بصفتى مصرى أقدم اعتذارى وأسفى لكل تونسى على وجه الأرض، لما حدث من غوغاء وفوضى وبلطجة ضد الإخوة التوانسة فى استاد القاهرة ليلة مبارة الزمالك والأفريقى التونسى، ماحدث هو سبّة فى جبين كل مصرى، وسواء كان هذا العمل الهمجى مقصوداً أم لا، فأن عقاب المتسببين فيه يجب أن يتم بأسرع ما يمكن، كما يجب أن تعود الثقة لرجال الأمن الذين تحاشوا التعامل مع تلك الجماهير حتى لا يستعيدوا ذكريات 25 يناير، ويقع ضحايا جدد للشرطة.
ولكن أخشى ما أخشاه أن يتحول كل مايحدث لنا من جرائم من مسمى "الثورة المضادة"، وأن نجعلها السبب والشمّاعة التى نلقىِ عليها كل مايحدث لنا من جرائم، فلا أحد منا ينكر وجود بقايا النظام السابق، الذين يحاولون بشتى الطرق الحفاظ على ماسرقوه من أموال الوطن والهروب من العقاب القانونى، حتى لا يحاسبهم أحد، ولكن يجب علينا ألا نغفل عن وجود بعض السلوكيات السيئة التى مازالت موجودة فى مجتمعنا، وبعض الأفكار التى يجب أن تتغير، فهدم الأضرحة وخطف الفتيات وأغتصابهن، وتثبيت الناس بالأسلحة البيضاء وسرقتهم، ليس من تدبير الثورة المضادة، ولكن هذه الأفعال نتيجة طبيعية لغياب الأمن أو وجوده بعدم فاعلية وكفاءة بالشارع المصرى، لأن المستفيدين فى النهاية من هذا الوضع هم المجرمون والخارجون عن القانون.
كما أن البناء على الأراضى الزراعية أو تعلية العمارات التى ليس لها تراخيص بناء، وقد استغل أصحابها أحداث الثورة، لم تكن من تدبير الثورة المضادة، وأحداث كثيرة أخرى نلقى بها على شمّاعة الثورة المضادة، ولكنها جاءت نتيجة أفعال وسلوك خاطئ من مصريين أستغلوا حالة الفوضى وعدم الانضباط التى يمر بها المجتمع المصرى فى هذا الوقت.
يجب علينا أن لا نغفل هذه النقطة، وعلينا تقديم الاعتذار الذى يليق بنا كمصريين وبما اقترفناه فى حق إخواننا التونسيين، الذين قدموا يد المساعدة للمصريين العائدين من جحيم ليبيا، ولم يبخلوا عليهم بشىء، أو عندما ذهب لهم فريق الزمالك للعب مباراة الذهاب هناك وقوبل بمعاملة حسنة، فبغض النظر عن الأشخاص الذين فعلوا تلك الجريمة فى استاد القاهرة فهم فى النهاية مصريون، أفعالهم محسوبة علينا وعلى اسم مصر.
علينا جميعاً تدارك هذا الأمر بسرعة، وأن نعترف بخطئنا ولا نتكبّر على الآخرين، فمصر لن تكون صغيرة عندما تقدم اعتذارا، وعلينا أن نتقبل كل قرارات الاتحاد الأفريقى بخصوص هذا الأمر أيّاً كانت، وأقترح أن يقوم بعض الشباب الواعى من شباب ثورة 25 يناير بالذهاب إلى بعثة فريق الأفريقى التونسى، أو السفارة التونسية فى مصر ليوضّحوا لهم أن ماحدث حدث هو نتيجة تهوّر البعضـ، وغياب عنصر الأمن، وأنه لا يمثل سلوك جميع المصريين، وإنما فئة متعصبة وضالة، وأنا أحيى الدكتور عصام شرف لتقديمه الاعتذار فى نفس اليوم للإخوة التوانسة، وكذلك وزير خارجية مصر نبيل العربى الذى قام بنفس الفعل، فهذا واجب علينا جميعاً فى تقديم الصورة الصحيحة للمصريين، والوقوف أمام من فعلوا هذا الفعل لتقديمهم للعدالة لمعرفة إن كان هذا تعصب كروى أو شىء آخر.
وأخيراً يجب أن نساعد رجال الشرطة ليعودوا بسرعة إلى أماكنهم، لأن الأمن هو القضية الأولى والثانية والثالثة التى تشغلنا الآن، ولها الأولوية قبل أى شىء حتى لقمة العيش والرزق، لأن بدون أمن لن نستطيع أن ننفذ خطط التقدم التى نسعى جميعاً إلى تحقيقها.
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة