وسط الجمود السياسى الذى تتصف به مساعى تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة بسبب الخلاف على الجهة التى تكون حقيبة الداخلية من حصتها فقد أطل موقف وزير الداخلية فى حكومة تصريف الأعمال زياد بارود مساء أمس ليلقى حجرا فى البحيرة الراكدة ويرسم دوائر لجهة تأثيره على عملية التأليف من خلال إعلانه عدم رغبته فى توزيره مجددا.
وفيما امتنعت الأوساط المعنية بالتأليف فى الأكثرية البرلمانية الجديدة عن التعليق على موقف بارود المحسوب على الرئيس ميشال سليمان ، الا أن الاتجاه العام ليس فى من سيتقلد وزارة الداخلية بل أن تبقى هذه الحقيبة حيادية سواء أكانت مع الوزير الحالى ام مع غيره ، خصوصا مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية المقبلة.
وتسود الشكوك لدى الأوساط حول ما إذا كان تنحى بارود سيحل مشكلة التأليف وما إذا كانت حقيبة الداخلية العقدة الوحيدة ، لافتة إلى المشاكل حول سائر الحقائب ولاسيما منها الطاقة والاتصالات والإعلام.
من جهتها اعتبرت صحيفة "النهار" اللبنانية اليوم "الأحد" أن الخلفيات التى أدت بالوزير بارود إلى إعلان موقفه يعود للضغط السياسى المتواصل منذ أسبوعين والذى أظهر وكأن الاختلاف على من يتولى حقيبة الداخلية فى الحكومة الجديدة هو السبب الأساسى لعرقلة تأليفها.
وقالت إن الرئيس سليمان لم يكن فى وارد التخلى عن بارود نظرا الى العلاقات الشخصية المتينة التى تربط بينهما ولذا قرر الأخير تحرير رئيس الجمهورية من أى عبء قد يتحمله بسبب هذا "العراك" حول الداخلية وسحب ورقة حياديته او عدم حياديته من التداول وكشف آفاق المرحلة التالية.
وكشفت الصحيفة أن ما بدا موقف مفاجئ من بارود لم يكن كذلك انطلاقا من إبلاغه لرئيس الجمهورية قبل ثلاثة أشهر ، مشيرة الى ردود فعل أولية عبرت عن ارتياح لموقف بارود لان من شانها أن تؤدى إلى معطيات جديدة إلا أن ذلك مرهون بما سيظهر من مواقف الأطراف المعنيين.
وكشفت "النهار" أن الرئيس سليمان كلف قائد الجيش العماد جان قهوجى اقتراح أربعة أسماء ضباط كبار ليعرضهم لاحقا على رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتى ليقترح أحدهم لتولى الداخلية ولا يعترض عليه سائر الأطراف المعنيين.
وكان بارود قد أعلن الليلة الماضية انه أبلغ الرئيس سليمان عدم رغبته فى تحمل أية مسؤولية وزارية ، مؤكدا أنه لا يسمح لنفسه بأن يكون عقبة فى وجه تشكيل الحكومة كما يصور فى الإعلام فى الفترة الأخيرة وكأن كل الأمور متوقفة على هذا الأمر.
وخلال مشاركته فى لقاء حوارى فى إطار معرض "بيزنس 2011" فى بيروت قال بارود إنه منذ تحول الحكومة إلى حكومة مستقيلة منذ ثلاثة أشهر طلب من رئيس الجمهورية إعفاءه من أى مهمات وزارية فى الداخلية أو سواها وهذا لم يكن ناتجا من تهرب من المسؤولية ولكن لان البلاد تضم كفاءات كثيرة يجب أن تُعطى الفرصة لكى تأخذ مواقعها وأن تعمل.
وذكرت الصحيفة أن بعض زوار الرئيس سليمان فى الأيام الماضية كانوا قد خرجوا بانطباع أن عملية تأليف الحكومة لا تزال تراوح مكانها، وأن لا أحد من الفرقاء المعنيين يحمل مبادرة حقيقية للتوصل إلى حل قريب.
وقال هؤلاء الزوار إن "حكومة الإنقاذ" التى اقترحها الرئيس الأسبق أمين الجميل يحتاج تحقيقها إلى ضوء أخضر خارجى غير متوافر، وأوضحوا أن هذا الاقتراح يعنى تأليف حكومة أقطاب يكون سعد الحريرى رئيسها وليس نجيب ميقاتى مما يعنى العودة بالأزمة إلى البداية ومرحلة ما قبل إسقاط حكومة الوحدة الوطنية.
من جهتها اعتبرت صحيفة "المستقبل" انه لم يحدث أى تقدم فى تشكيل الحكومة الجديدة بالرغم من حركة الاتصالات الداخلية والإقليمية الكثيفة التى يشهدها هذا الملف.
وذكرت أن الرئيس ميشال سليمان يؤكد أمام زواره وخصوصا أولئك المعنيين بتشكيل الحكومة على ضرورة أن تبقى وزارة الداخلية حيادية وبعيدة عن التجاذب السياسى ولهذا فانه يصر على أن تكون من حصته وليس من باب تمسكه بشخص الوزير زياد بارود.من ناحيته اعتبر وزير العدل فى حكومة تصريف الأعمال إبراهيم نجار أنه ما لم تعدل القوى السياسية طلباتها الحكومية فان الحل الوحيد يكمن فى تشكيل حكومة أمر واقع.
وبدوره اعتبر ممثل تنظيم "الجماعة الإسلامية" فى البرلمان النائب عماد الحوت أنه لا يوجد أى مؤشر جدى عن قرب تشكيل الحكومة فى الأفق المنظور. وبدورها علقت صحيفة "الديار" على موضوع تشكيل الحكومة معتبرة أنها لا تزال بعيدة المنال ولم تنفع الاتصالات المكثفة لتذليل العقد خصوصا أن بعض هذه العقبات
مستفحل وكاد أن يدخل فى النفق المسدود.
وأوضحت أن وزارة الداخلية كانت ولا تزال دون حل يرضى الرئيس ميشال سليمان ورئيس التيار الوطنى الحر العماد ميشال عون حيث لم يقتنع الأول بأن يتخلى عن حقيبة الداخلية ويعتبر أن وزيره زياد بارود قد نجح فى حيادية شبه تامة أثناء الانتخابات النيابية وبالتالى فإن التخلى عن حقيبة الداخلية بات مستحيلا رغم موافقته على طرح اسم وسطى يرضى عنه الفريقان من عمداء سابقين فى الجيش اللبنانى.
وفى المقابل فان العماد عون يرفض أية مشاركة فى حقيبة الداخلية ويريدها لتكتله وهذا ما دفع برئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتى إلى رفض أية حلول تأتى على حساب رئيس الجمهورية.
وأشارت الصحيفة إلى أن الأجواء الايجابية التى سادت الأيام الماضية عن قرب تشكيل الحكومة بدأت تتبدد وبات المطلوب مبادرة لكسر الجليد بين الرئيس ميشال سليمان والعماد عون حتى على الصعيد الشخصى نتيجة التباعد بينهما وانقطاع التواصل.
النهار: ملف تشكيل الحكومة اللبنانية لا يزال يتخبط فى متاهاته
الأحد، 01 مايو 2011 09:41 ص
وزير الداخلية فى حكومة تصريف الأعمال اللبنانية زياد بارود