قال الدكتور عماد أبو غازى وزير الثقافة أن الوزارة قدمت مشروعا تعاونيا مع وزارة الإعلام منذ عام 2004، ولم يستحب أحد من المسئولين إليه، مؤكدا أن الدولة الآن أمام فرصة حقيقية لخلق هذا التعاون من جديد، وبناء عليه ستقوم الوزارة بإعداد مشروع تعاونى مع مختلف الوزارات وسنعرضه على مجلس الوزراء خلال الأسبوعين القادمين، وذلك لدفع حركة الثقافة إلى الأمام، ووأد حالة الفتنة التى تشهدها حاليا.
وأضاف أبو غازى خلال اللقاء الذى عقد معه مساء أمس الاثنين بورشة الزيتون، لمناقشة دور وزارة الثقافة بعد ثورة 25 يناير، أن مسئولية ما تشهده البلاد حاليا من حالة احتقان وفتنة، ليست ملقاة على عاتق وزارة الثقافة وحدها، فالإعلام المملوك للدولة عليه دور أكبر فى المسألة، خاصة وأنه يعتمد فى كل مشكلة على قادة سلفيين، باعتبار أنهم الأقدر فى حل المشاكل التى تواجهنا الآن.
وعن سياسة وزارة الثقافة خلال الفترة القادمة، قال أبو غازى، إنه سيتم إعادة تشكيل لجان المجلس الأعلى للثقافة من أسفل لأعلى على عكس ما كان يتم الفترة الماضية، بمعنى أن المجلس سيقوم بإرسال طلب الترشيحات من قبل الجمعيات التاريخية على سبيل المثال، لتشكيل لجنة التاريخ بالمجلس، ووفقا للأسماء التى ستلقى قبولا وشعبية، ويتفق عليها الجميع، سيتم إدراجها ضمن الأسماء المشكلة للجنة.
وأوضح أبو غازى أن صندوق التنمية الثقافية قد فقد ما يقرب من 83 % من موارده المالية، أى ما يقدر بـ 100 مليون جنيه، مرجعا هذا لعدة أسباب، أهمها فصل الآثار عن وزارة الثقافة، وانخفاض عائدها بسبب تراجع السياحة خلال الفترة الأخيرة، قائلا: "بالتأكيد سيحدث انخفاض فى موارد وزارة الثقافة، لأننا بصدد سنة مالية صعبة، ولكننا سنحاول التغلب على هذا من خلال الاعتماد على أنشطة ثقافية قليلة التكلفة عالية المستوى.
وأكد أبو غازى على أن المحور الأساسى الذى سيقوم عليه طريقة عمل الوزارة فى الفترة المقبلة هو منطق ديمقراطية الثقافة، بمعنى أن تصل الخدمة الثقافية لمختلف قطاعات ومحافظات مصر، بحيث يتم القضاء نهائيا على فكرة المركزية، وأن يتم الاهتمام بالثقافات الفرعية واستغلال التنوع الثقافى الموجود فى مصر.
وأوضح أبو غازى أنه من أهداف الوزارة أيضا ديمقراطية إدارة العمل الثقافى، بمعنى الاعتماد على سبل الإدارة الجماعية وليست الفردية، وأن يتم تشكيل مجالس إدارات فى مختلف المتاحف والهئات والقطاعات الثقافية، مؤكدا على أنه سيقوم خلال الفترة القادمة بتشكيل مجالس إدارات فى مختلف المتاحف الفنية الأثرية، وأيضا فى كافة المراكز التابعة لصندوق التنمية الثقافية.
ولم يخل حديث أبو غازى، من إلقاء الضوء على دور الوزارة فى مواجهة محاولات قمع حرية الرأى والإبداع، قائلا: "إن جزء كبيرا من عملية التصدى لمثل تلك المحاولات يرتبط بالتشريعات والقوانين المرتبطة بالرقابة على المصنفات، والتى أعلن أبو غازى أنه سيتم إعادة صياغتها من جديد، بعد تشكيل البرلمان، لأنها مسألة لا تتعلق بدور الوزارة أو المبدعين وحدهم، مضيفا أن الدكتور عز الدين شكرى أمين المجلس الأعلى للثقافة سيجرى عدة لقاءات تشاورية خلال المرحلة القادمة، مع الجهة المختصة بالرقابة فى المجلس، للوصول إلى أفضل الحلول والطرق الخاصة بعملية الرقابة على المطبوعات.
