صدر حديثا عن مركز الخماسين للتنمية الشاملة كتاب بعنوان "التجربة الليبرالية المصرية والعلمانية وموقف الأحزاب السياسية والجمعيات من قضايا العلمانية.. 1900-1950" للكاتب والباحث صابر أحمد نايل.
الكتاب يقع فى 147 صفحة، ويتناول قضية العلمانية وموقعها فى الفكر السياسى المصرى فى النصف الأول من القرن العشرين، والتعرف على موقف التيارات الفكرية والسياسية والاجتماعية المختلفة فى هذه القضية، خاصة وأن هذه الفترة ذات المدى الزمنى الكبير قد سعت وعلى مدى خمسين عاما تحولات واسعة فى المجتمع المصرى على أيدى الاحتلال الانجليزى بفعل تواجده العسكرى والسياسى، والمحاولة الخطيرة من قبله لفرض وإدخال تغييرات جذرية فى البنيان الاقتصادى والسياسى، وإحداث تطور رأسمالى يخدم ويتبع وينسجم مع طموحاته الإمبريالية، وعلى الرغم من المآخذ على هذه العملية، والتى تمت بشكل من القسر والعجلة وإدارة الظهر للخصوصية الثقافية والاجتماعية للمجتمع المصرى آنذاك، إلا إنها وضعته على عتبات التطور الرأسمالى من ناحية، ومن ناحية أخرى خلفت الأرض الموضوعية للاتجاهات التى تدعو إلى الاحتذاء بالغرب وتجربته الليبرالية، واقتباس نظمه ونموذجه السياسى والاقتصادى والفكرى.
الكتاب يحوى ثلاثة فصول وهى: التجربة المصرية الليبرالية والعلمانية، الأحزاب السياسية وموقفها من العلمانية قبيل ثورة 1919 والأحزاب السياسية وموقفها من العلمانية بعد ثورة 1919.
ويتناول الفصل الأول من الكتاب، التجربة الليبرالية وقضية العلمانية موضحاً ومفنداً تلك المزاعم ووجهات النظر المحتلفة حول ما إذا كان المجتمع المصرى علمانيا أم لا، أو ما إذا كان المفكرون العلمانيون أصابتهم الردة فى أفكارهم.
ثم يتناول الفصل الثانى من الكتاب حركة الجدل ما بين قضايا الفكر العلمانى والحركة السياسية المصرية، وكيف أن الأخيرة قد استطاعت فى لحظات عديدة أن ترسم موقف الأحزاب السياسية أمام اللحظات الصراعية ما بين قوى العلمانية وقوى السلفية، مما يتناقض مع حقيقة القوى الاجتماعية التى يمثلها هذا الحزب أو ذاك، كما يتناول الفصل فى الفترة الأولى من 1900-1919 حزب الأمة، وهو من الأحزاب ذات المواقف الواضحة والمحددة المناصرة لمفهوم العلمانية والقومية المصرية ثم حزب الإصلاح ثم الحزب الوطنى، ولاعتبارات سياسية غالبا لم يقدم الحزب الوطنى على التقدم إزاء هذا المفهوم، بل اتجه تحت قيادة عبد العزيز جاويش وعلى فهمى ومحمد فريد وجدى إلى التأكيد على المفاهيم المغرقة فى انحيازها للعلاقة بالعالم الإسلامى، وبات هناك حزب أصررنا على دراسته هو الحزب المصرى فى تلك الفترة، وفى الواقع أن هذا الحزب قد طرح المفاهيم العلمانية بوضوح وجلاء.
ويتناول الفصل الثالث المرحلة التالية بعد ثورة 1919، ووضوح مفاهيم الدولة الحديثة على أسس من دستور وبرلمان على الخط الغربى، وتبلور القوى الرأسمالية المصرية، وازدياد دورها فى السياسة والاقتصاد المصرى، ثم خروج عدد من الأحزاب إلى الوجود، أهمها على الإطلاق حزب الوفد، أو بمعنى أدق الوفد الذى حكمته اعتبارات سياسية محضة فى مواقفه من قضايا العلمانية مثل الحزب الوطنى ثم الأحرار الدستوريين ومصر الفتاة، وفى نفس الوقت نجد الموقف المبدئى لجماعة الإخوان المسلمين فى العداء للعلمانية، وقد أصبح كلاهما تيارين مؤثرين فى الحركة السياسية للمجتمع المصرى بفعل ضعف القوى الليبرالية فى صياغة المشروع القومى وحل متناقضات التطور الاجتماعى والسياسى.