"فاقد الشىء لا يعطيه" هل تؤمن عزيزى القارئ بهذه الحكمة؟ هل يمكن أن نأمر الناس بالبر وننسى أنفسنا؟ هل يمكن أن نظهر للعالم بوجه مزيف لا يعبر عن الملامح الحقيقية للمرء أو الطائفة أو الجماعة أو الدولة؟ هل يمكن أن أخدع العالم بوجه إعلامى مزيف؟ هل يمكن أن أبنى وطنا ديمقراطيا على شرعية مغتصبة؟ هل يمكن أن أرفع شعار العروبة وأكون مضيفا لقاتل إخوتى من أمتى؟ هل يمكن أن أكون قاعدة للسلاح وقبلة للسلام فى نفس الوقت؟ هل يمكن أن أكون ممانعا ومطبعا فى وقت واحد؟
هل يمكن أن تقبل عزيزى القارئ أن تكون هذه الدولة أو ذلك الأمير ممثلا لعروبتك ومدافعا عن قضاياك القومية، وحريصا على أمنك ووحدتك؟ هل تصدق أن إعلام هذه الدولة قائم على مهنية خالصة ونزاهة وشفافية دون توجيه، أو تنفيذ لأجندة خاصة؟ هل يمكن أن تثق فيه إلى حد أن يكون شعاره مرادفا للحرية؟ إن المخاض الثورى الذى أصاب دولنا العربية فى وقت واحد، والذى نتج عنه ميلاد عصر جديد من الديمقراطية والحرية كان وما يزال يخرج من رحم هذه الدول التى قدمت فيه الكثير من التضحيات من دمها وقوتها، لا فضل لمثل تلك الدولة أو ذلك الإعلام على تحررها من قيود القهر والتسلط والفساد، ولم يكن صمت أبنائها تخاذلا أو انفصالا عن واقعها بل كان بركانا نشيطا، ينذر بالثورة ويتحين الفرصة التى يتخلص فيها من الضغط الشديد، ليخرج بردا وسلاما وحرية ملهما لكل شعوب العالم المتطلعة للحرية، وسيأتى اليوم الذى سوف تتحول هذه الدول الحرة إلى مرايا تعكس الوجه الحقيقى لها، ويكشف إعلامها الحر مواطن السوء فى نظامها، ويشير بكل قوة ووضوح إلى عوراتها، ويدعم حرية شعبها من منبره الحر ليطهر أرضه من قواعد الشر التى نهشت الجسد العربى، وقطعت أوصاله، وقسمت أرضه، وأرست قواعد الفرقة بين شعوبه، وتآمرت على ثرواته، وزرعت فيه الفتن والدسائس، وخلقت له فزاعة تضمن بها تواجدا دائما على أرضه، وتصرفه بها عن عدوه الحقيقى الذى يستغل انشغال عالمنا العربى، بالمد الثورى الذى يصول ويجول فى أرجاء بلدانه محطما كل قيود الحرية، ومسقطا لكل رموز القهر، ومزلزلا لكل عروش الظلم، ومطيحا بكل أنظمة التخلف ليعيث فى أرض فلسطين خرابا وسفكا لدماء الأبرياء من النساء والأطفال، ومدنسا لمقدساتنا ولم نرَ تصريحا من الأمير القطرى، أو من رئيس وزرائه بين حلفائه من دول التآمر الغربى، يدين ما تفعله إسرائيل، أو يدعو إلى محاكمة مجرمى الحرب على غزة ولبنان، كما يدعو لمحاكمة طاغية ليبيا، أو حتى يدعوهم لحماية الفلسطينيين من بطش الآلة العسكرية الإسرائيلية المجرمة..
ولم يغط إعلامه المدعى أخبار الأراضى الفلسطينية، أو استعرض بالكامل ثورة البحرين أو الحراك السعودى، أو العدوان المتكرر على القدس ومقدساتها لمدة طويلة، وكأنه يشارك فى تعتيم إعلامى لما يحدث فى فلسطين على أيدى هؤلاء المجرمين، وأخيرا إن ما رصدته قطر من أموال لاستضافة مونديال كأس العالم يكفى لبناء فلسطين من جديد، أو يخرج دولة إسلامية كبنجلادش من أتون الفقر والمرض، الذى يعصف بأهلها المسلمين، وغيرها من الدول الإسلامية والعربية، فالوجه الذى نراه يطل علينا يتغنى بالعروبة، ومتبنيا لقضاياها القومية والإسلامية قد تكون ملامحه عربية ولكنها مزيفة خادعة، فلا تصدق عزيزى القارئ كل ما تسمع من هذا النظام المضلل، وصدق نصف ما ترى من إعلامه المغرض.
