فى زقاق ضيق خلف كنيسة "مارمينا" المجروحة بشارع الأقصر، يسكن "جرجس بشرى" مع أمه وأخوته فى منزل من ثلاثة طوابق بناه لأمه بعد أن عاد من غربته بالأردن التى قضى فيها 18 عاما متواصلة، قرر بعدها العودة بعد أن تزوجت أخواته البنات وأصبحت والدته المسنة وحيدة.
ويقول صهره "عزمى" إنهم جميعا كانوا بالمنزل خلف الكنيسة مساء السبت الماضى، بينما جاء شباب المنطقة يقولون "فى قلق عند الكنيسة"، فهرول جرجس إلى هناك وذهبنا معه جميعا، وبعد أن اشتدت الاشتباكات قررنا العودة لحماية النساء بالمنزل، إلا أن جرجس رفض وقرر الاستمرار فى حماية كنيسته، وقال لنا بالحرف الواحد "أنا هفضل هنا أحمى كنيستى".
حديث "عزمى" تقطعه من حين لآخر صرخات الأم: "ولدى رحت منى يا حبيبى يا ولدى"، بينما دخلت أخته فى نوبة بكاء هيستيرية عندما أذاعت قناة "الحقيقة" مشهد جثمانه يدخل مطرانية الجيزة قبل تشييعه والصلاة عليه، ويحاول الشباب القبطى لمس صندوقه الخشبى لأخذ البركة، فى تلك اللحظة سقطت أخته مغمى عليها بعد أن تمادت فى الصراخ على أخيها الشهيد الذى كان يستعد لخطوبته الأسبوع المقبل.
وبينما نحن جالسون مع أسرة "جرجس" جاء جارهم "أحمد" المحامى لأداء واجب العزاء وأكد "عزمي" صهر جرجس أن "جارهم المسلم" هو أول من أنقذهم عندما اشتعلت الفتنة.
وفى شارع أخر ضيق يقع إلى جوار الكنيسة من الناحية الأخرى، تسكن أسرة الشهيد "رامى رضيان ملاك" البالغ من العمر 24 عاما وكان يعمل سائق نقل ولديه 3 أخوات من الذكور و4 من البنات هو أصغرهم، وتوفى أيضا بطلق نارى فى رأسه عندما كان يحمى الكنيسة من الهجوم عليها.
ويقول أخيه "روماني"أن رامى رفض ترك موقعه أمام الكنيسة وفق ما يرويه أصدقائه المصابين مشيرا إلى أن أخيه توفى فى المستشفى المركزى بإمبابة بعد أن وصل إليها فى حالة خطيرة.
وفى شارع مقابل لشارع "رامى" تسكن أسرة الشهيد "أبانوب مكرم" 19 عاما، والذى توفى أيضا بطلق نارى اخترق الرأس وعبرها من الناحية الأخرى، بينما أصيب أخيه "مايكل" برصاص خرطوش فى وجهه.
ويروى "مايكل" بأسى مأساة مصرع أخيه، فيقول:عاد رامى من معهد الكمبيوتر الذى يدرس به فى السابعة مساء وسمعنا صوتا عاليا يأتى من شارع الكنيسة، فذهبنا معا وعدت إلى المنزل من دونه.
فى نهاية الشارع الضيق الذى يسكن فيه "رامى" أسرة أخرى فقدت ابنها الوحيد، فأسرة الشهيد "محمد أسامة رمضان" أو محمد سمسم تجلس هى الأخرى تستقبل المعزين من الجيران، يترحمون على "محمد" ذى الـ21 ربيعا والذكر الوحيد لأبيه، والذى كان يعمل مبيض محارة يساعد أبيه فى كسب العيش والحياة الصعبة.
ويقول "والده" بصوت تقطعه الدموع "الواد قالى يا بابا أنا هروح أتفرج قلتله روح يا حبيبى ومرجعش"، ويؤكد والده على براءة سكان المنطقة من المسيحيين من مقتل ابنه وكذلك المسلمين أيضا، مشددا على وجود أصابع خارجية تسببت فيما يحدث.
وفى منزل آخر لا ينقصه حزن تجلس "أم هيثم" التى استشهد ابنها الأصغر باسم محمد كامل الشهير بـ"على محشى" ويبلغ 19 عاما، تبكى وسط جاراتها وتنادى على ابنها "يا حبيبى يا بنى يا حبيبى يا على قلت راجع ومرجعتش يا ولدى"، وتمسك صورة ابنها وتقبلها بطريقة هيستيرية.
بينما تمالك والده نفسه وقال لنا "ابنى مغدور بيه كان راجع من بره جايب العشا والحاجة وسمع صوت قالى يا بابا هروح أِشوف قلتله بسرعة ومتتأخرش، بعدها بربع ساعة سمعت خبطا شديدا على الباب ولقيت الشباب بيقولولى ابنك خد طلقتين فى دماغه ونقلناه المستشفى ميتا".
وقبل أن نغادر منزل "على" دخلت جارته "أم مينا" تؤدى واجب العزاء وتقول "كان ابننا وحبيبنا وولدنا، ربنا خد أمانته".

اليوم السابع مع أسرة الشهيد "جرجس"

أسرة جرجس وحالة من الحزن تسيطر عليهم

قريب جرجس يرفع صورته

أقارب جرجس يؤكدون أنه كان يدافع عن الكنيسة

شقيقة جرجس تصرخ على فراق شقيقها

أسرة الشهيد رامى مع محررى اليوم السابع

مسلمون وأقباط يعزون أسرة الشهيد رامى

أسرة الشهيد باسم محمد