صدر حديثا عن دار رؤية للنشر، كتاب بعنوان "النص والاجتهاد فى الفكر الأصولى.. من تقديس النقل إلى تسريح العقل"، للباحثة الدكتورة بثينة الجلاصى.
الكتاب الذى يقع 418 صفحة يستوحى عنوانه من نص ورد فى كتاب لأبى اسحاق الشاطبى بعنوان "الموافقات فى أصول الشريعة"، يذكر فيه حدود الاجتهاد وعلاقته بالنص الشرعى حيث يقول الشاطبى فى هذا الأمر إذا تعاضد النقل والعقل على المسائل الشرعية فعلى شرط أن يتقدم النقل فيكون مبتوعا ويتأخر العقل فيكون تابعا فلا يسرح العقل فى مجال النظر إلا بقدر ما يسرحه النقل.
وتقول الباحثة فى مقدمة عملها، أن النص الأصولى نصا منفتحا بدلالاته لأنه وليد حاجات اجتماعية، وبنية ثقافية حافظت على مرجعياتها وعبرت عن آفاق انتظارها فى مستوى تشريعى يتصل بما هو تداولى حينا وبما هو نص كتابى حينا آخر، غير أن ثمة وجها آخر من وجوه الانفتاح فى النص الأصولى هو ذاك الذى يضمنه فعل القراءة بما فى امكانات للتأويل وإعادة لإنتاج النص انطلاقا من مرجعيات الملتقى السوسيو ثقافية ناهيك عن مرجعياته الإدراكية وهو ما يخول للنص أن يكون منغلقا ببنيته التركيبية ومنفتحا بدلالاته المتجددة وذاك ما عبر عنه ساركنى بقوله" ان كل نص يكون نظاما ولهذا السبب ذاته فهو فى نفس الوقت منفتح ومنغلق.
وتجمع بين أبواب الكتاب روابط عديدة تدور جميعها حول مفهوم النص عند الأصوليين الذى يرتبط بمستوى من مستويات الخطاب باعتبار أنهم قسموا الخطاب إلى أربعة مستويات أولها الظاهر فالنص فالمفسر فالمحكم ولها أضداد أربعة هى الخفى والمشكل والمجمل والمتشابه.
وتضع الباحثة تعريفا للنص قائلة، انه عبارة عن خطاب يبحث فى مراد المتكلم طلبا للمعنى المستفاد من هذا المراد فهو ضرب من القراءة يستأنس بضروب التأويل ويبحث فى القرائن المبثوثة فى ثنايا النص والهادية إلى معنى يتوضح للمتلقى من خلال القرائن اللغوية والمقامية ومن خلال الاستئناس بجملة من المعارف.
ويحوى الكتاب ثلاثة فصول وهم "اجتهاد بالعقل، الاجتهاد فى علاقته بنظام الاجتهاد فى علاقته بالتشريع" ويتناول الباب الأول ثلاثة فصول وهم القاعدة فى علاقتهما بالشريعة، حدود اجتهاد العامى عند ابن حزم من خلال الإحكام فى أصول الأحكام، ورحلة المفهوم والمصطلح إلى كتاب التقريب لحد المنطق من خلال مبحث"، أما الباب الثانى فيتناول فصلين وهما القياس الفقهى الأصولى :صراع خطاب وحجة سلطة، و الشاهد الدينى فى النص الأصولى"، والباب الثالث فيتناول خمسة فصول وهم القياس عند ابن تيمية بين النقض والقبول، القياس عند الشوكانى، القياس بين التأصيل الدينى والدعوة السياسية، صورة النصارى فى المدونة الكبرى للإمام سحنون، وعلاقة الفكر العربى الإسلامى بعلوم الأوائل من منظور استشراقى جولدتزيهر أنموذجا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة