◄◄ زيارة اللواء موافى لدمشق أثارت رعب تل أبيب وواشنطن والهجوم ركز على إثارة البلبلة والشوشرة حول الجهاز الذى أذل الموساد وحفظ قوة مصر فى المنطقة
الخصم الذى يتمتع بالخسة دائما ما ينتظر أوقات الضعف أو الارتباك ليضرب ويحقق أعلى المكاسب، حتى ولو كانت ضرباته خفية، أو مجرد مناوشات وشائعات يطلقها فى هواء الكرة الأرضية، والفترة الماضية التى ساد فيها الارتباك أرض القاهرة خلقت أطماعا لدى عدد من الخصوم ومن هنا ظهر الجاسوس الأردنى الذى يعمل لصالح إسرائيل، ونشرت صحف تل أبيب وبعض الصحف الأمريكية القريبة من الكيان الصهيونى كل ما لذ وطاب من شائعات وأخبار هدفها إثارة البلبلة وتشكيك المصريين فيما قد تأتى به ثورتهم وفى قدرة الأجهزة الرسمية سواء الجيش أو المخابرات العامة أو الحكومة على العبور بالبلاد من نفق حالة الارتباك السائدة.
الأمر هنا يتعلق وعلى وجه التحديد بجهاز المخابرات المصرية، تلك الشوكة التى تدمى حلق تل أبيب، الأمر هنا يتعلق بمحاولات إسرائيلية وأمريكية لخلخلة جهاز المخابرات المصرى وإثارة دائرة من البلبلة، والكلام حول الجهاز الذى ظل دوما بعيدا عن مساحات اللغط والنقاش وقريبا من ساحة العمل والانتصار.
الاتجاه السابق ظهر جليا خلال الأسبوع الماضى فى تلك الحملة التى شنتها صحف وشخصيات أمريكية مشهورة بقربها من الكيان الصهيونى ضد جهاز المخابرات المصرى ورئيسه الجديد اللواء مراد الموافى، وهى الحملة التى تكشفت نواياها غير الطيبة حينما تزامنت مع حملة هجومية أخرى شنتها صحف إسرائيلية بصحبة القناة السابعة الإسرائيلية وحاولوا من خلالها التشكيك فى رئيس الجهاز الجديد وإثارة قلق دول العالم وأجهزتها الاستخباراتية منه ومن توجهاته.
ما الذى تريده أمريكا وصحف أمريكا ووسائل إعلام تل أبيب من جهاز المخابرات المصرية حتى تختصه بتلك الحملة المنظمة؟ ما الذى تريده أمريكا وإسرائيل من اللواء مراد موافى حتى تتهمه بفتح الباب لعودة الإسلاميين وعقد تحالفات مع أنظمة ودول غير مرغوب فيها دوليا؟ وما الذى تريده صحف أمريكا وإسرائيل من خلف تكرار أسئلة من نوعية أين ذهب رئيس المخابرات المصرية الجديد ومن استقبله وإلى أين سافر؟
الإجابة عن الأسئلة السابقة يمكنك أن تستخلصها من استعراض أهم نقاط حملة الهجوم التى شنتها صحف أمريكا وتل أبيب على المخابرات المصرية واللواء مراد موافى طوال الأسبوع الماضى والتى ظهرت بوادرها فى صحيفة وول ستريت جورنال التى قالت إن الولايات المتحدة تشعر بالقلق حيال مدير المخابرات العامة المصرية مراد موافى، بسبب زيارته غير المعلنة إلى العاصمة السورية دمشق فى الشهر الماضى، وبكل بجاحة تساءلت الصحيفة عما كان يفعله موافى فى دمشق ومع من التقى، وكأن مدير المخابرات المصرى مطالب بأن يمنح واشنطن وصحفها خط سير تحركاته وخططه، ثم نقلت الصحف الأمريكية هجمتها إلى مرحلة أخرى وصفت فيها المدير الجديد للمخابرات البالغ 61 عاماً، بأنه أكثر حذراً فى علاقته مع الأمريكان وهو أمر يهدد العلاقة التى تربط بين واشنطن والقاهرة التى ظلت لعقود أكثر حليف عربى تعتمد عليه أمريكا، ثم لجأت الصحف الأمريكية إلى حيلة خبيثة هدفها تشويه صورة الجهاز المصرى ورجاله وصورة رئيسه السابق حينما قالت إن العلاقات الاستخباراتية بين الولايات المتحدة ومصر كانت حجر الزاوية فى عمليات أمريكا السرية فى المنطقة وأصبحت مصر من خلال سليمان أول دولة تتعاون مع برنامج تسليم المشتبه فى تورطهم بالإرهاب إلى دولة ثالثة يواجهون فيها الاستجواب والتعذيب فى حالات كثيرة.
ثم انتقل الهجوم إلى مرحلة ثالثة حاولوا فيها تصدير صورة اللواء مراد موافى للعالم وكأنه شخص متعاطف مع الإسلاميين ويفتح لهم بابا جديدا حينما قالوا إن سليمان نجح فى تقويض التيار الإسلامى، وتعاون بشكل واضح مع أمريكا فى منع زحف المتشددين، بينما موافى سمح بخروج عدد كبير من المعتقلين السياسيين من بينهم شخصيات تنتمى لتيارات إسلامية متشددة من السجون وضربت مثلا بمحمد الظواهرى شقيق أيمن الظواهرى الذى تم إعادة اعتقاله بعد أيام من خروجه، وقالت صحف أمريكا إن موافى يبدو جزءا من التكوين الحكومى الجديد الذى يعتبر أكثر مرونة فى التعامل مع رغبات الرأى العام واستجابة لمطالبه وهى المطالب التى تبدو مزعجة ومخيفة لأمريكا وإسرائيل، ثم انتقلت حملة الهجوم إلى مرحلتها الرابعة والأخطر والتى تخص زيارة موافى لدمشق ولقائه غير المعلن مع الرئيس السورى بشار الأسد وربط ذلك بتصريحات وزير الخارجية المصرى نبيل العربى التى قال فيها إن مصر تريد إصلاح علاقتها مع سوريا، وقالت الصحف: الرئيس السورى استقبل اللواء مراد موافى رئيس المخابرات العامة فى دمشق وبحث معه العلاقات الثنائية بين الجانبين، وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية أن الحديث خلال اللقاء تناول رغبة البلدين فى إعادة تفعيل التعاون والتنسيق بينهما على أعلى المستويات، وحذرت من أن عودة العلاقات إلى شكلها الطبيعى بين البلدين تثير مخاوف تكرار ماحدث فى زمن عبد الناصر وتأثيره على تل أبيب التى بدأت تعيش حالة هلع من هذا التعاون المرتقب، وبعنوان «دعم جنوبى لمحور الشر» قال موقع نيوز وان الإخبارى الإسرائيلى إن مصر الجارة الجنوبية لإسرائيل تقوم الآن بدعم سوريا أحد أقطاب محور الشر، وذلك بالتعاون معها.
الأمر إذن يعنى أن واشنطن وتل أبيب تخشيان من تحركات رئيس المخابرات الجديد وطريقة عمله التى تسعى إلى إعادة الوئام مع بعض الدول العربية التى عشنا معها حالة من الخصام والارتباك طوال الفترة الماضية، أمر حملة الهجوم هذا يتعلق برغبة واشنطن وتل أبيب فى الإبقاء على مصر معزولة عن الدول المحيطة، ومحاولة تشكيك العالم فى نوايا جهاز المخابرات المصرى وإثارة البلبلة حوله، فالهجوم فى مجمله يعبر عن حالة القلق المستمرة من جهاز المخابرات المصرى الذى فضح الموساد وأذله وأرهقه طوال السنوات الماضية ويكشف عن نوايا إسرائيلية لتشويه سمعة الجهاز المصرى أو هز صورته مستغلة الفترة الحرجة التى تعيشها مصر، المعنى الآخر لتلك الحملة الشرسة تجاه جهاز المخابرات المصرى تعبر عن حالة خوف وقلق أمريكية وإسرائيلية من تأثير تغييرات الثورات العربية على الأجهزة الاستخباراتية والحكومية، خوفا من حالة تعاون استخباراتى عربى يضع تل أبيب فى أكبر مأزق لها على اعتبار أن الموساد لم يقدر على جهاز المخابرات المصرى منفردا فماذا سيفعل معه حينما تربطه من بعيد أو من قريب علاقات قوية بأجهزة الاستخبارات الأخرى فى المنطقة العربية؟.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة