تواصل هيئة أبو ظبى للثقافة والتراث جهودها فى مجال ترميم المبانى التاريخية فى مدينة العين، كجزء أساسى من استراتيجيتها للحفاظ على التراث المادى بإمارة أبو ظبى، من خلال عمل قائمة بالمشاكل التى تواجه الحفاظ على المبنى الأثرى، بحيث لا تقتصر على مظاهر التدهور، وإنما تتعداها لتحديد أسباب هذا التدهور، ومن بينها النمل الأبيض الذى يعمل على انهيار المبانى بسرعة.
وأوضحت الهيئة فى بيان لها، أن المبانى التاريخية فى إمارة أبو ظبى تحتوى على العديد من العناصر الخشبية كالأبواب والنوافذ، والأسقف الخشبية المبنية من جذوع النخيل وخشب المانغروف والصندل، وتعتبر هذه العناصر الخشبية هامة ونادرة، حيث كانت تستورد من خارج الدولة، ويعتبر النمل الأبيض مصدر قلق كبير للحفاظ على هذه العناصر، وتعتمد درجة إصابة هذه العناصر الخشبية بالنمل الأبيض على عدة عوامل أهمها الطبيعة البيئية للموقع، ونوع الخشب، وحجم أعشاش النمل الأبيض وموقع هذه الأعشاش بالنسبة للمبنى التاريخى، وبسبب المناخ الحار فى إمارة أبو ظبى فقد وجد أن مدى الأضرار الناجمة عن النمل الأبيض كبيرة جداً فى كثير من الحالات، بالإضافة للمنظر غير المرغوب به للنمل الأبيض فى هذه المبانى، فإنه قد يتسبب بعدة مشاكل إنشائية قد تؤدى لفقدان النسيج التاريخى لها.
وذكر البيان أن مسجد الجاهلى وقلعة المويجعى وبيت الشيخ محمد بن خليفة من المبانى التاريخية التى عانت من النمل الأبيض، وعليه فقد قامت الهيئة بتقييم مدى الإصابة ودرجة الأضرار فيها، وتم تحديد أنواع النمل الأبيض وأنواع الخشب عن طريق التحليل الكيميائى، ووضع الحلول المقترحة والمتوافقة مع أهداف ومنهجية الحفاظ بهيئة أبو ظبى للثقافة والتراث والملتزمة بالمعايير الصديقة للبيئة، وبالتالى فقد قام فريق العمل بوضع مجموعة من الحلول التى تتراوح بين الحلول ذات الطبيعة الكيميائية عن طريقة معالجة الخنادق حول المبنى والحقن بالمبيدات، والحلول ذات الطبيعة غير الكيميائية كوضع نظام المصائد للنمل الأبيض فى جميع أنحاء المبنى، وفى جميع الأحوال فإنه تم وضع نظام رصد لقياس مدى فعالية هذه الحلول.
وأشارت الهيئة إلى أن إدارة الترميم سوف تقوم، بناء على هذه النتائج، بوضع برنامج بحثى لمعالجة الإصابة بالنمل الأبيض، والذى يهدف أيضاً إلى إصدار كتيب إرشادى لتوفير التعليمات اللازمة للأساليب والتقنيات المناسبة للقضاء على غزو النمل الأبيض، والتى تعانى منه المبانى التقليدية فى منطقة الخليج والعالم.
وكانت الهيئة قد أعلنت عن انتهاء المرحلة الأولى التى شملت أكثر من 140 مهمة فى 25 موقعاً من الأعمال العاجلة لبرنامج ترميم الطوارئ، حيث تفتقر أغلبية المبانى التاريخية المبنية من الطين أو الحجارة فى مدينة العين إلى أسقف أو نوافذ، أما بقايا جدرانها فهى معرضة للعوامل البيئية ومهددة بالتلف والانهيار، وهذه الظروف تهدد بقاء هذه الأبنية الهشة وتتطلب التخل الفورى.
وتراوحت إجراءات الحفظ من الحماية البسيطة كإقامة الأسيجة وتمتين الجدران وتنصيب الأسقف المؤقتة، إلى الإجراءات التقنية كإصلاح الطوب الطينى والصدوع ورصد الاستقرار الهيكلى، وتم التوثيق لكل مهمة فيما كان العمل جاريًا وعند الانتهاء، وهكذا تم إنشاء أرشيف للمعلومات لفائدة قرارات الإدارة والحفاظ المستقبلية.
يذكر أن الهيئة قامت بإطلاق برنامج ترميم الطوارئ فى عام 2008 لتلبية الاحتياجات العاجلة لحفظ هذه المبانى، وتقييم الأضرار واتخاذ تدابير فورية لمساعدتها على البقاء إلى أن يتم اتخاذ مزيد من تدابير الحفظ الأكثر شمولية.