قال الرئيس الفلسطينى، محمود عباس أبو مازن، إن مصر هى الأساس فى القضية الفلسطينية، وتبقى المعنى الأول بالقضية الفلسطينية، وسنبقى حريصين على التحدث والتشاور مع المسئولين المصريين.
وأكد أبو مازن، فى أول زيارة له لمصر بعد ثورة 25 يناير، خلال لقائه رؤساء تحرير الصحف المصرية، مساء أمس، بمقر إقامته بالقاهرة، أنه لا يوجد خلاف سياسى أو أمنى مع حماس، فهى الآن تطلب التهدئة مع إسرائيل، وتخوّن من يقوم بإطلاق الصواريخ، نافياً عنها إطلاق الصواريخ، متهماً جماعات جهادية بذلك.
وطالب أبو مازن الدول العربية بالضغط على حماس لإنهاء الانقسام وإتمام المصالحة، مجدداً اتهامه لسوريا وطهران بتعطيل المصالحة، ورفض الرئيس الفلسطينى الكشف عما وصفه بالخيارات الصعبة فى حالة رفض الأمم المتحدة الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة فى سبتمبر المقبل.
وأضاف أبو مازن: مصر مقحمة فى كل شىء، ونريدها أن تبقى مقحمة، وقد حضرت إلى مصر يوم الأربعاء الماضى، والتقيت بعمرو موسى، الأمين العامة لجامعة الدول العربية، ثم مدير المخابرات، وفى اليوم الثالث التقيت برئيس الوزراء، الدكتور عصام شرف، ووزير الخارجية، الدكتور نبيل العربى، ثم مع المشير حسين طنطاوى، وأعضاء المجلس العسكرى، وقداسة البابا شنودة والإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور الطيب، لأول مرة.
وأكد أبو مازن أن مصر هى المسئولة عن ملف المصالحة الفلسطينية، وأن مصر لم تتخل عن الملف، ولم نسمع أنها تنوى التخلى عنه، بل بالعكس سوف تبقى تتولى هذه المهمة، بصرف النظر عمن سيتولى الحكم، حتى يمكن استعادة الوحدة الداخلية لفلسطين، وقد أجملت مصر وثيقة سميت بالوثيقة المصرية عن المصالحة، هذه الوثيقة لا تأخذ وجهة نظر أى من الطرفين، إنما تأخذ بالمصلحة العامة بما يرضى الطرفين.
هذه الوثيقة أجملت فى بداية أكتوبر قبل الماضى، واطلعت عليها حركة حماس، وطلبت بعض التعديات وتم تعديلها، ثم حملها عمر سليمان وأحمد أبو الغيط إلى عمان، والتقيت بهما، وطالبت بالتوقيع قبل 15 أكتوبر الماضى، وقمنا بالاطلاع على الوثيقة، وكان لنا ملاحظة عليها، ولكن وقعناها كما هى، وفى 13 أكتوبر تلقينا ما يفيد بعدم رغبة أمريكا التوقيع على هذه الوثيقة، لكن قمنا بإرسال أحد معاونينا للتوقيع.
وبالفعل تم التوقيع يوم 15 أكتوبر2009، وتم التوقيع، ولكن رفضت حماس التوقيع على هذه الوثيقة، ومنذ ذلك الوقت ونحن نحاول فى حوارات، كان آخرها فى دمشق، ومع ذلك لم نستطع الوصول إلى نتيجة، مشيراً إلى أن الانقسام تتخذه إسرائيل ذريعة لعدم التفاوض، بحجة مع من نتفاوض، وتماطل وتراوغ، فبصرف النظر عما تريده إسرائيل لابد من إنهاء ذلك الانقسام.
وأضاف الرئيس الفلسطينى: فى مارس الماضى أعلن إسماعيل هنية أنه يدعو أبو مازن إلى زيارة غزة، وهو لم يكن السبب الوحيد لإطلاق هذه المبادرة، فكان يوم 16 مارس الماضى اجتماع المجلس المركزى لمنظمة التحرير، وهو الحلقة الوسيطة بين المجلس الوطنى واللجنة التنفيذية، وكان قبله بيوم مسيرات شعبية شبابية رافعة شعارا واحدا "لا لبقاء الانقسام"، وهم مازالوا معتصمين حتى إنهاء الانقسام.
وأشار إلى أنه فى يوم 16 مارس، فى افتتاح المجلس، أعلنت مبادرة استعدادى الذهاب إلى غزة لتشكيل حكومة من المستقلين التكنو قراط، مهمتها أن تثبت موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطنى، وفى نفس الوقت تتولى إعمار غزة، لأن الأموال التى رصدت فى قمة شرم الشيخ التى لا تقل عن 4 مليارات ونصف المليار دولار من الدول المانحة، وأوربا لا تريد أن تسلمها إلى حماس أو لا تريد حماس أن تستلمها، لذلك لابد أن تكون هناك حكومة يوافق عليها الطرفان من أجل ذلك الهدف.
فنحن لا نريد حواراً ولا نقاشاً، فقط نذهب لنشكل الحكومة ونحدد موعداً لينتهى الأمر، والدعوة شهدت قبولاً كبيراً من قبل المجلس المركزى بإجماع الشعب الفلسطينى بكل فصائله الأمم المتحدة الاتحاد الأوروبى المؤتمر الإسلامى الجامعة العربية، ثم عددا من الدول العربية التى اتصلنا بها أو التى لم نتصل بها ثم تركيا.
وقد سمعنا تأييداً للمبادرة من أطراف غير مفوضة من حماس والتقيت بــ7 من قيادات حماس فى الضفة الغربية، منها رئيس المجلس التشريعى عزيز الدويك، ومنهم من كان نائب رئيس مجلس وزراء ومن كان وزيراً وكلهم أبدوا موافقتهم ودعمهم، ولكن جاءتنا ردود سلبية من حماس، ولم نستلم رداً رسمياً.
وأضاف أبو مازن: لكن بعض المعلومات التى وصلت لنا قالت إنهم لا يريدون انتخابات رئاسية، بل يريدون انتخابات تشريعية ومجلسا وطنيا، وإلى الآن لا أدرى ما هو السبب وراء ذلك، ولا أريد أن أفسر تفسيراً سيئاً، فالمجلس انتهت مدته والرئاسة انتهت، فلماذا هذا كان حديثا مع جميع الأطياف التى قبلناها بالأمس.
وأكد أبو مازن مجدداً عدم نيته الترشح للانتخابات المقبلة، داعياً حركة حماس بالموافقة على الاحتكام إلى الشعب، من خلال صندوق الاقتراع، وإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وعضوية المجلس الوطنى الفلسطينى.
وقال: القضية الأخرى هى قضية العملية السياسية، ففى عهد أولمرت كنا قريبين من الحل لأول مرة، وهى المرحلة النهائية والمياه والحدود والأمن واللاجئين والقدس وغيرها، وأغلقنا ملف الأمن بالتعاون مع الأمريكان وبموافقة مصر والأردن لأنها تؤثر عليهم أمنيا.
باقى القضايا كالحدود والقدس قدمت أفكاراً، بما فيها اللاجئون، ولكن أولمرت أسقط لأسباب داخلية بعد اتهامه فى قضايا رشاوى، وسقطت معه المفاوضات، وجاء نتانياهو ومعه أوباما، وكان عهداً جديداً، وبدأنا من الصفر، وقد رفض نتانياهو إيقاف الاستيطان لفترة، كما رفض المرجعيات الدولية، فبعد أكثر من عام ونصف أعلنت أمريكا عن فشلها قبل 4 أشهر.
ولم يكن أمامنا إلا الذهاب إلى مجلس الأمن، وتشاورنا مع الأشقاء، لأننا لا نستطيع أن نقدم شيئاً إلا إذا قدمته إحدى الدول العربية، لأننا لسنا أعضاء بالأمم المتحدة، وقدمنا مشروع قرار فى جملة واحدة فقط النشاط الاستيطانى غير شرعى، وهذه الجملة سبق أن قالها أوباما فى مصر وقالتها هيلارى كلينتون، والصدفة أنها قالتها قبل تقديمنا المشروع بأسبوع، وأخذنا صيغتها وقدمناها وبدأنا التشاور مع الدول، وطالبت أمريكيا تأجيلها أسبوعا ثم يومين.. إلى أن استنفذت كل التأجيلات.
وعندما قررنا أن نصوت عليها، طلبت أمريكا سحب المشروع من مجلس الأمن، ولكن رفضنا، وكانت النتيجة أننا استلمنا منهم الفيتو وباقى الدول الـ 14 وافقت، وهنا ألقى الوزير البريطانى كلمة سماها البيان الثلاثى باسم بريطانيا باسم فرنسا وألمانيا، وهذا البيان أنا موافق عليه، ثم تبنته أسبانيا وإيطاليا وبذلك أصبح بياناً باسم خمس دول عظمى وليس باسم دول عربية أو أفريقية وأعلنا موافقتنا عليه، ونتمنى عليكم أن يكون جزءاً من بيان الرباعية، الذى من المفترض أن يكون فى 15 الشهر الماضى، وتم تأجيله إلى 15 الشهر الحالى، وقد يؤجل إلى إشعار آخر.
وأعتقد أن أمريكا مترددة فى قبول ذلك، وأنها ستجد طريقة لتأجيل الموضوع كله، فليس أمامنا خيارات، سنذهب فى سبتمبر، ونسأل السؤال الذى قاله أوباما، إنه يريد أن نكون عضواً كامل العضوية فى الأمم المتحدة وأيضا على الرباعية أن تجيب عن هذا السؤال، وأن المفاوضات تبدأ فى سبتمبر وتنتهى فى سبتمبر، وهو موعد البت فى الدولة الفلسطينية فى الأمم المتحدة.
ونحن تعهدنا بتشكيل الدولة الفلسطينية، وهى جاهزة ومن هنا كنا حريصين على استعادة الوحدة حتى تكون الدولة الفلسطينية متكاملة.
وأضاف الرئيس الفلسطينى قائلا: إن صندوق النقد الدولى لا يعطينا شهادة بأن هناك شفافية لدينا، وبالتالى فإن قوله إن السلطة الفلسطينية تتمتع بشفافية، فهذا معناه أن الأمن جيد، والاقتصاد ينمو بمقدار،بحسب ما يأتينا من دعم ومساعدات فأصبح لدينا شكل دولة وإن لم يحدث شىء فى سبتمبر فستكون الأمور صعبة جدا، وسوف نقر المرحلة القادمة وستكون قراراتنا صعبة.
وقال أبو مازن، رداً على سؤال، ما هى القرارات التى يملكها، وهل يمكن إعلان دولة بشكل أحادى أم هو هو قرار صعب؟
فأجاب الرئيس أبو مازن قائلا: لا أملك إعلان دولة بشكل أحادى، لأنه يعد قفزة فى الهواء، ولذلك أنا ذاهب إلى الأمم المتحدة.
وأوضح أبو مازن رداً على سؤال أنه يتبقى ستة أشهر حتى سبتمبر، ما هى الجهود التى تخطط لها حتى يحدث وئام مع حماس؟ قائلا: أنا على استعداد للذهاب إلى غزة، فإذا منعونى فليس لدى حل آخر، لذلك أطالب الدول العربية بالضغط عليهم، أو تقول لى إنى مخطئ، هذه المبادرة أمامكم لو فيها خطأ سوف أتراجع عنها، لقد قمت بالتوقيع على الوثيقة المصرية، ولدى العديد من الملاحظات، ولكن من أجل المصلحة والوحدة قبلتها، وحماس رفضت.
وأضاف: نحن نريد حكومة منتخبة ليس منى ولا منك، ولكن من تكنو قراط، فلماذا الرفض، فأنا لا أريد أن أبقى رئيساً أو أرشح نفسى، فلا تجبرنى أن أبقى بلا انتخابات.
وحول مدى تأثر القضية الفلسطينية بالثورات العربية المستمرة، أوضح أبو مازن أنه لا يتدخل فى شئون أى دولة، ولن يكرر تجربة أبو عمار مع الغزو العراقى للكويت، وطرد العمالة الفلسطينية، ولكن إذا حصل اعتداء على دولة عربية من دولة غربية هنا نقف مع الدولة العربية.
وقال أبو مازن، إنه مستعد للتنحى إذا طلب الشعب الفلسطينى منه ذلك، ولكن إذا تنحى الآن فلمن يسلم السلطة؟!
لاحظنا حضور د. صائب عريقات، كبير المفاوضين، رغم استقالته من رئاسة دائرة المفاوضات بعد تسريب وثائق من مكتبه وتقديمه استقالته فاستفسرنا من الرئيس أبو مازن فقال لنا: عريقات سيظل كبير المفاوضين، وقد اعترف بخطئه وتسريب وثائق، كما سألنا الرئيس الفلسطينى عن محمد دحلان والتحقيق معه فقال: نحن لن نتستر على فساد أى شخص، نافياً ما تردد عن قيام دخلان بمحاولة لاغتياله.
واستمع لنص الحوار
أبو مازن لرؤساء التحرير: مصر لم تتخل عن ملف المصالحة.. و"حماس" تطلب التهدئة.. والدول العربية تقف كالصليب الأحمر من الانقسام.. وإذا لم تعترف الأمم المتحدة بدولتنا فى سبتمبر سنتخذ قرارات حاسمة
السبت، 09 أبريل 2011 03:09 ص