وشدد أبو غازى، على أن الوزارة ستسعى لتوطيد علاقتها مع دول أفريقيا، قائلا: "نحن بحاجة لمؤتمرات ثقافية على المستوى الأفريقى، خاصة وأننا فقدنا علاقتنا بالقارة الأفريقة بسبب سياسات خاطئة، والتعالى من قبل المسئولين المصريين السابقين".
وشدد أبو غازى، على عدم إلغاء مشروع القراءة للجميع ومكتبة الأسرة، قائلا: "لن نلغى تلك المشروعات، ولقد وفرنا أكثر من نصف ميزانيتها بمساعدة وزارة التعاون الدولى التى منحتنا ما يقرب من 8 مليون جنيه لاستمرار تلك المشروعات".
وأضاف: "ليس دورى تعبئة الأفكار فى عقول الناس، أنا سأوفر الأداء ودور الناس أن تعمل، فأنا لست محسوبا على النخبة، وأريد أن أنزل الشوارع، وأعمل مع الناس حتى نتمكن من طرح المفاهيم بشكل بسيط وسهل، وتصورى ألا يقتصر دور الوزارة داخل المبانى أو قصور الثقافة فى العاصمة فقط، وسأحاول إعادة هيكلة الوزارة وتغيير لوائحها، ونحن فى حاجة لإعادة النظر فى أسلوب اختيار المسئولين".
وعن مشاكل عملية النشر داخل الوزارة، قال أبو غازى: "هناك مشاكل فى النشر على كل المستويات، وسيتم تشكيل لجنة مكونة من مجموعة مثقفين مستقلين لتقنين تلك العملية خلال الأيام القليلة القادمة"، وتطرق اللقاء أيضا لانتقادات موجهة من قبل بعض المثقفين الحاضرين باللقاء على رأسهم الكاتبة سلوى بكر، والتى عابت على الوزير طريقة اختيار المسئولين داخل القطاعات، ومن بينهم الدكتور أحمد مجاهد رئيس الهية العامة للكتاب، قائلة: المشكلة الأساسية التى تواجه وزارة الثقافة، أنها بحاجة إلى مثقفين حقيقين يكونون فى موضع اتخاذ القرار ولهم رؤية للعمل فى كل جزء من المؤسسة، فنحن بحاجة إلى توصيف من يقفون على رأس هذه المؤسسة، والهيئة العامة للكتاب على سبيل المثال بها جيش جرار من العاملين، ولكنهم يخرجون أسوأ ما فى الهيئة، ومع احترامى لمجاهد فهو ليس له علاقة بالمؤسسة يخرج أسوأ ما فى المؤسسة وعلى رأسها أحمد مجاهد مع احترامى له ليس له علاقة بالمؤسسة، والسؤال الآن هو لماذا مثل هذه الشخصيات تكون على رأس القطاعات؟ فهذه مسألة فى غاية الغرابة".
واقترحت بكر أن يتم الاعتماد على مصدر جديد كمصدر للدخل لوزارة الثقافة، وهو تشجيع الصناعات والحرف اليدوية، مثلما يحدث فى تونس والهند والمغرب، وأن يتم الاعتماد على المراة لتتبوأ المناصب المختلفة داخل الوزارة.
وفيما يتعلق بموضوع الاعتماد على الدكتور أحمد مجاهد، والاستعانة به لإدارة هيئة الكتاب، قال أبو غازى، مجاهد لديه مشروع نشر جيد جدا، كما أنه ناجح إداريا، وتم الاستعانة به بعدما رفض الدكتور صابر عرب البقاء فى منصبه، لأنه أصبح يمثل له أعباء كثيرة.
أما الدكتور فخرى لبيب، فقال إننا بصدد معركة انتخابية هامة من المفترض أن تسودها حالة من الديمقراطية، ودور وزارة الثقافة والمثقفين، هو توعية المواطنين فى مختلف القرى والنجوع بمفاهيم الديمقراطية والمواطنة.
وقال الدكتور سهير المصادفة، رئيس سلسلة الجوائز بهيئة الكتاب، ليست هناك استراتيجية لهذه الوزارة على الإطلاق منذ 3 عقود، وهذا أدى إلى عشوائية الأدوار فى الوقت الذى يتجه فيه العالم كله نحو التخصص، وطالب د. أبو غاوى أن يفتتح فورا كل قصور الثقافة فى النجوع، والتى تتكون من طابق واحد وحجرة واحدة، لكى نجنب المواطن المصرى أذى السلفيين، ولكى يقوم المثقف بدوره الحقيقى فى الحوار مع الآخر.