◄◄ أغلق الهاتف فى وجه الرئيس بأوامر من سوزان فى مكتبة مصر الجديدة
◄◄ قصة الراقصة التى صفعته بالقلم على وجهه بأحد الأفراح فى فندق شهير
بعيداً عما يدور فى كواليس التحقيقات فى مكتب النائب العام، ومكتب الكسب غير المشروع بوزارة العدل بلاظوغلى، حول تضخم ثورة زكريا عزمى، فإن القصر الجمهورى الذى كان عزمى هو الرجل الأول فيه على مدى سنوات طويلة، باعتباره رئيس ديوان رئاسة الجمهورية يتضمن العديد من الكواليس والأسرار والقصص لم تنشر من قبل.
الصدفة وحدها هى التى جعلت زكريا عزمى رئيس ديوان رئاسة الجمهورية، فعزمى دخل قصر الرئاسة فى عام 1965 ضمن طاقم الحرس الجمهورى، وكان قبلها ضابطا فى المدرعات ك 10، ويتولى زكريا بحسب طبيعة عمله فى القصر الجمهورى لمدة 15 عاماً، عمليات التأمين والحماية ليس أكثر، ولم يكن بارزاً أو صاحب قدرات خاصة، وتنقل فى أكثر من منصب أمنى داخل الرئاسة، كان آخرها مكتب رئيس الجمهورية لشؤون الأمن القومى، حتى جاء اللواء محمود المصرى وهو قائد الحرس الجمهورى فى بداية الثمانينيات، وهو الذى كان يمتلك رؤية جديدة فى الحراسات الأمنية، ومن ثم أجرى اختبارات للضباط فى الحرس الجمهورى، وأجرى على أساسها تغييرات جذرية واسعة، وأبقى على الضباط الأكفاء فقط فى الحرس، واستبعد غير الأكفاء الذين كان من بينهم عزمى.
اللواء محمود المصرى كان بين خيارين، إما أن يستبعد الضباط غير الأكفاء تماما من مؤسسة الرئاسة، وينقلهم لحراسة شخصيات أقل أهمية أو بمجلس الوزراء، ومجلسى الشعب والشورى، أو أن ينقلهم إلى الأعمال المكتبية بسكرتارية الرئيس، وهو ما فعله المصرى، حيث نقل الضباط غير الأكفاء المستبعدين من الحرس الجمهورى إلى قسم سكرتارية الرئيس، وهنا بدأت قصة الصعود من القاع إلى القمة.
عمل عزمى فى قسم السكرتارية التى بدأ دورها يتزايد يوما بعد يوم فى ظل رؤسائها، فمن سكرتير عادى فى مكتب اللواء حسن كامل، أصبح مدير مكتب اللواء عز الدين مختار، واللواء رؤوف أسعد، ثم أمين أول ديوان رئيس الجمهورية، وأول من يلقب برئيس ديوان رئيس الجمهورية، ليس فقط ذلك بل من يجلس عليه حتى وفاته دون التقييد بسن معينة للتقاعد بحسب القانون الذى تم تفصيله خصيصا له، والموافقة عليه بمجلس الشعب قبل 11 عاماً فى جلسة لم تستغرق أكثر من 15 دقيقة.
استمرار عزمى كرئيس ديوان رئاسة الجمهورية طيلة السنوات الماضية فى عهد النظام السابق، بل 39 يوماً أخرى بعد رحيل النظام، يعكس تشعبه وسيطرته على القصر الجمهورى وعلاقاته الواسعة مع جميع المؤسسات فى مصر، وتكوين ما يسمى باللوبى داخل مؤسسة الرئاسة، بتجنيد رجال فى القطاعات المختلفة بالبلاط الرئاسى لنقل الأخبار له أولا بأول، ليكون مطلعا على كل شىء، ومن أبرز رجالاته فى القصر الجمهورى عبدالوهاب سعيد زكى السكرتير السابق لمبارك، وشريف عمر مدير أمن المقر، وهما شريكاه فى أعماله الاقتصادية ومشاريعه الخاصة وجيرانه فى فيلاته بالساحل الشمالى.
ومن ذلك المنطلق كان يتعامل عزمى مع جميع العاملين بالقصر الجمهورى سواء فى أطقم الحراسة أو السكرتارية بمبدأ «اللى يقرب من أى حد من رجالتى آكله»، وهنا واقعة شهيرة تستحق السرد، فقبل سنوات كان هناك عميد بالحرس الجمهورى يدعى نزيه محمد على، وهو من مقاتلى حرب أكتوبر، وخريج دفعة 42، وحاصل على أرفع الأوسمة العسكرية، وهما نجمتا سيناء والشرف.
العميد نزيه كان محل تقدير واحترام من قبل جميع أصدقائه بالقصر الجمهورى، نظراً لكفاءته وتفانيه فى العمل، وفى إحدى تحركات الرئيس التى كانت لمشيخة الأزهر، انتقل العميد إلى المشيخة بواسطة سيارة عزمى، وفى الطريق ارتكب سائق سيارة عزمى خطأ ما، فتحدث معه العميد نزيه بصوت عال، وما إن أنهى السائق مهمته فى توصيل العميد نزيه إلى مشيحة الأزهر حتى توجه السائق إلى زكريا وأبلغه بالواقعة، فتوجه عزمى إلى العميد نزيه وقال له «انت إزاى تتكلم مع السواق بتاعى كده».. وارتفع صوت عزمى والعميد نزيه وانتهى الأمر، ولم تمر أيام معدودة حتى استبعد العميد نزيه من مؤسسة الرئاسة.
نفوذ زكريا عزمى وسلطانه الذى أرهب به الموظفين فى ديوان الرئاسة، امتد إلى أشياء أخرى عديدة، منها مثلاً ما يرويه أحد الذين عملوا فيه، وكان على دراية واسعة فيما يتعلق بتصرفات عزمى، يروى هذا الرجل أن بعض رؤساء وملوك الدول كانوا بعد زيارتهم إلى مصر، يمنحون رئيس الديوان مبلغاً كبيراً من المال بالدولار طبقاً للبروتوكول الرئاسى، ويتم توزيع تلك الأموال على طاقم الحراسة والسكرتارية والعمال بنفس العملة الأجنبية، غير أن عزمى كان يتسلم المال بالعملة الصعبة، ويقوم بتغييرها إلى الجنيه المصرى ومن ثم يوزع المال على طاقم الحراسة بالجنيه المصرى ويستفيد هو بفارق سعر العملة.
لم يكن عزمى الرجل الأول لمبارك فقط وساعده الأيمن، بل كان وحسب قول الرجل الذى عرف جيداً زكريا عزمى الساعد الأول لسوزان مبارك، ومستشارها فى جميع أعمالها وتحركاتها، ومهندس عملية التوريث الفاشلة، بل يستمع إلى كلامها ويلتزم به أكثر من مبارك نفسه، ويدلل الرجل على ذلك بكشفه عن موقف حدث فى نهاية التسعينيات، حيث كان عزمى برفقة سوزان مبارك وعدد من الشخصيات العامة فى زيارة لمكتبة مصر الجديدة، وبعد دقائق من وصولهم المكتبة، رن الهاتف الشخصى لعزمى، فقالت له سوزان، من يتصل عليك، فرد قائلاً: سيادة الرئيس.. فردت سوزان: اقفل التليفون..فقال لها نعم.. مرت دقائق واتصل مبارك مرة ثانية.. فقالت له سوزان: مين تانى اللى بيتصل.. فقال زكريا: الرئيس مبارك.. فردت عليه سوزان بكل قسوة: مش قولت لك تقفل الهباب ده»..على الفور أغلق عزمى الهاتف فى وجه رئيس الدولة استجابة لرغبة الهانم، وكان ذلك على مرأى ومسمع من شخصيات عامة كثيرة.
سطوة وجبروت عزمى خلف أسوار الرئاسة انتقلت إلى خارجها أيضا من خلال شراكة فى مشاريع كبيرة مع رجال أعمال، والحصول على عمولات من وراء صفقات اقتصادية وعلى أراض وفيلات، لا يمكن إحصاؤها.
أما الشقق الموجودة فى قائمة ممتلكاته فيمتلك شقة فى 138 شارع الميرغنى بمصر الجديدة باسم زوجته بهية عبدالمنعم سليمان حلاوة وتحديداً الطابق الأول شقة يسار، وأخرى بشارع فريد أمام مبنى المخابرات الحربية والاستطلاع، خلف المدرسة الإنجليزية بجوار المريديان.
تلك القائمة الطويلة من العقارات سواء شققا أو فيلات أو قصورا أو شاليهات تتضمن أفضل الأثاث أثاث المستورد من المانيا والدول الأوروبية وبأشكال مختلفة، وتم شحنها فى طائرات خاصة وقدم معها عمال مخصصون لتركيبها، وكذلك النجف والكريستال فكانت من نوعية «يوهيمى تشيكى» أفضل أنواع الكريستالات المرصعة بالذهب الخالص، أما إن صادفك الحظ لدخول قصر من قصور عزمى، فحتما ستسير على السجاد العجمى، والمفاجأة أنك ستجد أن جميع الأكواب والمعالق والشوك مكتوب عليها اسمه بمياه الذهب الخالص.
ويروى عنه أنه فى أحد الأفراح قبل 7 سنوات بأحد أكبر الفنادق المصرية، كانت راقصة شهيرة تهتز يميناً ويساراً لتزيد من سخونة الفرح، ووقتها كان عزمى فى أشد أوقات سعادته وانبساطه.. اقتربت الراقصة منه فإذا به يضربها بيده على «مؤخرتها» فإذا بالراقصة تتوقف عن الرقص وتصفعه بالقلم على وجهه.. حاول من يجلسون إلى جوار عزمى إطلاق النكات والضحك بصوت عالى على اعتبار أنه أمر عادى وسط جو الفرفشة، غير أنه انصرف فى صمت رهيب بعد دقائق.
الراقصة التى كانت ممثلة فى الأساس وتعرض عملا مسرحيا على خشبة مسرح شهير، فوجئت بعد أيام بقرار بإيقاف المسرحية بدون أسباب، ولكنها عرفت بعد ذلك أن قرار الإيقاف بمثابة الثأر لعزمى على صفعة الوجه، ولم يتم استئناف عرض المسرحية، إلا بعد أن اعتذرت الراقصة لعزمى وتناولا العشاء سويا فى نفس الفندق الذى شهد الواقعة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة