قال الروائى خيرى شلبى أن نجيب محفوظ كان من الممكن أن يكون مؤرخاً اجتماعيا لولم يكن أديباً، منذ أن كتب رواياته الفرعونية الثلاث، ثم أتبعها بثلاثية قصر الشوق، وأرخ من خلالها لمصر خلال فترة الاحتلال الإنجليزى.
وأضاف خلال الصالون الثانى، ضمن فعاليات مئوية نجيب محفوظ: "إن الأديب العالمى انقطع بعدها عن الكتابة، لأنه كان يظن أن الثلاثية هى ذروة ما يمكن أن يقدمه، ثم عاد "بأولاد حارتنا" و"الحرافيش"، التى دعا من خلالها إلى تنوير الشعب المصرى، ودفعه للتمرد على أى سلطة غاشمة، وربما كانت الحكاية الأخيرة " التوت والنبوت" تجسيداً لهذا الرؤية، حين لم يكن على أبناء الحارة إلا أن يرفعوا النبوت لكى يتقدموا، ويتسلحوا بكل الأسلحة المتقدمة، ليحصدوا الخير الذى عبر عنه بالتوت".
وعن كتابات محفوظ قال شلبى: "إنها تتميز بالموضوعية فى صياغة توجهات أبطاله، فكان عندما يجسد شخصية ماركسية يشعر القارئ أن محفوظ نفسه ماركسياً، وكذلك عندما يصور شخصا من التيار الدينى يتخيل القارئ أن نجيب يتبنى هذه الأفكار، ولكنه كان خبيراً فى إخفاء توجهاته الشخصية، حتى لاتطغى على أهواء أبطاله".
وأضاف أن محفوظ له موقف سلبى من ثورة يوليو، التى أسقطت الكثير من الرؤى الاجتماعية والفلسفات التى كانت سائدة، وانتقدها محفوظ على لسان أحد أبطال رواية "السمان والخريف"، الذى نادى بمبادئ الثورة وآمن بها، ثم شعر أنه لم يعد له دور، فسافر إلى الإسكندرية ليعيش وحدته.
ويضيف شلبى: "إذا تتبعنا رواياته من "الص والكلاب" و"الشحاذ" و"الكرنك" و"ثرثرة على النيل"، نجد أننا أمام تاريخ دقيق للمجتمع المصرى، فى تتبع العصور من الفرعونية حتى العصر الراهن، وحتى حين استدعى أخناتون ما يشبه محاكمة لكل الزعماء الذين حكموا مصر".
وعلق الناقد مصطفى بيومى قائلا: "كان لديه ثلاث رؤى تحكم الشخوص، هى الاشتراكية والليبرالية والإسلامية، فكان يحاول أن يكون وضوحا فى الرؤيا فى التيار السياسى لأبطاله، وسنجد فى أعماله وفديين وشيوعيين وناصريين وإخوان.
وأوضح بيومى أن نظرة محفوظ للجيش، هى أنه جزء من النسيج المصرى، لذلك رأى أنه لا يجب أن يخرج من دوره العسكرى، ويعمل بالسياسة، وفى " السمان والخريف "، هناك مضمون بأن الثورة حققت قطيعة شاملة مع ما قبلها، وشوهت التاريخ، وادعت بالباطل أن تاريخ مصر يبدأ من52، وحتى عندما تحدث عن التأميم وحرب اليمن لخص، أن نكسة 76 تسدل الستار على تجربة يوليو، وشهادة الوفاة للنظام الناصرى، وامتد به العمر ليرى مرحلة السادات، وانتقد بشدة سياسة الانفتاح الاقتصادى.
وأضاف بيومى: "محفوظ عاصر ثورتى 19 و52، ومن الواضح أنه ابن ثورة 19، ولديه انحياز كاسح لها، ويمكن أن نستنبط أنه وفدى الهوى من تركيبة أعماله الأدبية، ورغم ذلك كان يمثل أفكار الشيوعيين والإخوان، فى شخصيتى أحمد عاكف وأحمد راشد، فنجد عاكف الشيوعى الذى يجادل بالمنطق، وله آراء قوية، ولكنه عندما خلع نظارته نكتشف أنه أعور، فهذه رؤية محفوظ للشيوعيين، ينظرون للأمور بعين واحدة، فاحترمهم، ولم يحبهم عكس موقفه من الإخوان الذين لم يحبهم أو يحترمهم، لأنهم يفتقدون الروح المصرية المرحة، ويتصرفون بعجرفة ".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة