اختلف الرئيس السابق محمد حسنى مبارك فى العديد من الجوانب عن الزعيم جمال عبدالناصر والرئيس محمد أنور السادات، اللذيّن سبقاه فى حكم مصر، سواء فى فترة الحكم التى تولى فيها رئاسة البلاد أو فيما يتعلق بطريقة مغادرته لمنصب رئيس الجمهورية، وكذلك من ناحية التأمين على حياته بشركة تأمين.. وحتى تجربته قبل وصوله إلى حكم مصر.
وبينما غادر عبدالناصر منصب رئيس الجمهورية بالموت عام 1970 بعد 16 سنة رئيسا لمصر، وترك السادات منصبه إثر اغتياله عام 1981 بعد 11 عاما، اضطر حسنى مبارك للتنحى عن الحكم إثر ثورة هائلة فجرها شباب مصر يوم 25 يناير الماضى، وأنهت حكمه يوم 11 فبراير الماضى بعد 30 عاما فى حكم البلاد.
وفيما يتعلق بالتأمين على حياة رؤساء مصر أظهرت وثائق شركات التأمين أن الرئيس جمال عبدالناصر قام بالتأمين على حياته، وبلغت قيمة وثيقة التأمين على الحياة -قوات مسلحة- 1500 جنيه، وثيقة تأمين على الحياة -الشرق للتأمين- 1000 جنيه، وثيقة تأمين على الحياة -مصر للتأمين- 1000 جنيه، وثيقة تأمين على الحياة -الأهلية للتأمين- 2500 جنيه، وثيقة تأمين على الحياة -القاهرة للتأمين- 2500 جنيه.
وكان العاملون بقطاع التأمين فى شركة مصر للتأمين يتفاخرون دائما لأن شركتهم تتشرف بالتأمين على الزعيم جمال عبدالناصر رئيس الجمهورية.
أما الرئيس الراحل محمد أنور السادات فكانت بوليصة التأمين الخاصة به فى شركة مصر للتأمين المتخصصة فى التأمين على الجهات السيادية، وتتباهى أيضا بأنها كانت تؤمِّن على السادات ولذلك وضعوا وثيقة تأمين السادات ضمن الوثائق التاريخية للشركة، فيما خصص السادات وثيقة التأمين على حياته لصالح كريمته لبنى.
فى المقابل بقى التأمين على حياة الرئيس السابق محمد حسنى مبارك لغزا، إذ لم يستطع أحد فى قطاع التأمين أن يجزم بما إذا كان مبارك قام بالتأمين على حياته مثلما فعل جمال عبدالناصر وأنور السادات، لدى شركة تأمين داخل مصر أو فى الوطن العربى أو حتى لدى شركة تأمين عالمية.
وعلى عكس عبدالناصر والسادات اللذين تركا ثروة معروفة تقريبا، بقيت ثروة مبارك وممتلكاته فى الداخل والخارج لغزا أثار جدلا سياسيا وقانونيا ودبلوماسيا إذ قدَّرتها تقارير محلية ودولية بمبلغ 70 مليار دولار، وتلاحقها الجهات الأمنية والقضائية والدبلوماسية.
والسؤال الآن: إذا كان التأمين على حياة الزعيم عبدالناصر والسادات بمبلغ 100 جنيه لدى شركة مصر للتأمين، فما هو مبلغ التأمين على حياة رجل ظل يجلس على عرش مصر 30 عاما؟ وهل قام مبارك بالتأمين على حياته بشكل عام، أم قام بالتأمين على كل عضو فى جسده لدى شركة تأمين عالمية؟ وهل كان مبارك يعتقد أنه سيموت على كرسى الحكم وأن ابنه جمال سيخلفه.. كلها تساؤلات ربما تجيب عليها التحقيقات الجارية حاليا بشأن مبارك وثروته، وقد تبقى الإجابة فى ذمة التاريخ.. إذ ظلت «اليوم السابع» تفتش لعدة أيام عن كيفية التأمين على حياة مبارك دون أن تصل إلى إجابة محددة لعدم استطاعة أحد فى قطاع التأمين أن يجزم بحجم وطريقة التأمين على حياة الرئيس السابق.
وتبقى حياة مبارك قبل وصوله إلى رئاسة مصر أحد أهم الجوانب التى يختلف فيها عن عبدالناصر والسادات.. إذ كان مبارك موظفا برتبة طيار فى القوات الجوية، بينما خاض عبدالناصر والسادات تجربة عسكرية ونضالية داخل وخارج الجيش قبل وصولهما إلى سدة الحكم فى مصر، وربما يدخل مبارك السجن حال إدانته فى قضايا الفساد السياسى والمالى المتهم فيها هو وعائلته.
ومن المعروف أن الزعيم جمال عبدالناصر تم التحقيق معه عندما كان محاصرا فى الفالوجة أثناء حرب فلسطين، وكانت زوجته وابنتاه هدى ومنى مهددات بالطرد من المنزل الذى استأجره فى مصر الجديدة، وعندما عاد جمال من الحرب اقتيد من منزله للتحقيق بمعرفة رئيس الوزراء إبراهيم عبدالهادى ولم يتركوه إلا بتدخل جاره رئيس الأركان فى ذلك الوقت عثمان باشا المهدى، وكانت التهمة حيازة أسلحة وذخيرة فى منزله.