أثار قرار استقالة د.عبد المنعم أبو الفتوح من جماعة الإخوان المسلمين جدلاً واسعاً فى الأوساط السياسية، خاصة أن قرار استقالته تزامن مع ترويج بعض الشباب المؤيدين له لخبر ترشحه للانتخابات الرئاسية، وقد انصب الجدل حول أمرين، أولهما أن استقالة د. عبد المنعم مجرد مناورة سياسية للإخوان من أجل الوثوب على الحكم وكرسى الرئاسة، وذلك من خلال الدفع بالرجل لهذا المنصب بهذه الحيلة.
أما الأمر الثانى فقد حاول البعض استغلال الموقف وتضخيمه أمام الرأى العام لتشويه صورة الجماعة، مؤكدين أن صف الإخوان الداخلى يشهد حالة من الانشقاقات والانقلابات، ووظفوا مؤتمر شباب الجماعة الأخير فى نفس الخط، ووصل الأمر ببعضهم بأن وصف هذه الانشقاقات بالتسونامى الذى سيعصف بالجماعة.
وأرى أن ما لاشك فيه أن د. عبد المنعم أبو الفتوح شخصية يحترمها الجميع، فالرجل له تاريخ ناصع البياض، وله إسهاماته الوطنية ولعب دوراً بارزا فى الحياة النقابية، وكان مثالا فى الاعتدال الإسلامى، وبالطبع له الحرية المطلقة فى اتخاذ القرار الذى يراه من وجهة نظره أنه الأنسب له، ومن خلاله يستطيع خدمة وطنه، وإن كنت أختلف معه فى هذا القرار، لأن أبو الفتوح كان من الممكن أن يلعب دوراً مهماً فى تطوير الجماعة، خاصة وأن الذى يشرف على ملف هذا التطوير المهندس خيرت الشاطر، المعروف بأفقه الواسع والخبرة الكبيرة، فأبو الفتوح ود.عصام العريان والشاطر ثلاثى يستطيعون أن يقفزوا بالجماعة قفزات كبيرة للأمام، خاصة وأن المرشد الحالى أعلم عنه أنه منفتح، ويسعى لإحداث تطوير حقيقى فى أداء الجماعة سياسيا وتربويا ودعويا.
ولكن الواقع يؤكد أن استقالة أبوالفتوح لن تؤثر فى هذه الجماعة، فالمتابع لها والمتعارف على قواعد العمل بها، وأسس تنظيمها وتاريخها, سيعلم جيدا أنها تعرضت لمثل هذه المواقف من قبل، فقد خرج منها بشكل مشابه الشيخ الباقورى والشيخ الغزالى، وأخيرا مجموعة حزب الوسط، لاختلاف فى الرؤى والمواقف، وكانت الجماعة دوما تحافظ على صفها، وتتجاوز محنها بشكل سريع، وأرى أنها ستكون حاسمة فى موقفها من ترشح أبو الفتوح للرئاسة إذا أقدم على هذا الأمر، فلن يؤيدوه مطلقاً، ولعل موقفهم من مجموعة حزب الوسط التى خالفت أمر الجماعة خير دليل على ذلك.
كما أرى أن الإخوان لن يقدموا على تصدر المشهد السياسى فى المرحلة المقبلة بمفردهم لأسباب عديدة على رأسها، أنهم مقتنعون أن المرحلة تتطلب توحيد الجهد الوطنى ولم شمل كل القوى السياسية من أقصى اليمين لأقصى اليسار، كما لديهم قناعة أنه ليس لديهم القدرة على تسيير مركبة الوطن بمفردهم فى هذه المرحلة الحساسة، وأنهم لن يكرروا تجربة الحزب الوطنى، فالانفراد بالسلطة بعد ثورة 25 يناير انتحار سياسى.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة