محمد حمدى

حين تفقد مصر الجديدة بوصلتها العربية

السبت، 09 أبريل 2011 11:56 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تعيش مصر فى مفترق طرق حقيقى هذه الأيام، لا يقتصر على ارتباك داخلى، جعل صانع القرار ممثلا فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، أو مجلس الوزراء، يقتبس خطواته من الشارع وميدان التحرير، وإنما تعدى الأمر ذلك إلى السياسة الخارجية التى أصبح الارتباك أحد ميزاتها الأساسية.

ففى الوقت الذى تدور على حدود مصر الغربية حرب طاحنة يحاول فيها الشعب الليبى الخلاص من حكم العقيد القذافى المستمر منذ 42 عاما، تبدو الدبلوماسية المصرية عاجزة عن قراءة ما يحدث فى الجار الشرقى، وتداعياته على مصر.

صحيح أن القاهرة أيدت قرار المجلس الوزارى العربى بطلب فرض منطقة حظر جوى على ليبيا من مجلس الأمن، لكنها تبدو غائبة مما يحدث على الأرض، ولم تتخذ قراراً حتى هذه اللحظة بالانحياز إلى الثورة الليبية التى يبدو جليا أنها ثورة شعب ضد نظام حكم هو الأغرب فى التاريخ الحديث، حتى أنه لا يمكن تصنفيه أو وضعه تحت أى مسمى سياسى معروف.

عاشت مصر طوال تاريخها الحديث وهى تتبنى قضايا أمتها العربية، وتدعمها، وحين يثور أى شعب من أجل نير حريته، والخلاص من السلطة القمعية سواء كانت احتلالا أم سلطة وطنية انحرفت عن أهدافها، فإن مصر بالضرورة كانت تنحاز إلى الخيارات الشعبية، لكن مصر الجديدة التى تتشكل منذ الخامس والعشرين من يناير تفتقد هذه البوصلة، بنفس القدر الذى تفتقد فيه القدرة على اتخاذ القرار الصائب.

وفى الحالة الليبية على وجه التحديد، يفترض بالإدارة المصرية الانحياز لخيارات الشعب الليبى، ما يعنى الاعتراف بالمجلس الوطنى الانتقالى، ومن ثم الشروع فى تقديم الدعم الممكن لهذا المجلس لإعادة بناء شرق ليبيا التى انفصلت عملياً عن الجماهيرية الليبية التى يحكمها القذافى وأنجاله.

صحيح أن الانضمام للتحالف الدولى الذى يفرض الحظر الجوى على ليبيا، ويتصدى لقوات القذافى العسكرية قد لا يجد قبولا لدى شريحة مهمة من الرأى العام المصرى ترفض مثل هذا التدخل، لكن الخيارات المصرية كبيرة ومتعددة، منها على سبيل المثال الشروع الفورى فى تقديم المساعدات الفنية والتقنية التى يحتاجها الشعب الليبى فى هذه اللحظة، والتى من شأنها مساعدة المقاومة الليبية فى حسم الخيار العسكرى بشكل أسرع مما هو عليه الآن.

أما القضية الثانية الأكثر غرابة وجدلا هو ذلك الموقف الجديد الذى تتخذه مصر من إيران عبر تصريح لوزير الخارجية نبيل العربى يعلن فيه سياسة مصرية جديدة تجاه إيران تقوم على أن القاهرة ليست فى حالة حرب مع طهران، وقد درجت السياسة التقليدية المصرية على أن أمن الخليج هو جزء من الأمن القومى المصرى، وبالتالى فإن أى تهديد إيرانى فارسى للخليج العربى يشكل تهديداً صريحاً للأمن القومى المصرى.

لكن الغريب أن تغيير الموقف المصرى من إيران يأتى فى وقت وصل فيه هذا التهديد الإيرانى إلى ذروته، عبر إعلان المعارضة الشيعية فى البحرين سعيها إقامة جمهورية إسلامية فى المنامة على غرار ما هو قائم فى طهران، وتدين بالولاء للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية، وهو ما دعا مجلس التعاون الخليجى لاتخاذ قرار مهم بإرسال بعض قوات درع الجزيرة للتصدى لهذا المخطط.

كان مفروضا أو متصورا أن مصر التى دعت ودعمت وشاركت وحركت العالم العربى لإرسال قوات ضمن تحالف دولى لوضع نهاية للاحتلال العراقى للكويت، أن تدعم التوجه الخليجى وتتصدى للمؤامرات الإيرانية فى الخليج، لكن هذا لم يحدث وفوجئ الجميع بتغيير السياسة المصرية تجاه إيران.

وإذا كانت مصر تخسر كثيرا من مساندة الثوار الليبيين فى معركتهم لتحرير ليبيا من حكم القذافى، فإنها تخسر أكثر مما يتصور وزير خارجيتها من سياسة الصداقة والغزل المجانى لإيران، حتى إن مثل هذه المواقف غير المسئولة والمدروسة ستؤدى إلى أن تدفع مصر ثمناً باهظاً فى محيطها العربى الذى كان ينتظر من ثورة المصريين دورا عربيا ملهما، فإذا بها لا تنكفئ على نفسها فقط، وإنما تحيد عن سياساتها وتوجهاتها العربية الأصيلة.












مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة