لست من حوارييه
ولست بالطبع من مريديه
ولم أكن فى يوم من الأيام من أنصاره لولا جوقته من انفض منهم من حوله ومن بقى على إخلاصه له، بل كنت دائما أتابع ما يقوم به وأتوقف قليلا لأفهم ما يريد أن يفعله أو يدفعنا نحن الشعب لفعله.
كتبت عنه ثلاثة مقالات الأول فى هذا الموقع بعنوان " البرادعى جالكو خبوا عيالكو" وهو ما أعتبره تحليلا نفسيا لخصوم البرادعى الذين أصابهم الرعب لظهوره ولم أكن فى ذلك متزعما حملة لتسويقه ولا ترويجه وإنما كنت أكتب وأحلل ما تقع عليه عينى.
والمقال الثانى كان بعنوان "وآه يا برادعى" وفيه ربما قدمت النصيحة للبرادعى لكى يكون أكثر انخراطا يف المجتمع وأن يخلع بذلته الأنيقة ليغوص فى وحل السياسة وأن يتعرض لما يتعرض له المواطن أو السياسى العادى وساعتها سيعرف معنى السياسة وطرق ممارستها على حق، وهذا المقال كان بمثابة أمنية تكسرت على أعتاب بعض مؤيدى البرادعى الذين استكثروا عليه أن يعامل كما يعامل البقية من الساسة من كافة ألوان الطيف السياسى فى مصر.
أما المقال الثالث فقد كتبته لموقع صحيفة "المصريون" الإلكترونية وكان بعنوان "متى سيقفز قادة الوطنى فى قارب البرادعى" وفيه تخيلت قادة الوطنى وهم يقفزون فى قارب البرادعى قبل أن تنهار عليهم السلطة ويخر عليهم الحزب من فوقهم ولكنهم ربما أخذوا كلامى على محمل السخرية فلم يقفزوا إلى قارب البرادعى بل قفزوا من فوق هرم السلطة وضيعوا فرصة العمر فى البقاء على قيد الحياة السياسية.
أكتب ما أكتبه لأننى أشعر بوخز ضمير تجاه هذا الرجل خصوصا بعد الثورة فقد كان أحد محركيها عن بعد أو عن قرب، صحيح أنه "عجوز" فى السن لكنه استخدم وسائل شبابية للوصول إلى غايته واستنهض همة الشباب وفتح آفاق الإنترنت لجمع التوقيعات وناله من سخرية قادة الحزب الوطنى الحاكم – سابقا ما ناله ولكنه كان بحق أحد عوامل إشعال الثورة المصرية.
صحيح أن غياب البرادعى عن مصر فى وقت الحاجة إليه كانت كبيرة، وكان غلطة سياسى يريد أن يرشح نفسه للرئاسة ولكنه أبدا لم يفقد تواصله وتأثيره فى الثورة ودعمه عبر لقاءاته الخارجية واتصاله الفعال بوسائل الإعلام الغربية التى تثق فى ضميره الوطنى تماما كما أثق فيه وبشدة.
أطلق البرادعى عبر فوهة ضميره الحى كلمات أصابت كبد النظام وحولته إلى نظام مشبوه فى عيون العالم، ولولا البرادعى وتحركه عبر وسائل الإعلام العالمية لما كان لدور التحركات الداخلية المناضلة والشريفة أى تأثير على سلطة أدمنت الانتقادات وجبلت على الصمت فى وقت يطالبها فيه الجميع بالتغيير.
كان لكلمات البرادعى معنى لأنها من وجهة نظرى كانت كلمات حريصة وشفافة، لم تخرج من فم سياسى محترف يجيد اللعب بالكلمات ويخاطب الناس من موقعه العاجى بل من مكانته كرجل عادى وربما عادى جدا.
أعجبنى فى البرادعى أنه صبر على سفاهة البعض ممن رموه فى أهله وعرضه وفى نفسه، لم يحرفه ذلك عن بوصلته.. كان واضحا منذ البداية "لن أفعل شيئا لكننى سأساعد الشعب على فعل ما يريده"،
وبعد الثورة أوذى لأنه كان العفريت الذى كان يخشاه النظام ومن بقى من أنصاره ومرشحيه وستكشف لنا ولكم الأيام من الذى كان وراء الاعتداء عليه يوم الاستفتاء على التعديلات الدستورية.
دافع عن حق الإخوان والشيوعيين وعن حرصه على حماية المسيحيين والدفاع عن حقوقهم ولكنه اختلف مع الإخوان ووافق اليسار والليبراليين فى التعديلات الدستورية.
جمع حوله بعض الرموز واختلفوا معه وتحدثوا عنه بما يليق وبما لا يليق وظل هو كبيرا لا يشكو ولا يرد الاتهامات أو حتى يدافع عن نفسه لأنه يعلم أن الأوطان تحتاج إلى من يشغل نفسه بعظائم الأمور لا سفاسفها.
أعرف أن غيابه عن مصر أثر فى معرفته ولكن اسألوا التاريخ من قبل عمن حكمونا وأبدعوا وهم لم يولدوا على أرض مصر لا بل إن بعضهم لم يعرف اللغة العربية قبل أن يحكمها!
يقف البرادعى وحده اليوم ومعه أقوى سلاح عرفته البشرية
"الضمير" الوطنى المخلص والذى يمكنك تلمسه وهو يبحث عن كلمات مناسبة يعبر بها عما يجيش فى صدره من أحلام لوطنه الذى اتهموه بأنه باعه يوما ما.
لم أحظ بشرف اللقاء بالبرادعى ولم أتحدث إليه قط ولو جاءتنى الفرصة لمحاورته فسأفعل من أجل أن أحصل على إجابات لأسئلة كثيرة أعتبرها نقاط ضعف فى ملف ترشحه للرئاسة.
آخر السطر
أعبر عن نفسى وعن ضميرى وأنا أتخيل رؤيته رئيسا لمصر وعن يمينه أحمد زويل وعن يساره البسطويسى كل قد أخذ مكانه كرجال للمرحلة المقبلة.. رئيس يحكم مصر بضمير ومساعدين أحدهما يتسلح بالعلم والمعرفة وآخر يقيم العدل بين الناس فى الطرقات كما أقامه فى قاعات المحاكم.