والدى - بارك الله فى عمره - كان دائما ينصحنى بأن الشىء إن زاد عن حده انقلب إلى ضده والأحداث المعاصرة والحديث عن الاستقرار يذكرنى دائما بنصيحة والدى.
فى البداية أريد أن أتحدث عن الاستقرار وارتباطه بالشعب المصرى، مصر دولة زراعية من قديم الزمن اشتهرت بالزراعة والطبيعة الزراعية طبيعة ثابتة فهى تنشئ علاقة بين الزارع والأرض التى يزرع فيها، المجتمع الزراعى يتميز بالثبات الاجتماعى والأسرى فهو مجتمع ثابت و مستقر فى الأرض قليل السفر والهجرة، كما أنه لا يأتى إليه مهاجرون من أراضٍ أخرى، كما أن الاستقرار والثبات يتعلق بالحالة الاقتصادية (مدى خصوبة الأرض وتوافر مصادر الرى والصرف وطبيعة المناخ تفرض عليه مواسم زراعية ثابتة سنوياً) فحالته الاقتصادية تكون شبه ثابتة والثبات الاجتماعى والاقتصادى والمكانى ينشئ حزمة أخرى من استقرار المبادئ والعادات والتقاليد وغيرها.. هذا الاستقرار من سبعة آلاف عام منذ زمن الفراعنة ساعد على استقرار الدولة المصرية بكل عناصرها كدولة، فالأرض ثابتة الحدود تقريباً من عصر الفراعنة والشعب ثابت العناصر وأيضاً السلطة الاستئثارية (فرعون أو ملك أو رئيس ورئيس وزراء ووزارة مالية و عدل و جيش من أبناء الوطن... غيرها) أى السلطة بجميع عناصرها واستئثارها بالحكم موجودة منذ قديم الزمن، أى أن الاستقرار ساعد على إنشاء دولة وبقائها فى شكل الدولة المنظمة كل هذا الزمن رغم الاحتلال وعوامل الطبيعة ومرور الزمن وتغير الأنظمة ولكن كما كان لهذا الاستقرار مميزاته التى لا تعد إلا أنه يعيبه أن أصبح من التكوينى العقلى للشعب المصرى لا ينفصل عنه حتى أصبح هذا الاستقرار هدف مجرد فى حد ذاته وليس وسيلة أو هدف مؤقت وانتقالى لمرحلة أخرى، حاربنا فى أكتوبر وحققنا انتصار عظيم وبعد الانتصار لجأنا للسلام ولكن لمبدأ الاستقرار طبقنا السلام بالطريقة التى تجعلنا وكأننا نحن من خسر الحرب، ويأتى حاكم ظالم ويظل فى الحكم ثلاثين عاماً وخلال كل هذه السنوات نسمع و نرى الفساد كسلوك معتاد يوميا و نصمت فى سبيل الاستقرار و يحدثنا الرئيس المخلوع فى كل خطاباته على ما حققه لنا من استقرار ونحن نفرح وننسى أن الاستقرار وسيلة، فلا نسأله على نتائج الاستقرار.. وظل الحال على ذلك وقامت الثورة وفى عز الأحداث تجد مصريين ممن ظُلموا من النظام السابق ينفرون من الثورة والسبب البحث على الاستقرار وتنجح الثورة فتخرج الأصوات الاستقرار الاستقرار، أنا لست ضد الاستقرار بالعكس أنا معه ولكن أنا أريد الاستقرار الوسيلة وليس الهدف الاستقرار المبنى على أسس للتنمية وليس الاستقرار الشكلى المجرد، أتمنى أن يظل الاستقرار جزء من تكويننا العقلى ولكن أن يتغير شكله من الاستقرار من أجل الاستقرار إلى الاستقرار من أجل التنمية والاستقرار المبنى على منهجية وإصلاحات حقيقية.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة