◄◄ المالية: الممتلكات المصادرة يحصل عليها جهاز تصفية الحراسات تمهيداً لدخولها الخزانة العامة
◄◄ من الطبيعى أن يكون لكل مواطن نصيب فى هذه الأموال لكن فى صورة دعم للسلع أو خدمات جديدة
حين توفى الرئيس الأسبق لمصر أنور السادات اغتيالا فى حادث المنصة الشهير عام 1981.. خرج الرئيس الجديد وقتها حسنى مبارك على المصريين قائلا «لقد تسلمت البلد خرابة» وتحدث عن الديون الخارجية قائلا «إنها تبلغ 40 مليار دولار» وهو مبلغ خرافى بمعايير مطلع الثمانينيات.
وحاولت بعض أطراف الحكم الجديد حينها دفع المواطنين للتبرع لـ«سداد ديون مصر» وبدأ كل مواطن يحسب نصيبه من هذه الديون.. وهى حركة لم تنجح إذ اعترض الناس وقالوا وقتها تصريحا وكتابة «إنها ديون السادات وليست ديون مصر».
اليوم وبعد 30 سنة الموقف على العكس تماما فمنذ تنحى مبارك عن حكم مصر وظهور تقارير دولية ومحلية تشير إلى أن مبارك وعائلته ووزراءه وأغلب رجال الأعمال فى عهده «نهبوا مصر» وأن ثرواتهم المهربة للخارج تبلغ 70 مليار دولار.. ومع التحركات الحثيثة لاسترداد تلك الأموال دارت عجلة التفكير لدى المواطنين مرة أخرى لكن هذه المرة باتجاه حساب نصيب كل مواطن من تلك الأموال.. «الخيال الشعبى» يذهب إلى حد استحضار مشهد يرى فيه أن الحكومة أرسلت من يستدعى كل مواطن لـيقبض نصيبه من تلك الأموال وينتعش هو وعائلته بمبلغ محترم لم يكن فى الحسبان.. ربنا يخلى الثورة.
رجال الحكم والإدارة وخبراء القانون والمال والاقتصاد، فاجأتهم خيالات المواطنين وقالوا فى لقاءات متفرقة مع «اليوم السابع» إن ذلك مستحيل فـ«الأموال المحتمل عودتها ستصادر لحساب الخزانة العامة ويعاد توزيعها على المواطنين فى شكل دعم للسلع أو لتحسين الخدمات العامة». وشدد الخبراء على أن تقسيم الأموال المهربة على المواطنين، عملية مستحيلة.. فضلا عن أن إعادة هذه الأموال ليست بالبساطة التى يتصورها المواطنون، موضحين أنها عملية بالغة التعقيد سواء من الناحية القانونية والسياسية أو الجوانب الاقتصادية، وأكدوا أن ذلك لم يحدث قبل ذلك فى أى دولة، كما أن الأرقام المعلنة للثروات المنهوبة غير مؤكدة حتى الآن.
واتفقت وزارة المالية مع هذا الرأى، حيث أكد مسؤول بارز بالوزارة أنه حال صدور أحكام قضائية نهائية بمصادرة ممتلكات الرئيس السابق وعائلته ومسؤولين سابقين من أموال وعقارات وأى أصول أخرى، فالمسار الطبيعى لهذه الأموال هو أن تدخل فى الخزانة العامة.
وأوضح المصدر أن دخول هذه الأموال فى الخزانة العامة يكون عن طريق جهاز تصفية الحراسات التابع لوزارة المالية، والذى يتحصل على جميع الممتلكات والأموال المصادرة.
وأضاف المصدر أنه بالنسبة للأموال السائلة فتدخل فى الخزانة العامة من خلال الجهاز مباشرة، أما العقارات أو السيارات أو أية أصول أخرى، فيتم التحفظ عليها بجهاز تصفية الحراسات، لحين قيام لجنة متخصصة بتقييمها، تمهيدا لعرضها للبيع فى مزاد علنى.
وأشار المصدر إلى أن الجهاز يستعد لاستقبال أية ممتلكات تتم مصادرتها، حتى تعود مرة أخرى لملكية الشعب من خلال وزارة المالية، التى تستغل هذه الأموال فى المصروفات العامة والخدمية ضمن الموازنة العامة.
الدكتور قاسم منصور رئيس المركز الاقتصادى المصرى يرى أن الأرقام التى ذكرت هى أرقام خيالية لأنها تزيد عن أرقام الاقتصاد القومى، وإذا أضفت إليها أرقام ثروات رجال الأعمال فستجد أنها تتجاوز حجم الدخل القومى المصرى.
وأضاف منصور أن الدولة لديها أنظمة وقوانين وبالتالى يجب إثبات ذلك من خلال المحاكم، مشيرا إلى أنه من الطبيعى أن يكون لكل مواطن مصرى نصيب عند استرداد هذه الأموال المنهوبة ولكن ليس فى صورة أموال سائلة ولكن سيكون فى صورة دعم على السلع أو خدمات جديدة يمكن تقديمها للمواطنين، بالإضافة إلى المشروعات الاستثمارية والقومية التى تم التخطيط لاستكمالها كمشروع ممر التنمية.
وقال منصور إن الأموال المهربة إلى الخارج من الممكن أن تلعب دورا كبيرا فى تسديد ديون مصر الداخلية والخارجية.. وفى حالة استردادها فهى تعتبر فى حكم الإيراد العام، وهو ما يترتب عليه دخولها ضمن الموازنة العامة للدولة، كما هو الحال بالنسبة للضرائب التى تحصل من الشركات ورجال الأعمال بأشكالها المختلفة.
ويتفق معه الخبير الاقتصادى الدكتور محمود عبدالحى، مستشار معهد التخطيط القومى، مؤكدا استحالة حساب نصيب كل فرد من الشعب المصرى، كما يردد البعض بأن نصيب الفرد يبلغ 187 ألفا، معتبرا ذلك نوعا من إثارة الرأى العام.
ويرى عبد الحى أن حجم الأموال المهربة والمنهوبة خارج مصر لا يمكن تقديره بالتحديد، وخاصة أن جزءاً من هذه الأموال فى شكل عقارات وأصول وأراض فى الدول التى تم تهريب تلك الأموال إليها، فهناك تقديرات تقدرها بحوالى 3 تريليون دولار وفقاً لتقديرات لجنة استرداد أموال مصر المنهوبة من الخارج، والتى شكلتها مجموعة من المحامين المصريين.
وأشار الخبير الاقتصادى إلى أنه عند استرداد هذه الأموال يمكن أن يتم عمل مشروعات كبيرة تستوعب كل طاقات الشباب الذى فجر هذه الثورة العظيمة، بالإضافة إلى استكمال عدد من المشروعات المؤجلة بسبب فساد النظام السابق وعلى رأسها مشروع ممر التنمية، مشيرا إلى أنه بقوة الشباب التى تم اكتشافها فى ميدان التحرير وبمساعدة هذه الأموال يمكن تحقيق المزيد من التقدم والرفاهية للشعب المصرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة