كثيرون هم من شاركوا فى الثورة... الذين خرجوا يوم 25.. جمعة الغضب.. اعتصام التحرير.. موقعة الجمل.. اقتحام مقرات أمن الدولة.. ووصولا لجمعتى التطهير وإنقاذ الثورة.... أحداث كثيرة وأبطال أكثر، وهناك أيضا من شاركوا ولكن ليس بالتظاهر كالأهالى التى كانت تساعدنا بإنزال ماء ومياه غازية من البلكونات لمقاومة الغاز، والكتاب والصحفيين والفنانين الذين دعموا الثورة ولو بكلمة، ولا ننسى الآباء والأمهات الذين زرعوا فينا (ولو بطريقة غير مباشرة) الحس الثورى الدفين الذى أراد له الله أن يخرج ويظهر فى هذا الوقت بالتحديد.
من بين كل هؤلاء الثوار ومن بين الشباب المصرى الجدع، يخرج عليك هذا الشاب، الذى
جسد فى كل خطوة من خطواته تجاه المدرعة شجاعة المصرى الذى يرفض الذل والظلم، المصرى الحر الذى كنا نظن أنه مات وانتهى للأبد، بل كانت حتى النكت المصرية توحى إليك بأننا لن ننتفض أبدا ولن يوجد من بيننا شاب مصرى يخرج ويترك خلفه زوجة وأبناء، أو أبا وأما وإخوة ليقف أمام مدرعة يقودها عسكرى أمن مركزى تابع لوزير ورئيس لم يسمعا يوما عن شىء اسمه الرحمة أو حقوق الإنسان.
عندما شاهدت هذا الفيديو الذى صور من شرفة بعيدة كنت أظن أن هذا الشاب من الشباب اللى بايعها (اللى قلبهم جامد يعنى وماعندوش حاجة يخاف عليها والدنيا عنده ملهاش عازة) ولكن بعد هذه الصورة فيبدو من ملابسه وكوفيته وحذائه وساعته وتناسق الألوان أنه "ابن ناس" ومش بعيد يكون متزوج وعنده ابن كمان ورغم كل ذلك وقف أمام المدرعة وأرغمها على الوقوف نزولا على رغبة مواطن مصرى جرىء يقرر مصير بلاده.
لم يخف الموت... صحيح أن المدرعة توقفت ولكن من كان يعلم أنها كانت ستتوقف ولا تقتله؟
صحيح أن المدرعة توقفت... ولكن كما بد للجميع لم يكن هذا الوحش ليتراجع أبدا، ولم يحسب حسابا لهذا الاحتمال من عدمه... فأما الحرية وأما الاستشهاد... تسلم إيدك ورجلك وخطواتك أيها الشاب المصرى.
أزعم أنى لم أقصر فى أداء دورى فى الثورة، ولكنى عندما أشاهد فيديو أو صورة هذا الشاب أقول ياريتنى كنت أنا... فلقد ترك هذا الشاب (ربنا يحرسه ويديله العمر) ميراثا كبيرا لأولاده وأحفاده من بعده بهذه الصورة التاريخية التى لم يكن يعلم أن أحدا سوف يلتقطها له.
ليس هذا الشاب هو البطل الوحيد بالطبع، فكلهم يستحقون التقدير والتكريم، ولكن لو فرضنا أن أحدكم رأى شعاع ليزر موجها من قناصى الداخلية إلى صدره ألن يركض مبتعدا؟ وهذا لا يعد بيعا للقضية ولكن تفاديا فطريا للموت، طالما تستطيع ورغبة فى البقاء لأداء دورك فى مقاومة ومعارضة النظام الفاسد، ولكن ما فعله صديقنا هنا يختلف كثيرا، فهو الذى ركض باتجاه الخطر. ولو كان مات هذا البطل، لكنا كرمنا اسمه وروحه كما عودنا النظام البائد بتقدير الناس بعد رحيلهم ولذلك فالحملة الموجودة على الفيس بوك المسماة (دعوة لمنح نوط الشجاعة لهذا الشاب) لهى أقل تقدير لهذا المصرى الذى لم نعرفه بعد.
وحتى لا ننسى أو نتناسى، فيجب تقديم الشكر والتقدير لعسكرى الأمن المركزى الذى أوقف هذه المدرعة ولم يدهس زميلنا البطل الذى إن كان قد مات لكنا ملأنا الدنيا أنواطا ونياشين لروح البطل الشهيد.
تحيا مصر أيها البطل.. تحيا مصر أيها المصريون
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة