أكدت الدكتورة نبيلة إبراهيم رائدة الأدب الشعبى بجامعة القاهرة أن التراث والسير الشعبية تناولت أزمة مياه النيل والفتنة الطائفية، مشيرة إلى أن السير الشعبية تناولت أزمة مياه النيل، فى سيرة الملك سيف المزيادة.
وتابعت إبراهيم خلال فعاليات الجلسة الثانية من مؤتمر التراث العربى، الذى تقيمه لجنة الكتاب والنشر، بالمجلس الأعلى للثقافة: فى هذه السيرة، التى لا يقرأها أحد، يقوم الملك سيف المزيادة، برحلة متخيلة لإحضار ما يسمى "كتاب النيل"، وتحكى لنا السيرة عن صراع دائر بين الأحباش والمصريين، تقود هذا الصراع أم الملك الحبشية، التى تتمنى قتل ابنها.
وأضافت إبراهيم: كل هذه مشاكل، قد يقرأها القارئ، على أنها بقايا من الخيال الذى ينتمى إلى عصور ماضية انتهت، لكن البحث عن كتاب النيل، لابد أن يكون له مغزى، وما حدث، يحدث اليوم، أرادت الحبشة أن تمنع الماء عن مصر، هذا هو الموضوع فى السيرة القديمة جدا، وكان لابد أن يحصل الملك سيف فى رحلته المتهورة المتخيلة، على كتاب النيل، لأن فيه اللغز، وإذا وصل لهذا الكتاب وامتلكه، فسوف يحل المشكلة، ولن يسمح لأحد أن يتعدى على النهر.
وأكدت نبيلة إبراهيم أن السيرة من أكثر السير الشعبية العربية التى تستخدم الخيال الجامح، داعية إلى تدريسها فى المدارس، لأن لا أحد يقرأها من الكبار أو الصغار.
وتطرقت نبيلة إبراهيم إلى سيرة أخرى هى سيرة الأميرة ذات الهمة، قائلة: "وهى واقع نعيشه اليوم، فالحرب دائرة بين العرب والروم أو البيزنطيين، ونحن نعيش الآن فى واقع جعل إسرائيل فى مواجهة مصر، فدار صراع طويل بين الروم والعرب، وهذا الصراع تحكم فى المستقبل، فكان الإسلام فى جانب، والمسيحية فى جانب، ولم يتم وصف الروم بالمسيحيين، لكن كانوا يسمونه "الإفرنج" لأن المسيحى كان جزءاً من التراث العربى الداخلى، وأصر العرب على فتح القسطنطينية، كما نعرف تاريخيا، ويسير هذا الخط، موازيا لخط آخر فى السيرة، وهو أن الانتصار على العدو الخارجى، لا يمكن أن يتم وفى الداخل من هو مفسد، ومعوق، لأنه يعوق الانتصار الخارجى.
وأشارت إبراهيم إلى أن سيرة الأميرة ذات الهمة، حملت اسم امرأة للمرة الأولى فى السير الشعبية، وكانت بطلتها امرأة، مؤكدة على أن هذه مشكلة ثالثة، تناولتها السير، وهى أن تحرر المجتمع من كل مشكلاته لن يتحقق، إلا إذا تحرر كل فرد فيه من عبوديته، مضيفة: "فالمرأة يجب أن تتحرر، وتقود المعركة، وتصبح فى موضع الأم الكبرى للمجتمع".
وأكدت نبيلة إبراهيم على أن ألمانيا لا تكف عن البحث فى تراثنا، مشيرة إلى أن أجمل حكايات ألف ليلة ليست هى الحكايات الكبيرة مثل على بابا وغيرها، وإنما الحكايات الجانبية الصغيرة التى تأتى فى ثنايا القصص.
وتحدث المترجم مصطفى ماهر عن ألف ليلة وليلة، مشيرا إلى أنها كانت نموذجا ملهما لعدد كبير من الشعراء الألمان، مؤكدا على أن كتاب ألف ليلة وليلة، كان موجودا ومتداولا منذ قرون، وهو ما يعكس أن الثقافة العربية كانت تستقبل الثقافات الأخرى، وترحب بها.
وقال ماهر: "ألف ليلة وليلة" عمل فنى مفتوح، لا نعرف أصله، أو مؤلفه، وأى مبدع يستطيع أن يضيف إليه.
ولفت ماهر النظر إلى شخصية شهرزاد، مشيرا إلى تميزها بالصفات والأخلاقيات، وتحدث الدكتور عاطف العراقى مؤكداً على أن الفضل فى تحقيق التراث يرجع للمستشرقين أكثر من العرب، لافتاً النظر إلى أن أكثر الكتب التى يقال عنها "أنها تم تحقيقها" لا تخرج عن إعادة طبعها كما هى، مضيفا: "نحن أهملنا تراثنا، وألمانيا كان لها فضل كشف تراث طائفة المعتزلة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة