هذه أول مرة يعقد فيها الإخوان اجتماعاً عاماً علنياً لمجلس شوراهم ليس فقط منذ 15 عاما كما ذكرت وسائل الإعلام بل منذ أكثر من 60 عاما، ذلك أن اجتماع عام 1995 لم يكن علنيا بهذه الصورة، كان معروفا لأعضاء مجلس الشورى وقيادات الإخوان فقط، ولم تحط به وسائل الإعلام علما، بل كان سببا فى تقديم عشرات الإخوان للمحكمة العسكرية، على خلاف اجتماع الأمس الذى سبقه ورافقه ولحقه حضور إعلامى غير مسبوق، وسباق بين وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية على تحقيق سبق مهنى من خلال الحصول على معلومة أو تصريح لأحد قادة الجماعة التى كانت توصف بالمحظورة وسبحان مغير الأحوال!!
عقد المؤتمر الصحفى بحديقة المقر الجديد للجماعة فى المقطم، وقد حمل المقر لافتة كبيرة باسم المركز العام للإخوان المسلمين، كما أن المقر عبارة عن فيلا كبيرة، أو لنقل قصرا يليق بجماعة فى حجم جماعة الإخوان التى ظلت مطاردة ومحظورة لعقود كثيرة منذ اغتيال مؤسسها حسن البنا عام 1949، وها هى اليوم ملء السمع والبصر بعد أن زالت الغمة عن مصر كلها، وها هو مقرها يصبح المعلم الأبرز فى المقطم يدلك عليه أى سائر بالطريق، كما تدلك عليه علامات إرشادية على طول الطريق المؤدى إليه.
يمكن القول إن هذا المقر الذى سيتم افتتاحه رسميا فى حفل كبير بمشاركة رموز المجتمع المصرى يوم 21 مايو يؤرخ لمرحلة جديدة فى العمل الإخوانى، ستوصف فى كتب التاريخ بأنها مرحلة المقطم، لتضاف إلى مراحل سابقة فى الإسماعيلية والسيدة زينب والحلمية، وللتذكير فقط فقد كان آخر مقر للجماعة قبل الثورة هو مقر قسم شرطة الدرب الأحمر حاليا، وبما أن الجماعة عادت إلى العمل القانونى باعتبار أنه لم يصدر أصلا قرار بحلها، فمن المحتمل أن تطالب الجماعة بهذا المقر باعتباره من أملاكها المسلوبة، وقد تطالب بغيره من ممتلكات تمت مصادرتها فى العهود الماضية بدون سند قانونى.
كان اجتماع مجلس الشورى فى المقطم هو الأهم من نوعه بالنسبة للجماعة، إذ إنه حسم العديد من القضايا الكبرى، لعل أولها قضية إنشاء حزب للجماعة، حيث تم إقرار ذلك، وتم إقرار برنامج الحزب ولائحته بعد إدخال بعض التعديلات عليه، كما تم اختيار الدكتور محمد مرسى رئيسا للحزب والدكتور عصام العريان نائبا للرئيس والدكتور الكتاتنى أمينا عاما، وأقر مجلس الشورى نسبة مرشحى الجماعة فى انتخابات مجلس الشعب المقبلة ما بين 45-50%، وأخيرا تشكيل لجنة تحقيق فى مخالفات أعضاء الجماعة.
وإذا كانت الجماعة قد أحسنت بتأكيدها على عدم ترشيح أحد من أبنائها لمنصب رئيس الجمهورية، وكذا تحديد نسبة لا تتجاوز 50% من مرشحى مجلس الشعب، وتأكيدها على استمرار مبادرتها للقائمة الوطنية، فإننى أعتقد أن خطا سياسيا قد حدث باختيار قيادة الحزب قبل اجتماع هيئته التأسيسية، إذ إن ذلك يعد مصادرة على حقوق هؤلاء المؤسسين، ومعظمهم إن لم يكن جميعهم من الإخوان، ما يعنى أنهم ما كانوا ليختاروا أحداً من غير الإخوان أو من ترضى عنه قيادة الجماعة.
التحديات التى تواجه جماعة الإخوان كبيرة، فقد أصبح حزبهم قبل أن يولد رسميا هو الحزب الأكبر فى الساحة، وهذا ما يلقى عليهم مسئولية ثقيلة فى طرح برامج وحلول لمشكلات المجتمع المزمنة، والتى لم يكونوا سببا فيها، ولكن أصبح حتماً عليهم أن يجدوا حلا لها، ولن يتأتى لهم ذلك إلا بالتعاون مع المخلصين من التيارات الأخرى.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة