عمرو عطية يكتب: سماحة الإسـلام مع غير المسلمين

الأربعاء، 06 أبريل 2011 12:17 ص
عمرو عطية يكتب: سماحة الإسـلام مع غير المسلمين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
السلام هو القاعدة الأساسية، التى أصلها الإسلام، فى المعاملات بين أتباعه وأتباع الديانات والملل الأخرى، فالإسلام أتى مسالما مناديا للسلام، ولم يأت محاربا مناديا للحرب، حتى أن تحية الإسلام هى (السلام عليكم)!! يقول الله عز وجل: { لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم، إن الله يحب المقسطين} [الممتحنة: 8].

فهؤلاء المسالمون من أهل الديانات الأخرى، الذين لم يحاربوكم، سالموهم ولا تحاربوهم، وهذه الآية الكريمة نزلت فى المشركين من عباد الأصنام، فما بالك بأهل الكتاب من اليهود والنصارى، والذين أنزل الله عليهم كتابا من عنده مثلما أنزل علينا، فلا شك أنهم أحق بتطبيق هذه الآية الكريمة فى معاملاتنا معهم وعلاقاتنا بهم، فكيف تحدد لنا هذه الآية الكريمة شكل هذه المعاملة، وجوهر تلك العلاقة؟ إن هذه الآية تحدثنا ابتداء عن(المعاهد السلمى) وهو الشخص من غير المسلمين الذى بينه وبين المسلمين عهد بالأمان على نفسه، بشرط ألا يقاتل المسلمين، ولا يخرجهم من ديارهم، ولا يشارك مع من يحاربون المسلمين، ولا حتى بالرأى والمشورة، فمثل هذا سالمنا فسالمناه، فتكون معاملتنا له قائمة على خلقين: (البر) و(القسط)، أما (البر) فهو المعاملة الحسنة، من أول ابتسامتك فى وجهه، وتحيتك له، ومساعدته فيما يحتاج من الخير، ومشاركته فى حزنه وفرحه، ومهاداته وقبول الهدية منه، وزيارته إذا مرض، وتشييعه إذا مات، إلى آخر أنواع البر التى يقتضيها الإسلام والإنسانية، وأما (القسط) فهو العدل، أن تعامله بالعدل، فلا تظلمه، فإن كان له حق عليك تعطيه إياه، وإن كان لك حق عليه يعطيك إياه، إلا إذا تنازل أحدكما عن حقه طواعية بغير إكراه، هذه هى شكل المعاملة وطبيعة العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين المسالمين، كما حددتها الآية الكريمة، وقد نزلت هذه الآية السابقة، حينما أهدت أم أسماء بنت أبى بكر الصديق لها هدية، فرفضتها أسماء لأن أمها كانت مشركة تعبد الأصنام، فلما علم الرسول بذلك أمر أسماء أن تقبل هدية أمها، وأن تصلها وتبرها، [أيسر التفاسير لكلام العلى الكبير/ أبو بكر الجزائرى]، فكانت تلك الروح الإنسانية السمحة الجميلة التى وصى بها الإسلام مع المعاهد السلمى، ولهذا المعاهد السلمى حق (الموالاة) وهو أن تتخذه صديقا وناصحا وناصرا ومعينا لك فى شئونك، ما دمت ضمنت ولاءه لك وعدم الغدر بك، فهذا ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم مع غير المسلمين، الذين سالموه ولم يحاربوه، فقد استعان بهم فى حربه على أعدائه وتبادل معهم الهدايا، [تاريخنا المفترى عليه/ د . يوسف القرضاوى]، وهى غير الموالاة التى نهى القرآن عنها وحرمها، والتى سيأتى ذكرها فى حالة الحرب، ليس هذا فحسب مع المعاهد السلمى، بل أباح الله للمسلمين أن يأكلوا من طعامهم، ماعدا الأكل الذى حرمه الله على المسلمين فى شريعتهم، كالخنزير والخمر، فلا يأكله المسلمون ولا يشربونه، ولكن لا نمنعهم هم من أكله وشربه فهو حلال عندهم، فلا نقتل لهم خنزيراً ولا نريق لهم خمراً، [ فقه السنة/ الشيخ سيد سابق]، كما أباح الله لرجال المسلمين أن يتزوجوا من النساء الكتابيات المسالمات، يقول جل شأنه: {وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم، والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذى أخدان} [المائدة: 5]، وما يستتبع هذا من معاملة حسنة لهن بما أمر الله به بين الزوج والزوجة، من مودة ورحمة، والإنفاق عليها، وألا يمنعها من إقامة شعائر دينها، سواء فى بيتها أو كنيستها أو معبدها، [فقه السنة/الشيخ سيد سابق]، مما سبق يتبين لنا كيف أمرنا القرآن بالتسامح مع أهل الأديان الأخرى، ولنأخذ بعض الأمثلة من أقوال وأفعال النبى وصحابته الكرام، دليلا عمليا على ذلك التسامح وتلك المعاملة الحسنة، وأما عن أقوال وأفعال النبى: فقد ذكر أبو عبيد فى [الأموال] عن سعيد بن المسيب، أن رسول الله تصدق بصدقة جارية على أهل بيت من اليهود، وأخرج البخارى عن أنس: كان لرسول الله جارا يهوديا، وكان الرسول يزوره، وذات مرة وهو فى زيارته عرض عليه رسول الله الإسلام فأسلم، فخرج النبى فرحا وهو يقول: ( الحمد لله الذى أنقذه بى من النار)، ومرت عليه ذات مرة جنازة يهودى، وكان صلى الله عليه وسلم جالسا، فقام واقفا احتراما للجنازة، فقيل له: يا رسول الله إنها جنازة يهودى، فقال: أليست نفسا؟! [البخارى ومسلم]، وذكر بن إسحاق فى السيرة: أن وفد نجران - وكانوا من النصارى- دخلوا على رسول الله فى مسجده بعد صلاة العصر، وحان وقت صلاتهم، فقاموا يصلون داخل المسجد النبوى الشريف، فأراد الناس منعهم، فقال رسول الله: (دعوهم)، وبها أجاز الإمام بن القيم فى [الهدى النبوى] جواز دخول أهل الكتاب مساجد المسلمين، وصلاتهم فيها، بل وتمكينهم منها إذا عرض عارض يستدعى ذلك، هذا من بعض ما قاله وفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فماذا عن أقوال وأفعال صحابته؟ ها هو عبد الله بن عمرو يوصى غلامه أن يعطى جاره اليهودى من لحوم الأضحية، ويلح عليه مرة بعد مرة، فتعجب الغلام من ذلك، وسأله عن سر هذه العناية بجار يهودى، فأجابه: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال (ظل جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه)، حتى لو كان من غير المسلمين، فالحديث لم يفرق، [القصة للبخارى فى الأدب المفرد/ والحديث متفق عليه]، وماتت أم الحارث بن أبى ربيعة وهى نصرانية، فشيعها أصحاب رسول الله فى جنازتها، [المحلى/ ابن حزم]، وذكر أبو يوسف فى [الخراج] أن الخليفة العادل عمر بن الخطاب – رضى الله عنه - أمر بصرف معاش دائم ليهودى وعياله من بيت مال المسلمين، ثم قال: (قال الله تعالى:{إنماالصدقات للفقراء والمساكين}[التوبة: 60]وهذا من مساكين أهل الكتاب).





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة