مالك" ومن بطولة "براد بيت" أيضاً، وهو الفيلم الذى يتردد اسمه منذ أكثر من عام حيث كان مرشحاً للمشاركة فى مسابقة كان العام الماضى، غير أن "مالك" لم ينته منه فى الوقت المناسب فتوقع الكثيرون مشاركته فى مهرجانى فينيسيا أو برلين التاليين، غير أن "مالك" يبدو أنه لم يرض عن "كان" بديلاً، وها قد نال أخيراً ما أراد.
على عكس الدورة الماضية التى شهدت ضعفاً نسبياً فى مستوى الأفلام المعروضة، تشير التوقعات إلى أن الدورة الرابعة والستون لكان ستمنح متابعيها متعة كبيرة، وستضع لجنة تحكيم مسابقتها الرسمية فى مأزق ليس بالسهل، لاختيار من سيكون له حظ نيل السعفة الذهبية هذا العام، من ضمن كل هذه الأفلام التى تبشّر بمنافسة قوية.. فهل ينجح رئيس لجنة التحكيم الممثل الأمريكى الكبير "روبرت دى نيرو" فى إرضاء المتنافسين والمتابعين للدورة هذا العام، أم يصيب الجميع بالإحباط؟ كما فعل "تيم بيرتون" رئيس لجنة تحكيم الدورة الماضية عندما منح السعفة لفيلم لم يكن أبداً أهلا لها فى نظر الكثيرين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة