من المؤكد أن ما ستسفر عنه انتخابات الرئاسة القادمة، هى التى ستحدد بشكل كبير ملامح المرحلة القادمة والمهمة فى تاريخ مصر إن لم تكن هى الأهم والأخطر بالفعل ومن المؤكد أيضا أن الرئيس القادم بسياساته وتوجهاته وبرامجه، هو الذى سيضع اللبنة الأولى لتلك الملامح والخطوات التى تشكل مستقبل مصر سياسيا واقتصاديا واجتماعيا لتغيير وجه مصر إلى وجه آخر مغاير عن ما قبل 25 يناير.
ولا يخفى على أحد أن الكثيرين من المصريين لا يعرفون حتى الآن من هو الأحق والأجدر والأنسب لمنصب رئيس الجمهورية ولا على أى أساس سيقع اختيارهم على من يصلح لهذا المنصب ويملك القدرة على ترجمة متطلبات وطموح الشعب إلى واقع ملموس.
هذا على الرغم من ظهور أسماء عديدة أعلنت نيتها الترشح لمنصب رئيس الجمهورية بعضها شخصيات عامة معروفة وبعضها غير معروف للكثير منا.. وحتى الآن لا توجد برامج حقيقية واضحة المعالم ولا توجد جداول زمنية محددة لتحقيق الأهداف المرجوة.
وما يدعو للقلق والخوف هو أن تتحول مصر إلى حقل تجارب يتغير الحاكم الرئيسى فيه كل أربع سنوات ليأتى حاكم جديد ليجرب مرة أخرى وهكذا.. دون أن يلمس الشعب أى تغير حقيقى فى واقعه ومستقبله.
ومن ثم يجب ألا يكون اختيارنا للرئيس القادم مبنيا على أسس عاطفية أو شكلية أو كارزمية بل يجب إن يكون اختيارنا لمن يصلح لهذا المنصب اختيار عقلانى وعملى وواقعى ولا يصح الحكم على قوة المرشح للرئاسة من خلال البرامج الانتخابية الوردية والوعود البراقة بل يجب اختيار المرشح على أساس البرامج الانتخابية الواقعية والقابلة للتحقيق، ويجب أيضا على من يسعى لمنصب رئيس مصر القادم أن تكون برامجه وخططه المستقبلية واضحة المعالم من منطلق منظومة متكاملة تحدد الأولويات وفقا لإمكانيات وموارد الدولة والسعى لاستغلال تلك الموارد لتحقيق الأهداف الأولية والملحة مع الأخذ فى الاعتبار طبيعة وظروف مصر الاقتصادية والسياسية وتوافق الأهداف الأولية هذه مع سيكولوجية الشعب المصرى وتكوينه الاجتماعى وأحلامه وفكره الجديد، لاسيما بعد ثورة 25 يناير، التى غيرت الكثير من المفاهيم وزادت من الوعى السياسى لدى الكثير من المصريين.
هذا كله يدفعنا قبل أن نحكم على قدرة أى مرشح لقيادة مصر الأربع سنوات القادمة إلى أن نسأل المرشحين للرئاسة جميعا ما هى برامجكم الزمنية الواقعية؟ وماهى حلولكم لمشكلاتنا؟ وما هى خططكم لتحقيق الرخاء والنهوض بمصر؟ وما هى توجهاتكم وتطلعاتكم للمستقبل؟ وهل تستطيعون فعلا لا قولا الوفاء بتعهداتكم إلينا؟ إذا استطاع أحد المرشحين أن يجيب عن هذه الأسئلة إجابة مقنعة شافية ووافية فهو بذلك يعرف جيدا أقصر طريق إلى قصر الرئاسة.
