محمود الحضرى

موجة السلفيين ومدى حاجتهم إلى خطاب سياسى

الجمعة، 08 أبريل 2011 02:18 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الهجمة التى يقوم بها رموز من التيار السلفى فى البلاد حاليا مؤشر على حالة جديدة من محاولات القفز على مكاسب الثورة، وإن جاز القول فى بعض مقولات هذا التيار تصل إلى مراحل الثورة المضادة، خاصة أن هذا التيار ظل لسنوات إما بعيداً عن الحياة السياسية، مكتفيا بالنهج الدعوى، أو ممالئاً للسلطة حكومة ورئيساً على مدى سنوات طويلة.

وفجأة ظهر رموز هذا التيار وكأنهم دعاة سياسة، ومنافسين معتمدين على ضعف النفوس المصرية أمام الدين، ويسعى هؤلا ء الصامتون لسنوات طويلة عن الفساد والافساد فى ربوع البلدان إلى تحويل أنفسهم الى أبطال وثوار، ومنافسين على لعب دور سياسى على حساب مصالح المجتمع.

كان الأخطر فيما قيل على لسان الداعية السلفى محمد حسين يعقوب وسط حشد من الجماهير بما سمها "غزوة الصناديق"، ومردداً كلاماً يقتل صميم الوحدة الوطنية، ومحرضا الحضور ضد أطراف أخرى فى المجتمع، بدا بوضوح أنه يقصد الأقباط بالهجرة وترك البلاد إلى كندا والولايات المتحدة، وربما قصد أيضا تيارات سياسية أخرى.

كلام الشيخ يعقوب وغيره من السلفيين يحتاج إلى وقفة حتى لا ينفرط عقد الأمة بسبب غياب فكر العمل السياسى لدى هؤلاء، والذين ظلوا لسنوات مهللين للنظام الفاسد فى كل مكان، وليس فى مصر فقط، وكلمات مثل هؤلاء الدعاة عن الحكام العرب رددوها فى محاضراتهم خلال جولاتهم فى البلدان العربية.

وبدا واضحاً بأن فكرة اللعب على المادة الثانية من الدستور فى حشد المؤيدين للتعديلات الدستورية كانت الوسيلة التى استخدمها السلفيون فى دفع العامة إلى التصويت تأييداً للتعديلات، خشية من تعديل شامل فى هذه المرحلة يفرض تعديلا على هذه المادة، يخدم الأقباط.

وبدا هناك فرق جوهرى بين السلفيين والإخوان المسلمين، فالإخوان رجال سياسة، توجد أبواب للتحاور معهم، والوقوف على نقاط اتفاق واختلاف، بينما السلفيون عندما يخاطبون سياسيا، ويتحاورون مع الآخرين، يضعون أنفسهم فوق منابر المساجد، وفى مواقع الملقنين، والحضور مجرد متلقين، ولا يجوز الحوار، معتبرين أن كلامهم صادق، وربما يشبه "التنزيل".

أعتقد أن دخول السلفيين مواقع السياسة هو الخطر الأكبر فى مراحل التغيير فى البلاد، وقد حان أن تكون هناك حدود لاستخدام الدين فى الدعاية السياسية، بل عدم استخدام المساجد للعمل السياسى، واستخدام المحاضرات الدينية أدوات ترويج للعمل السياسى.

وعلينا أن نلاحظ أن الداعية الشيخ يعقوب كان يتحدث من مسجد فى منطقة إمبابة، وهو ما فعله أخرون أيضا فى جلسات دينية، ولا نعرف ما يحدث فى الكثير من مساجد القرى، وأنا هنا لا أتبع نهج سياسية التحريض، بل أشير إلى نقاط قد تكون خطراً على وحدة الأمة، مع التأكيد على اتساع قبول العامة، وحتى طبقات مثقفة، لمقولات مثل هؤلاء الدعاة، ليس لمجرد الثقة، بل للوازع الدينى لدينا.

ولاشك أن الدعاة من السلفيين حققوا نجاحات فى الدعوة، واكتسبوا أرضية، وقبولا، وأفادوا فى إصلاح الكثيرين، واستفادوا أيضا من موجة الفضائيات، والملتقيات والندوات الدينية داخل وخارج مصر، وأعتقد أن تلك الرسالة الدعوية مهمة، ولكن الدخول فى السياسة من جانب هؤلاء يحمل الكثير من المحاذير، التى تستحق وقفة منهم قبل الآخرين لمراجعة الخطاب، ربما للتدريب والتأهيل على الخطاب والعمل السياسى، ليتواءم مع مجتمع يعيش فيه جناحان مسلمون ومسيحيون، وأيضا مجتمع متعدد الأفكار والاتجاهات.

وبقى أن نشير إلى جانب رئيسى من عمليات الحشد ضد الدكتور يحيى الجمل، تأتى هى أيضا ضمن هذه الهجمة السلفية، ولا نعرف من ستطال بعض ذلك، فى ظل هذه الموجة.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة