"مفوضى الدولة": قطع الاتصالات أثناء الثورة انتهاك وسلب للحق فى التواصل.. والقرار اخترق خصوصية الأفراد وتسبب فى خسارة المليارات.. والنظام السابق استغل القوانين المنظمة لصالحه

السبت، 30 أبريل 2011 09:18 م
"مفوضى الدولة": قطع الاتصالات أثناء الثورة انتهاك وسلب للحق فى التواصل.. والقرار اخترق خصوصية الأفراد وتسبب فى خسارة المليارات.. والنظام السابق استغل القوانين المنظمة لصالحه المستشار حسام أبو طاقيه والمستشار إسلام توفيق
كتب محمد أسعد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
انتهت هيئة مفوضى الدولة من إعداد تقرير برأيها القانونى فى الدعوى التى أقامها كلا من محمد عبد العال المحامى ومنال طيبى مديرة المركز المصرى لحقوق السكن وعلاء الدين ممدوح، والتى يطالبون فيها منح تراخيص تقديم خدمات الاتصالات عن شركات فودافون وموبينيل واتصالات، لقطعها الخدمة عن المصريين أثناء الثورة ودون سابق إنذار، ما تسبب فى أضرار كبيرة بالمواطنين، حيث أوصت المفوضين بالحكم بقبول الدعوى وإلغاء قرار قطع الاتصالات عن المواطنين، وبأحقية المدعين وجميع من وقع عليهم الضرر فى التعويض الذى تقدره المحكمة.

قالت هيئة المفوضين فى تقريرها الذى أعده المستشار إسلام الشحات بإشراف المستشار حسام أبو طاقيه رئيس الدائرة إن قيام الشركات الثلاثة "فودافون وموبينيل واتصالات" فى 28 يناير الماضى بقطع الاتصالات والمحادثات الهاتفية، والرسائل النصية والصوتية على جميع مستخدمى الشبكات دون سابق تنبيه أو إنذار أو تحذير جاء - وبحسب التصريحات التى صدرت عن هذه الشبكات - انصياعا منها لأوامر وقرارات أصدرها إليهم الرئيس السابق حسنى مبارك وأحمد نظيف رئيس الوزراء الأسبق وحبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق بصفاتهم السابقة، وذلك حسب الاتفاقيات المبرمة بين هذه الشركات والحكومة المصرية والتى تسمح وتبيح للحكومة مثل هذه القرارات استنادا لدواع تعرض البلاد لمخاطر تهدد الأمن القومى.

واستطردت الهيئة: أنه كان من الأجدر بالدولة وعملا بالأمن القومى الحفاظ على جميع مصالح وحقوق أفراد الشعب وتوفير أكبر مساحة للتمتع بالحقوق والحريات بشفافية ونزاهة، وأن تكون الدولة بكافة أجهزتها ومعاونيها حارسة لحقوق الشعب بأكمله وليست سالبة لحقوقه، ومطلقة سلطاتها فى التعسف والعصف بحريات المواطنين وحرمة حياتهم، فى محاولة منها لحماية وتصوير أمن اشخاص معينين وأمن نظامهم السياسى متجاهلين أمن أفراد الشعب الذى هو قوام الدولة وأساس قيامها.

واستكملت "مفوضى الدولة" فى تقريرها: هذا القرار خرج عن نطاق تنظيم خدمات الاتصالات والحقوق والحريات المنصوص عليها بالدستور إلى مجال انتهاك وسلب الحق فى مباشرة الحق فى الاتصال والتواصل واستخدام خدمة الإنترنت بما يقتحم دروبه ويعصف به، وتضمنت اعتداءً على اتصال الآراء وتفاعلها ومقابلتها ببعض، وقوفاً على ما يكون منها زائفاً أو صائباً، بقطع خدمة الاتصالات والانترنت لإعمال رقابة مسبقة وأخرى لاحقة عليها من جهات جاءت بعضها معرفاً والبعض الآخر مجهلاً لمنع التواصل وثورة 25 يناير معتدين بذلك على حرية والاتصال والتعبير باعتبار أن حق الفرد فى التعبير عن الآراء التى يريد إعلانها، ليس معلقا على صحتها، ولا مرتبطاً بتمشيها مع الاتجاه العام فى بيئة بذاتها وجاء القرار الطعين مخالفاً للدستور والقانون، إذ منح الحق فى المادة (67) من القانون على أنه "للسلطات المختصة فى الدولة أن تخضع لإدارتها جميع خدمات وشبكات اتصالات أى مشغل أو مقدم خدمة، وأن تستدعى العاملين لدية القائمين على تشغيل وصيانة تلك الخدمات والشبكات وذلك فى حالة حدوث كارثة طبيعية أو بيئية أو فى الحالات التى تعلن فيها التعبئة العامة طبقا لأحكام القانون رقم 87 لسنة 1960 المشار إليه، وأية حالات أخرى تتعلق بالامن القومى "وقد تم استغلال ذلك من قبل السلطات المختصة دون ان تحدد من هى تلك السلطات المختصة بالتحديد بغرض قطع خدمات الاتصالات والإنترنت، حال كون المهمة المنصبة عليها الرقابة لا تعدو أن تكون عملية فنية هندسية بحتة تتعلق بتوصيل شبكات شركات خدمات التليفون المحمول بشبكات الشركة المرخص لها بما لا صلة له بمفوضين من أية جهة أمنية لممارسة هذه الرقابة التى لا يقرها الدستور أو قانون تنظيم الاتصالات المشار إليه، بل أجازت القواعد ليس وضع الخطوات التنفيذية والقرارات المناسبة لذلك طبقاً لنصوص الترخيص وقانون الاتصالات رقم 10 لسنة 2003 فحسب، وإنما سمحت بتنفيذ قواعد خارجة عن نطاق القانون أسماها القرار المطعون فيه بقواعد أو تعليمات أو قرارات سيادية أخرى مما زاد التجهيل حول طبيعة تلك القرارات السيادية ومفهومها والجهة أو الجهات التى يمكنها إصدار مثل تلك القواعد والتعليمات المتعلقة بالخدمة محل القرار الطعين فأرهق حدودها بما لا تطيق وأفرد لها قيوداً بل ومنع الاستفادة من الخدمة بقطعة للاتصالات والإنترنت بما يخرج عن نطاق التنظيم للخدمة إلى نطاق التقييد الذى يعتدى على الحقوق ذات الصلة بتلك الخدمة رغم عدم حدوث كارثة طبيعية أو بيئية أو توافر أية حالة من حالات التعبئة العامة، أو أى حالة من حالات الأمن القومى بل كانت ثورة شعب سلمية تخرج عن نطاق حالة الطوارئ أو الكارثة طبيعية أو بيئية أو توافر أية حالة من حالات التعبئة العامة أو أى حالة من حالات الأمن القومى عملا بنص المادة 67 من القانون سالف الذكر.

وأكدت هيئة مفوضى الدولة على تصادم أمر قطع خدمه الاتصالات والإنترنت مع حكم المادة (45) من الدستور التى جعلت للمراسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصالات حرمة وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها أو الإطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائى مسبب ولمدة محددة ووفقاً لأحكام القانون، ومن جهة أخرى فإن قطع الاتصالات والانترنت هو إهدار لحرية الرأى المكفولة وفقاً لحكم المادة (47)، وحرية الصحافة والنشر المكفولة بالمواد (48) و(207) و(208) من الدستور، وتجميداً وتعويقاً للحق المكفول للصحفيين بالمادة (210) من الدستور فى الحصول على الأنباء والمعلومات طبقا للأوضاع التى يحددها القانون وأنه لا سلطان عليهم فى عملهم لغير القانون، كما أن (قطع الاتصالات والانترنت) على النحو السالف بيانه بالنصوص المرفقة بالقرار المطعون فيه إنما تمثل كذلك مخالفة صريحة لحكم المادتين (8) و(9) من القانون رقم 96 لسنة 1969 بشأن تنظيم الصحافة لما فى ذلك من اعتداء على حق الصحفى فى الحصول على المعلومات والإحصاءات والأخبار المباح نشرها طبقا للقانون من مصادرها سواء كانت هذه المصادر جهة حكومية أو غير حكومية للصحفى حق نشر ما يتحصل عليه منها بالوسائل المشروعة ومنها خدمة الاتصالات وشبكة الإنترنت، كما تمثل تلك القواعد فرض لقيود تعوق حرية تدفق المعلومات وتحول دون تكافؤ الفرص بين مختلف الصحف فى الحصول على المعلومات ونقلها ومن ثم يكون من شأن ذلك تعطيل حق المواطن فى الإعلام والمعرفة، وهو ما تسبب فى خسارة مليارات الجنيهات .

وعن طلب التعويض المقدم من المدعين قالت الهيئة أن المادة 163 من القانون المدنى تنص على أن كل خطأ سبب ضررا للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض ولحقت بالجميع أضرارا نتج عنها حالة من الفوضى وعدم امكانية تحقق الاتصال البعض بالبعض الاخر للاطمئنان على ذويهم كما أن هناك ضررا قد لحق بأشخاص معينين وبصفتهم الشخصية كحالة المدعين وإن عجزوا عن إثباته بالدعوى فقد خلت أوراق الدعوى عن تحقق أو وجود ثمة ضرر مادى ومباشر قد وقع بالمدعين إلا أننا لا نتجاهل أن هناك ثمة ضرر أدبى ومعنوى تكبد المدعون جرار سلب لحقهم فى مباشرة الحق فى الاتصال والتواصل واستخدام خدمة الإنترنت بما يقتحم حريتهم وخصوصيتهم، وتضمنت اعتداءً على اتصال الآراء وتفاعلها ومقابلتها ببعض فحرية التعبير، وتفاعل الآراء التى تتولد عنها، لا يجوز تقييدها بأغلال تعوق ممارستها، سواء من ناحية فرض قيود (مسبقة) على نشرها، أو من ناحية العقوبة اللاحقة التى تتوخى قمعها، بل يتعين أن ينقل المواطنون من خلالها - وعلانية - تلك الأفكار التى تجول فى عقولهم، فلا يتهامسون بها نجياً، بل يطرحونها عزماً ولو عارضتها السلطة العامة - إحداثا من جانبهم - وبالوسائل السلمية - لتغيير قد يكون مطلوباً • فالحقائق لا يجوز إخفاؤها، ومن غير المتصور أن يكون النفاذ إليها ممكنا فى غيبة حرية التعبير.


إلا أن هذه الأضرار والتعويض عنها تظل واجبة التحقيق حينما يكون هناك طلبات واضحة من اطراف الخصومة فى الدعوى وكل من وقع علية ضرر جراء القرار المطعون فيه والصادر عن جهة الإدارة بإلزام شركات الاتصالات (موبينيل وشركة فودافون وشركة اتصالات) بقطع خدمة الاتصالات عن الهواتف النقالة والإنترنت اعتبارا من 28 يناير 2011 ولمدة خمسة أيام كاملة.

وأخيرا نوهت هيئة المفوضين إلى إن شعباً بحجم وتاريخ وحضارة وأصالة وعراقة وريادة وأخلاق الشعب المصرى لجدير بأن يكون موطناً للأخلاق الفاضلة، وناشراً للقيم الإنسانية الرفيعة متمتعا بكافة حقوقة الدستورية لأن ذلك من أقدس واجبات الدولة ومهامها فى العصر الحديث، وأن ثمة مناطق من الحياة الخاصة لكل فرد تمثل أغوارا لا يجوز النفاذ اليها، وينبغى دوما ألا يقتحمها أحد ضمانا لسريتها وصونا لحرمتها فلا يكون اختلاس بعض جوانبها مقبولا وهذه المناطق من خواص الحياة ودخائلها، كما أن حرية التعبير والتواصل تمثل فى ذاتها قيمة عليا لا تنفصل الديمقراطية عنها، وإنما تؤسس الدول على ضوئها مجتمعاتها صونا لتفاعل مواطنيها معا، وعلى ذلك فإن تقاعس الجهات الإدارية عن اتخاذ الإجراءات التى أوجبتها القوانين واللوائح ومواثيق الشرف لهو دعوة لإطلاق العنان لبذاءات تهدد السلام والأمن الاجتماعى وتضرب الحريات العامة الملتزمة بالشرعية والقانون فى مقتل، بل إن المشرع، وكلما تدخل بلا ضرورة لتقييد عرض آراء بذواتها بقصد طمسها أو التجهيل بها بالنظر إلى مضمونها كان ذلك مفروضا بقوة القانون فى شأن موضوع محدد انتقاه المشرع انحيازا مائلا بالقيم التى تحتضنها حرية التعبير والحق فى الاتصال عن متطلباتها التى تكفل تدفق الآراء وانسيابها بغض النظر عن مصدرها أو محتواها ودونما اعتداد بمن يتلقونها أو يطرحونها، وبمراعاة أن الحق فى الحوار العام يفترض تساويها فى مجال عرضها وتسويقها.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة